المحتويات
· الافتتاحية ضد سياسة الحرب والعدوان الإمبريالية
· صفحات… من نضال المرأة العربية
· الندوة النسائية الدولية في عدن
· حول كتاب أوغست بيبل: المرأة والاشتراكية
· السالب والموجب
· امرأة لا تعرف الغضب
الافتتاحية
ضد سياسة الحرب والعدوان الإمبريالية
بمبادرة من الاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي، وبدعوة من الاتحاد العام لنساء اليمن أقيمت في عدن ندوة نسائية تحت شعار (دور النساء في النضال من أجل السلام وضد السياسة العدوانية الإمبريالية في منطقة الخليج والمحيط الهندي).
شاركت في أعمال الندوة مندوبات يمثلن 23 منظمة نسائية من 19 بلداً.
وقد ذكر الرئيس علي ناصر محمد في الكلمة التي ألقاها في الجلسة الافتتاحية كيف أن تحرير المرأة من واقع العلاقات الإقطاعية الاستغلالية القديمة جرت جنباً إلى جنب مع النضال للقضاء على الاحتكارات الأجنبية وبناء الاقتصاد الوطني وجهاز الدولة التقدمي ومع تطوير علاقات الصداقة مع قوى التحرر والسلام والاشتراكية في العالم.
كما لفتت المندوبات الأنظار في كلماتهن إلى الأخطار التي تهدد أمن المنطقة نتيجة التواجد العسكري الأمريكي المكثف في الخليج والمحيط الهندي.
إن انعقاد الندوة في هذه الظروف الدقيقة التي تمر بها منطقتنا العربية، هو تظاهرة حقيقية تعبر عن إرادة الملايين من النساء العربيات لشجب المؤامرات العدوانية التي تقوم بها الإمبريالية الأمريكية وبتنسيق مع حلفائها الغربيين وبتواطؤ مع الأنظمة الرجعية بحجة الدفاع عن أمن الخليج وتأمين وصول النفط إلى الدول الرأسمالية.
ومنذ بداية الثمانينات تشهد المنطقة تسعيراً جديداً للحرب الباردة حيث أقيمت شبكة من القواعد العسكرية الأمريكية في كينيا والصومال وعمان إضافة إلى قواعد في البحرين والسعودية وجرت مناورات عسكرية في مصر لقوات التدخل السريع وحشدت السفن الحربية الأمريكية والبريطانية والفرنسية في الخليج وتقوم إسرائيل المخفر الأمامي للإمبريالية بشن غارات متكررة على جنوب لبنان كما تقوم بإرهاب وقمع وحشي ضد النساء والطلاب في الأرض المحتلة، كما تعلن بوقاحة ضم القدس والتوسع في سياسة الاستيطان.
إن توقيع اتفاقية كامب ديفيد التي تشكل تحالفاً إمبريالياً بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل والسادات كان بداية تصعيد خطير للمؤامرة الإمبريالية في المنطقة، والتي تهدف إلى شق الصف العربي وإركاع الدول التقدمية وإضفاء صفة الشرعية على الاحتلال الإسرائيلي وضمان الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة ومنحه حق الوصاية على النفط والثروات الوطنية الأخرى وضمان السرقة المزدوجة للبترول وعائداته بتهديد مباشر من الدرك الأمريكي المحمول (قوات التدخل السريع).
والفصل الثاني من المؤامرة كانت الحرب العراقية ـ الإيرانية المشبوهة والتي نالت ثناء بريجينسكي سيء الصيت. وها هي الأيام تظهر أكثر فأكثر مدى تورط حكام العراق في اللعبة الإمبريالية في حربهم التي شنوها ضد إيران هذه الدولة الصديقة والتي أعلنت منذ الأيام الأولى للإطاحة بحكم الشاه أنها مع العرب في خندق واحد ضد الإمبريالية والصهيونية كما أعلنت دعمها المعنوي والمادي غير المحدود للشعب العربي الفلسطيني في ضمان حقوقه المشروعة وإقامة دولته المستقلة. وأعلنت اعترافها بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني وأغلقت سفارة إسرائيل في طهران وحولتها إلى سفارة للشعب العربي الفلسطيني.
إن شعب العراق الشقيق بنسائه ورجاله وأطفاله الضحية الأولى لحرب الغطرسة والتآمر يصيب نيران الحقد واللعنة على من جعل البنادق تتجه إلى الأصدقاء لا إلى الأعداء.
إن جبهة التحرير والتقدم في مصر والتي يتصلب عودها يوماً بعد يوم ستضع حداً لعربدة الناطور الخائن الذي باع أرض وسماء وماء مصر للإمبريالية الأمريكية والصهيونية.
إن جماهير النساء في بلادنا تدرك مدى خطورة الهجمة الإمبريالية الجديدة على منطقتنا، وتراقب التحركات المشبوهة بمزيد من اليقظة والحذر ولكنها تعلم جيداً أنه لا يمكن إرجاع عقارب الزمن إلى الوراء فعهد الاستعمار البغيض ولى إلى غير رجعة وقوى التحرر والثورة بفصائلها المختلفة أصبحت قوة جبارة لا يمكن قهرها.
صحيح أن الإمبريالية تزداد شراسة باستفحال الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في أوصالها، ولكن قوى التحرر والتقدم في العالم تزداد عدة وعدداً، وهي تدرك اليوم أكثر من أي وقت مضى: أهمية التلاحم بين صفوفها، وقد جاء توقيع اتفاقية الصداقة والتعاون بين الجمهورية العربية السورية والاتحاد السوفييتي مثلاً ساطعاً لهذا التلاحم وتتويجاً لعلاقة صداقة تاريخية نمت وترعرعت في ساحات النضال والبناء.
إن جماهير النساء في بلادنا ستبرهن من جديد أنها مازالت كما كانت دوماً مع التقدم والتحرر، وأنها ستقف اليوم أيضاً وبكل قوة في وجه كل التهديدات والمؤامرات.
إن سورية التي يتميز تاريخها المعاصر بالنضال العنيد ضد كافة أشكال الاحتلال والاستعمار والأحلاف ستقف اليوم أيضاً ضد جميع أشكال المؤامرات من الداخل أو من الجوار أو من وراء البحار. إن ندوة عدن كانت الرد السريع لنسائنا على قوات التدخل السريع ولن يكون هذا الرد الوحيد ولا الأخير.
صفحات… من نضال المرأة العربية
مما يثير الاهتمام، ارتباط الحركة النسائية العربية بالنضال الوطني ضد الاستعمار. فنهوض المرأة في بداية القرن، كان من النهوض الوطني العام. وطلب المرأة حقوقها، ومساهمتها في الحياة السياسية والعملية، كان من طلب الشعب حقوقه.
لقد اختفت، مع الأسف، هذه الصورة عن اشتراك المرأة في المعركة الوطنية، من كتبنا الدراسية. وعلى الباحث أن ينقب عن ذلك في الأرشيفات ليجد أن نساء مصر وعلى رأسهن هدى شعراوي، اشتركن اشتراكاً فعالاً في مظاهرات ضخمة سنة 1919. وأن نساء سورية تظاهرن في المرجة في أول أيام الاحتلال الفرنسي. وأن نساء بنت جبيل في لبنان هجمن على السجون مع الرجال وأخرجن المعتقلين منه.
إن الحاضر الذي يبدو حافلاً بنضال المرأة الفلسطينية هو مرتبط بالأمس الذي لم تقصر فيه المرأة عن المساهمة الفعالة في الحركة الوطنية والنقابية ومن أجل الحريات الديمقراطية لقد كان بين شهداء الحركة النقابية في لبنان عاملة شهيدة. وكانت جماهير النساء في اليمن بين المناضلين ضد الاستعمار الإنجليزي. واستشهدت رجاء حسن في الصدام الحاد بين النهوض الشعبي وبين حرس الاستعمار في الأردن. وفي الجزائر كانت جميلة بوحيرد المثل على اشتراك النساء الواسع في المقاومة المسلحة. وفي العراق كانت النساء بين الجماهير التي قابلت دبابات نوري السعيد. وقد نقلت الأنباء أن النساء كن في صدر مظاهرات الدمام التي قمعت بالنار.
حدثت مساواة المرأة بالرجل على أرض الواقع المر. فسجون الرجعية العربية، والاحتلال، لم ترفض استقبال المرأة. وعاملتها بالقسوة والقمع التي عومل بها الرجل وحيث كانت المرأة تأخذ مكانها كعدو طبقي أو وطني لتلك الرجعية ودعائمها، كانت تتهدم الأكاذيب عن احترام المرأة والرفق والرأفة بها.
ففي سنة 1959 سيقت فتاة من غزة، في الثامنة عشرة من عمرها، هي صهباء البربري، إلى سجون القاهرة، وفي سجن القناطر أمضت النساء سنوات من السجن دون محاكمة وبينهن من حملت السلاح في أيام العدوان على بور سعيد. وفي السجون بغداد عذبت النساء. ولم تكن رقة المرأة أو ما يقال عن ضعفها سبباً لحسن معاملتها، بل سبباً للعدوان عليها، وللاستناد إلى التقاليد والضغط العائلي للإجهاز عليها.
إن المرأة هي المنطقة التي تشتبك فيها تناقضات وأزمات المجتمع. فتعاني من الظلم الاجتماعي الذي يخضع له مجموع الشعب، ومن الاضطهاد الذي ينزل بالمستضعفين فيه. فهي مستعمرة الأخ والأب، وهي قوة العمل الرخيصة التي تمنع عنها الفرص، وتنال الأجر الأقل، وتحرم من الوظائف الهامة، وتحرم من التقاعد، تحت ستار وجود العائل المساعد. مع أنها غالباً ما تكون المعيلة للأسرة. وهي في الوقت نفسه المواطنة التي تتحمل أزمات الوطن وما ينزل به من مؤامرات وفتن وأزمات.
إلا أننا رغم ذلك، لا نعرف في حركة ونشاط النساء العربيات تطرفاً يفجره ذلك الضغط الخانق فيعلن تحرر المرأة في معزل عن تحرر الوطن السياسي والاجتماعي. فقد فهمت المرأة أن طريق تحررها يمر بطريق تحرر وطنها. فهي لا يمكن أن تكون حرة في وطن محتل. ولا يمكن أن تكون آمنة في وطن مهدد. وهي لا يمكن أن تنال حقوقها في الأجر المتساوي والفرص المتساوية إذا كان التفاوت الاجتماعي موجوداً، وإذا كان عمل الأطفال موجوداً.
بذلك تميزت مواقف المرأة العربية، وكانت في اتجاهها الصحيح. وهي من خلال اشتراكها الفعال في حركة التحرر الوطني والسياسي والمقاومة الوطنية المسلحة، تبرهن على جدارتها وتمشي خطوات نحو تحررها.
لقد اضطهدت المرأة العربية بصفتها مناضلة سياسية ومواطنة، من جهة، وبصفتها أماً وأختاً وزوجة من جهة أخرى. وهي تستطيع في الوضع العربي الحاضر بصفتها مواطنة في بلاد حشدت فيها القواعد العسكرية والأساطيل والطفيليات وبصفتها أماً وأختاً وزوجة تهتم بالأمن لأولادها وبالقوت لعائلتها، تستطيع أن تحشد قواها وتحارب ذلك العدو الخارجي وامتداده الطفيلي في الداخل. لأنها هي المعنية أولاً، وهي التي تشعر بأن ضياع الاستقلال يهدد قوتها ومصير أبنائها. وقد روى القادمون من القاهرة أن مظاهرة نسائية عفوية من نساء شعبيات، خرجت تحتج على الغلاء وهي تهزج أهازيج شعبية تدين السادات بالغلاء، على صوت قرع القباقيب. لقد ربطت هؤلاء النساء الشعبيات ربطاً طبيعياً واعياً، الغلاء الذي يعانين منه بالسياسة الساداتية المستسلمة للاحتلال الإسرائيلي والأمريكي، وما تستتبع من فتح الأسواق وانهيار الاقتصاد الوطني.
إن المرأة ليست ظهراً يتلقى الاضطهاد فقط. إنها قوة ضخمة ضرورية في النضال ضد الاستعمار لتحقيق المهمات الموضوعة في المرحلة الحاضرة: التصدي للمراكز الأمريكية التي تحاول إغراق المنطقة العربية بكامب ديفيد واقتلاع الاستقلال الوطني، والمكتسبات التي بناها الشعب منذ الخمسينيات حتى اليوم، وفيها بعض ما نالته المرأة من حقوق.
الندوة النسائية الدولية في عدن
دور النساء في النضال من أجل السلام وضد السياسة الإمبريالية العدوانية في الخليج والمحيط الهندي
عقد في عدن، جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية الندوة النسائية الدولية للفترة من 8 – 10 تشرين الثاني تحت شعار (دورا لنساء في النضال من أجل السلام وضد السياسة الإمبريالية العدوانية في منطقة الخليج والمحيط الهندي) وذلك بناء على دعوة من الاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي والاتحاد العام لنساء اليمن الديمقراطية.
اشترك في الندوة 23 منظمة نسائية من 19 بلداً من بينها 12 منظمة نسائية من البلدان العربية ومنظمات من الهند وأفغانستان ومنظمات نسائية أفريقية (أثيوبيا مثلاً) ولجنة النساء من أجل المساواة العرقية والاقتصادية في الولايات المتحدة الأمريكية. وشاركت على نطاق واسع المنظمات النسائية في البلدان الاشتراكية بالإضافة إلى اتحاد النساء الديمقراطي العالمي ومنظمات عالمية أخرى كاتحاد النقابات العالمي، واتحاد الشباب الديمقراطي العالمي ومجلس السلم العالمي، واتحاد الطلاب العالمي، ومنظمة التضامن الأفروـ آسوية.
حضر جلسة الافتتاح الرفيق علي ناصر محمد السكرتير الألو للجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني رئيس هيئة رئاسة مجلس الشعب الأعلى رئيس مجلس الوزراء، وقد ألقى كلمة أكد فيها على الجوهر الطبقي التقدمي للسلطة فيا ليمن الديمقراطي ونضالها الثابت ضد كافة المخططات الإمبريالية والرجعية التي تهدف إلى تقويض النظام التقدمي في اليمن والسيطرة على مناطق الثروات الطبيعية في الخليج والمحيط الهندي. وأكد كذلك على استمرار نضال بلاده من أجل السلم والأمن والاستقرار في العالم وتعزيز العلاقات الكفاحية مع حركات التحرر الوطنية العربية والعالمية وتأييد سياسة الانفراج الدولي وتخفيف حدة سباق التسلح وحظر الأسلحة النووية وأشاد بالوحدة الليبية ـ السورية التي تعتبر تعزيزاً لدور سورية الطليعي في التصدي للمخططات الإمبريالية وضد مؤامرة كامب ديفيد الخيانية ومن أجل إحباط مؤامرات الرجعية الداخلية وعلى رأسها عصابة الإخوان المسلمين المجرمة.
وأثنى على معاهدة الصداقة والتعاون السورية ـ السوفييتية التي جاءت تتويجاً للعلاقات التاريخية بين البلدين والشعبين. وقدر تقديراً عالياً الدعم الذي يقدمه الاتحاد السوفييتي الصديق لحركات التحرر العالمية ودعمه لحكومة وشعب جمهورية اليمن الديمقراطية في بناء مجتمعهم الاشتراكي الجديد والمساعي التي يبذلها الاتحاد السوفييتي من أجل إحلال سلام دائم في العالم.
قدمت كافة الوفود مداخلات أكدت فيها على أهمية انعقاد هذه الندوة في عدن حيث عكست تقدير الحركة النسائية العالمية لتجربة اليمن الديمقراطية ومواقفها الثابتة في النضال المعادي للإمبريالية والرجعية والصهيونية في سبيل ترسيخ السلم والتقدم والاشتراكية.
كما وأكدت كافة الوفود على أهمية دور النساء في الكفاح ضد الإمبريالية والاضطهاد والعنصرية وضرورة استمرار النضال من أجل إحباط المخططات الإمبريالية التي تهدد أمن وسلام الشعوب في العالم وأدانت النساء تزايد الوجود العسكري الأمريكي في منطقة الخليج والمحيط الهندي عن طريق زرع القواعد العسكرية وتحديثها وتوسيعها متذرعة بما يسمى بمنطقة المصالح الأمريكية في المنطقة وطالبت بجعل منطقة الخليج والمحيط الهندي منطقة سلام واستقرار وبوقف الحرب العراقية الإيرانية التي تستنزف الثروات الاقتصادية للبلدين وتهدد أمن شعوب المنطقة.
ودعت النساء لتشديد النضال وتوحيد الجهود من أجل إحباط النشاطات الإمبريالية والصهيونية الشرسة ودعم حركات التحرر الوطنية في العالم ومساندة الشعب الفلسطيني ف نضاله من أجل حقوقه المشروعة وإقامة دولته المستقلة على أرضه.
صدر في ختام الندوة بيان أكدت فيه المندوبات عن تضامنهن مع نساء الخليج والمحيط الهندي وأعربن عن قلقهن لتدهور الوضع واستفحال مخاطر السياسة العدوانية للولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (ناتو) والصهيونية الساعية إلى تحقيق الهيمنة والسيطرة على ثروات الشعوب، مما يؤدي إلى تعريض السلم العالمي لخطر حرب مدمرة وهذا يفرض سؤالاً حول مصير البشرية جمعاء.
واستنكرت النساء تزايد الوجود العسكري الأمريكي في الخليج والمحيط الهندي الذي يهدف إلى زعزعة الأنظمة التقدمية فيها وإلهاء الشعوب بحروب محلية بدلاً من التصدي لمخططاتها الإمبريالية ومنها مؤامرة كامب ديفيد.
وأدانت المندوبات السياسة الإمبريالية الأمريكية التي تفرض مزيداً من السيطرة وتهدد أمن وسيادة شعوب المنطقة عن طريق إقامة القواعد العسكرية في عمان ومصر والصومال والبحرين. وناشدت العراق وإيران لوقف الحرب التي تخدم المصالح الإمبريالية فقط، وحل النزاعات بينهما بالطرق السليمة.
أكدت النساء أن السبيل الوحيد للتوصل إلى حل عادل لمشكلة الشرق الأوسط هو الاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني بما فيها حقه في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة على أرضه
توجه البيان إلى كافة النساء للنضال جنباً إلى جنب مع سائر قوى السلام في العالم من أجل عمل مشترك لإحلال سلام دائم في العالم.
بهية الأطرش
ممثلة الرابطة في المؤتمر
حول كتاب أوغست بيبل: المرأة والاشتراكية
في عام 1879 صدر كتاب بيبل “المرأة والاشتراكية” وقد احتفل في العام الماضي بذكرى مرور مائة عام على هذه الحدث في عالم طرأت عليه تحولات كثيرة. فلقد انتصرت الاشتراكية في جزء كبير من العالم خلال عملية ثورية مفعمة بالنضالات وأمكن بذلك ولأول مرة إزالة استغلال الإنسان للإنسان وما نجم عن ذلك من تمتع المرأة بالمساواة مع الرجل من حيث المكانة الاجتماعية ومن حيث الظروف الموضوعية لاستكمال تحررها.
عبأ كتاب بيبل العالم التقدمي بأسره وأصبح في السنوات التي أعقبت صدوره كتاباً تعليمياً بالنسبة للحركة الثورية العالمية. أما بالنسبة للحركة النسائية البروليتارية فقد أصبح كما قيل في حينه، “كتاب لكل الكتب” بوصفه استيعاباً ودفاعاً عن التعاليم الماركسية بشأن القضية النسائية وبصورة يسهل على جماهير الشعب فهمها.
كان بيبل ينطلق في كتابه كما في جميع مقالاته من معاداته للإيديولوجية السائدة آنذاك والتي تدعي بأن “خضوع المرأة للاستعباد هو أمر طبيعي” وكان يهتم دائماً بالنضال المحدد ضد الاستغلال الذي لا رحمة فيه والتي كانت المرأة تعاني منه.
ولم يقتصر على رسم صورة المرأة المتحررة في المستقبل وعلى توضيح ظروف تحررها بل كان مؤلفه بمثابة اتهام عنيف للنظام القائم على الاستغلال وفضحاً لرياء الرأسمالية وإعلاناً للحرب ضدها.
من العوامل الأخرى التي جعلت لكتاب بيبل أهمية هو أن عدد النساء الاشتراكيات كان ما يزال قليلاً بالقياس لمهام الحاضر وبالقياس لجماهير النساء المضطهدات في صفوف البروليتاريا ولم يكن من الممكن تحقيق الربط بين المرأة والاشتراكية ونشوء حركة واعية تضمن في صفوفها العاملات إلا إذا أدركت جماهير النساء الجوهر الفعلي للمجتمع الذي يعشن فيه وتعانين منه وماهية القوانين التي يستند عليها النظام الرأسمالي من نشأته حتى اندثاره. وكان بيبل يسعى إلى تحقيق هذا المقياس من فهم النساء بالذات وإدراك دورهن في الماضي وتعبئتهن في النضالات السياسية المثيرة في الوقت الحاضر وتوجيههن نحو المستقبل الاشتراكي.
كانت المسألة النسائية قد أدرجت منذ البداية في النظرية الثورية التي أبدعها مؤسسا الاشتراكية العلمية وكان شعار “يا عمال العالم اتحدوا” يعني أيضاً قسم البروليتاريا من النساء أي العاملات اللواتي كن يعانين من وطأة الاستغلال والاضطهاد وبمقياس أشد مما كان يعانيه الرجال. وشرح بيبل الرأي الماركسي عن علاقة تحرير المجتمع بأسره من جانب الثورة الاشتراكية وبين تحرير المرأة. كذلك شرح دور العمل المهني في تغيير وتحرير الإنسان والمرأة خصوصاً التي تحتاج إليه لتتمتع بمساواتها مع الرجل في الحقوق ولتحقيق سعادتها ورفاهية ورخاء المجتمع كله.
وليس باستطاعة مقالة صغيرة أن توجز كتاب أوغست بيبل هذا غير أننا نورد فقرات منه لما لها من أهمية في حياتنا:
“تاريخ المرأة هو تاريخ اضطهادها”
بين المرأة والعامل شيء مشترك هو أن الاثنين مضطهدان. لقد حدثت بعض التعديلات شكلاً على هذا الاضطهاد حسب الزمان والبلدان غير أنه ما يزال قائماً. خلال التاريخ أدرك المضطهدون في بعض الأحيان اضطهادهم وأدى هذا إلى تبدلات وانفراج في أوضاعهم غير أنهم لم يستطيعوا تحديد طبيعة هذا الاضطهاد الحقيقية. فعند المرأة كما هو الحال عند العامل لم يتحدد هذا الوعي إلا في أيامنا هذه.
كان ينبغي أولاً معرفة طبيعة المجتمع الحقيقية والقوانين التي كانت في أسس تطوره قبل شن حملة لها بعض الحظ بالنجاح لوضع حد لأوضاع معترف بجورها. إن أهمية واتساع حركة كهذه تتوقف على وعي الطبقات المغبونة وعلى حرية التحرك التي تمتلكها.
ويعتبر هذه الصلة المزدوجة، فالمرأة أدنى مرتبة من العامل سواء بالعادات أو التعليم أو بما أعطيت من حرية. إن الأوضاع التي تستمر لأجيال عديدة تصبح عادات: إن الوراثة والثقافة تجعلانها تبدو “طبيعية” لكلا الجانبين المعنيين. وهكذا ترى المرأة حتى اليوم إلى وضعها المتدني كشيء حتمي بحد ذاته. ويصعب كثيراً أن تظهر لها أن وضعها لا يليق بها وأن عليها أن تسعى لتكون في المجتمع عضواً له جميع حقوق الرجل ومساوياً له في جميع العلاقات.
وإن كانت نقاط التشابه عديدة بين وضع المرأة والعامل فهناك فارق أساسي هو أن المرأة هي أول إنسان قاسى من العبودية، كانت عبدة قبل أن يوجد العبد.
كل تبعية اجتماعية تجد جذورها في تبعية المضطهد (بفتح الهاء) الاقتصادية لمن يضطهده. ومنذ أقدم الهصور ووضع المرأة هكذا كما يعلمنا تاريخ تطور المجتمع الإنساني.
لا يمكن أن تتحر البشرية من غير أن يتحقق الاستقلال والمساواة للجنسين.
“مسألة المرأة مظهر للمسألة الاجتماعية”
إننا معاصرو تطور اجتماعي كبير يزداد اتساعاً يوماً عن يوم. إن حركة وانتفاضة في الأفكار تظهران في جميع طبقات المجتمع بشدة متعاظمة. الكل يلاحظ أن الأرض تسحب من تحت أقدامه وبرزت طائفة من الأسئلة يجري نقاش في الاتجاهين حول حلها. ومن أهم ما يطرح القضية المسماة ـ مسألة المرأة ـ .
أي مركز يجب أن تحتله المرأة في هيئتنا الاجتماعية. كيف يمكنها أن تنمي كل طاقاتها وكل إمكاناتها لتصبح عضواً كاملاً في المجتمع يتمتع بحقوق الجميع ولتستطيع أن تعطي وتوسع نشاطها إلى أوسع مداه؟ من وجهة نظرنا تختلط هذه المسألة مع البحث عن معرفة ما هو التنظيم الذي يجب أن يتلقاه المجتمع البشري ليقيم مكان القمع والاستغلال والبؤس والفاقة تحت مختلف أشكالها إنسانية حرة ومجتمعاً صحيحاً معافى من الناحية الطبيعية والاجتماعية. فقضية المرأة ليست بالتالي في رأينا سوى جانب من جوانب القضية الاجتماعية العامة التي تشغل هذه الأيام كل العقول وتحرك كل الأفكار. وهكذا لن تتمكن من تحقيق حل نهائي لها دون إزالة التناقضات الاجتماعية واختفاء الآلام الناجمة عنها.
السالب والموجب
أحلم أن عندي صديقة، أحدثها وتحدثني، فتغمرني السعادة، أستيقظ لأرى أن الحلم كان حلماً فأبكي.
بهذه الكلمات البسيطة البليغة عبرت رندة عن مسيرة الهوان التي اجتازتها عبر ثلاثة عشر عاماً من عمرها وهي تحدث توفيق حلاق.
ماذا تريد رندة؟ تريد سقفاً يرد عنها المطر وإنساناً تحدثه، تحدثه عن خوفها، عن مرضها عن ألمها، أما الأمل فهو ترف بالنسبة للأمثال السائلة الصغيرة.
إنها تمد يدها الصغيرة تطلب دريهمات تسد بها رمقها وتشتري عيدان ثقاب تنفي بها الظلمة والبرد، تسير في دروب العذاب تطاردها الحجارة، والليل ليل البؤساء تأوي الصغيرة إلى البيوت المهجورة كقطة مذكورة تفترش إحدى الزوايا وتغمض جفنيها على يوم أسود آخر. أنا لا أستغرق في النوم أبداً لأنني أخاف، أخاف الأشرار، ماذا لو اعترض سبيلك أحدهم؟ … أستجير بالناس عليه…
اخفى الموت أمها، وتوارى الأب مع زوجته الجديدة في أحشاء المدينة الكبيرة، والأخ يكدح في سبيل اللقمة، والعمة تشهد المأساة والفقر يكبل يديها، تهمس لابنة أخيها أن اذهبي إلى السالب والموجب إنه فرصتك الأخيرة.
استوقفت الطفلة المارة لا لتطلب صدقة بل لتسأل عن عنوان معد البرنامج.
وتلتقي الصغيرة بمن تحدثه، ويبدأ الحوار، الحوار الأمنية، قبله لم تعرف رندة سوى المونولوج الداخلي تسأل ولا مجيب تسأل عن الجرم الذي ارتكبته لتجني ما تجني، تسأل عن الذنب ومن المذنب؟ من المذنب الحقيقي؟
غيرها من الأطفال أعطوا النطق ليلثغوا بالأحرف الأولى، ويقرأوا الكتب وينشدوا الأناشيد ويتهامسون مع أترابهم. هل كتب عليها أن لا تنطق إلا بطلب الإحسان؟
بعد ثلاثة عشر خريفاً من رحلة العذاب تجد الطفلة إنساناً حقيقياً تحادثه، تجد من يسأل عن اسمها هذه الاسم الذي كادت أن تنساه، أصبح اسمها (الشحاذة).
بدأ الحوار وتسمرت أعيننا على الشاشة الصغيرة، هذه النافذة التي تفتح كل أسبوع مرة ولنصف ساعة تفتح على قاع المدينة تسلط الأضواء على آلام التعساء والبؤساء والمرضى والمشردين إن معظم أبطال السالب والموجب هم من النساء والأطفال المواطنين الأكثر معاناة من نير الجهل والفقر والتقاليد البالية العمياء.
أعجب الناس ببرنامج السالب والموجب منذ انطلاقته الأولى لأن صاحب البرنامج حمل الكاميرا ونزل إلى الأحياء الفقيرة والبيوت القديمة والقرى النائية، يجالس البسطاء والفقراء ينقل أحاديثهم بلا تزييف ولا تشويه، يسلط الأضواء على واقعهم مهما كان هذا الواقع مراً فالشجاعة هي في مواجهة الواقع.
إن أبطال السالب والموجب يعيشون بيننا، هم أخوات وأبناء لنا، إنهم أناس حقيقيون يتكلمون عن أنفسهم بلسانهم هم، إنهم لا يجيدون قراءة السيناريو، ولا يعرفون المكياج تظهرهم العدسة على حقيقتهم بلا ديكور ولا رتوش إنها حقيقة تصفع وتلاحق.
إن معد البرنامج الذي يقتحم الأزقة الموحشة والأحياء القديمة التي يخيم عليها الفقر والجعل والتقاليد البالية، يحمل المتخمين إلى أكواخ الحرمان. إن الحلاق هو قاسم أمين وبعد الرحمن الكواكبي لهذا الزمان سلاحاه الكاميرا وحبه لوطنه وشعبه، وإلا لكان اختار الاستوديوهات المريحة والبرامج المخملية والأفلام المرشحة للمسابقات الدولية. كان يذهب إلى الناس والآن يأتي الناس إليه.
لقد سمعنا في المقابلة الأخيرة مع الصغيرة رندة ما لم نقرأه في نتاج أقدر الأدباء، وما شهدناه على وجهها من بؤس وعلى شفتها من ارتعاش يعجز عن تصويره أعظم المخرجين وفي صوتها الحزين سمعنا سيمفونية العذاب.
بالأمس رندة وقبلها فادية وفاطمة وغيرهن كثيرات أما من حل لهن ولمثيلاتهن، إذا جار أب أو ماتت أم أليس الوطن هو الأم والأب؟
إن المشكلة لا تحتاج إلى جهد عسير، وقد سبقتنا الجزائر وتونس إلى حلول ملموسة في هذا المجال. إن هؤلاء الفتيان والفتيات هم قوى منتجة يمكن ويجب إيجاد دور لهم يتعلمون فيها إحدى المهن التي تحفظ كرامتهم وتعود على الوطن بالخير.
امرأة لا تعرف الغضب
هل رأيت الفقر يطل بوجهه البشع من الباب، والنوافذ، والجدران، يمد لك لسانه من كل زاوية من زوايا (المنزل)، يطل من عيون الأطفال، متحدياً كل ما تملكه من مشاعر إنسانية وغير إنسانية؟
هل رأيته مرة يتحدث عن نفسه صارخاً، متباهياً، متبجحاً، دون أن ينبس ببنت شفة؟… أنا رأيته بكل قبحه، وفظاعته، لقد استقبلني بلا حفاوة على باب ذلك المنزل، إذا كان لي أن أسمي ذلك المكان الذي دخلته منزلاً، استقبلني مختلطاً برائحة نفاذة غريبة، وقادني إلى غرفة توصلك إليها بضع أحجار رصفت فوق بعضها هكذا… لا تملكين وأنت تتسلقينها، إلا أن تشعري بالقلق والخوف على أطفال عشرة يصعدونها يومياً بعدد ساعات النهار.
ويزول عجبك بعد أن تدخلي (الغرفة المنزل)، كيف أسمي ذلك؟ لا أدري… فكل ما وجدته، أربعة جدران، وسقف ونوافذ دون زجاج، وطفلة في سنتها الثالثة ملقاة هناك في الزاوية… تفترش كيساً مما يباع فيه البصل، وتسند رأسها على بقايا خرق بالية، وأخرى حسبتها في شهرها الأول، وعرفت بعد ذلك أنها لم تتخط عامها الأول، ترقد على ما أسمته أمها سرير عرسها، والذي احتل ثلث مساحة الغرفة، وما تبقى أرض عارية يحتلها ليلاً بالإضافة إلى الوالدين تسعة من الصغار أكبرهم في العاشرة والأكبر له قصة أخرى…
بدأت حديثها: أرجوك لا تعيبي علينا ما ترينه، فالأمر ليس بيدي، الحمد لله على كل حال، فهو الذي كتب علينا ذلك، وهو يبلي وهو يعين؛ والله أنا أبذل جهدي في التنظيف يومياً ولكن أطفالي وسخين، أنظفهم وأتعب معهم، ثم يعودون من الحارة كما ترين… (وتسمي الزقاق القذر الذي يقود لمنزلها حارة أيضاً)، وأنظر إلى الأطفال الذي بدأوا التحلق حولنا وأتخيلهم نياماً فوق بعضهم على البساط وفرشة الخرق التي قالت الأم إنها تفرشها لهم ليلاً، وأحتار… ماذا علي أن أقول؟… وتلاحظ حيرتي وتعاطفي فتفتح قلبها وتنطلق في الحديث تنتقل من قصة لأخرى. قصة زواجها المبكر، وقصة عمل زوجها، وبطالته، وتشرده، وهجره لها، إلى قصة أمه وكيف كانت تعمل خادمة لقاء ثلاثمائة ليرة تصرف على الأطفال، إلى ابنها الذي ترك المدرسة ليعمل صانع حذاء، ولا يساهم مع ذلك في مصروف البيت، إلى ابنتها التي أصيبت بالسحايا، ولم تسجل في المدرسة إلى أن بلغت التاسعة، ولا تنفع للدراسة، والتي ترسلها بعد المدرسة إلى (بيوت الناس الطيبين) للخدمة لقاء بضع ليرات، إلى صغيرتها التي يتحنن عليها المحسنون بالحليب أحياناً فتهدأ وتنام كما هي حالها الآن، والدواء الذي لا تملك ثمنه والكساء والغذاء… و… و….
وأعود إلى نفسي فأسأل:
– ولكن ألا يعمل زوجك؟
– ليس لزوجي صنعة محددة، لا يقرأ ولا يكتب، ولا يملك شيئاً. فماذا تريدينه أن يعمل، لقد تنقل من عمل لآخر دائماً، وكلما طرد من عمله أو اختلف مع صاحب العمل، يتشرد فترة حتى يجد من يعطف عليه، ويشغله، وقد عمل مرة بأجر طيب، ولكن الله أعمى قلبه وأوقعه في امرأة أخرى هجر بيته وأطفاله من أجلها، وكان يصرف عليها ما يحصله.
وهجرت البيت بدوري مع أطفالي إلى بيت أهلي، ولكن ما يفعله أهلي بي وبأطفالي؟ هو أبوهم ومجبور فيهم، ـ عندها عملت والدته في المنازل كما أخبرتك ـ وعندما ترك عمله مرة أخرى عاد للمنزل، واستغفر عما بدر منه، ومنذ رمضان وجد عملاً آخراً، والآن وضعنا جيد نأكل ونشرب…. “عايشين”. نظرت إلى الأطفال مرة أخرى من الواضح أنهم “عايشين” لكن كيف؟…
من قال: للصبر حدود، ومن القائل “القناعة كنز لا يفنى”؟ ومن منهما كان على حق؟
– لكن لماذا عشرة أطفال يا أم….؟
بابتسامة خجلة أجابت: ماذا كان بإمكاني أن أفعل، أنا أيضاً لا أقرأ ولا اكتب، ولم ينوّرني أحد، ولم أعرف يوماً طريقة أمنع فيها نفسي من الإنجاب، صدقيني الأولاد يكسرون الظهر (فصدقتها).
وتابعت: لولا الصغار ما ترددت عن العمل، مثل أختي التي رأيتها قبل قليل هنا. إنها تعمل في المنازل لتعيل زوجها العاطل عن العمل والمريض بالقلب، وأطفالها السبعة.
– ولكنها حامل كما لاحظت؟
– نعم في الشهر الخامس، لكن إذا لم تعمل ماتت جوعاً مع صغارها.
– وأطفالها من يعنى بهم في غيابها؟
– أختهم الأكبر، كانت في الصف الخامس العام الماضي، كان ماشي حالها، أخرجتها أمها من المدرسة لتعينها على إخوتها.
– أخرجتها من المدرسة؟ ألا تشفق عليها من مصير كمصيرها؟
– ما العمل؟ هل لديك حل آخر؟
أخيراً تساءلت عن حل…
طيلة حديثها لم تتأفف، لم تتساءل عن سبب بؤسها وأطفالها، لعلها لم تسمع مرة واحدة عن امرأة يحق لها الغضب.
هل أقول لها ما قاله أبو ذر الغفاري قبل قرون: “إني لأعجب من رجل لا يجد قوت يومه كيف لا يخرج للناس شاهراً سيفه”.
يا صديقتي البائسة التي بلّدها الفقر والجهل وكتم حتى الآهة في نفسها، بالطبع هناك حل… وهو في الاشتراكية التي تتفيأ ظلها الوارف، وتنعم بمزاياها شعوب وبلدان متزايدة العدد في عالمنا. أن الحل الذي تنشدين يا صديقتي هو في انضمامك أنت أيضاً إلى قافلة المناضلين الذين تتزايد أعدادهم في بلادي، من أجل بناء هذا المجتمع الاشتراكي الذي لا مكان فيه لمأساة كمأساتك، ومعاناة كمعاناتك، مجتمع لا مكان فيه لاستغلال، ولا جهل ولا فقر مجتمع الأمومة المطمئنة الهانئة، والطفولة السعيدة.