المحتويات
· لنا كلمة..أولى الطلقات
· بيان من رابطة النساء السوريات لحماية الأمومة والطفولة
· لقاء في شركة الكاميليا
· بيننا وبينكن
· مواسم الأعياد
· ذكراهن خالدة: المناضلة المصرية سيزا نبراوي
· أسود وأبيض
· استراحة
· فردوس عبد الحميد: على هامش مهرجان دمشق السينمائي: مزنة عباس
· رسالة إلى كل نساء بلدنا من أندع
· زاوية تربوية:مسألة الصدق والصراحة عند الأطفال
· رعاية الأمومة والطفولة في بلغاريا: الدكتور ن.أ
· عرض للأطفال قدمه الألمان: مزنة عباس
· رسالة إلى غزاة لا يقرؤون: شعر سميح القاسم

لنا كلمة
أولى الطلقات
القاتل يقتل ولو بعد حين… والزناة يرجمون بالحجارة… الأجنة تخنق في الأرحام… ورعب الصهاينة من الأجنة العربية ليس جديداً إنهم كابوس يجثم فوق صدور الغاصبين… غولدا مايير كانت تستيقظ في الليالي مذعورة تردد: الآن ولد فلسطيني جديد.
العالم عجز عن رجمهم… تستر على أكبر عملية زنى واغتصاب عرفها تاريخ البشرية.
الطفل العربي في الأرض المحتلة حاكم، وأصدر الحكم، واتخذ قراراً بالتنفيذ… على ظهورهم حقائب المدرسة… بأيديهم الغضة الطرية “أطلقوا” الحجارة الأولى.. أمهاتهم ولدتهم من أجل ذلك… يقفن إلى جانبهم يذدن عنهم كيد عتاة المجرمين، بأيد عارية خلت من المجوهرات… بملابس عتيقة لم تستورد يخفين فلذات الأكباد عن عيون البوم…
تلك القبضات الصغيرة المعبودة ارتفعت تقول للمغتصب: لا… نحن ولدنا أحراراً وسنبقى كذلك نريد أن ننمو ونترعرع في جو من الحرية والسلام فوق أرض عربية حرة نحن أصحابها، وإلا فلا…
شيوخ… نساء.. فتية.. فتيات… وأطفال في مختلف الأعمار شم الأنوف.. عزل إلا من كلمة الحق… عراة إلا مما يستر الأجساد… عيون غاضبة وقلوب لا تعرف الخوف وإرادة لا تعرف الهوان.. تلك هي أسلحة شعب الانتفاضة الباسل. بها هزوا عرش الظلم والظلام.. وأجبروا العالم (الحر) أن يلتفت إليهم. حتى أولئك الذين كانوا أصل المصيبة، وأساس البلاء وعرابي عملية الاغتصاب وشهودها، ومباركيها، لم يجروا هذه المرة إلا أن يبدوا “امتعاضهم” من أسلوب ربيبتهم في مقاومة كلمة حق يقولها شعب طال انتظاره لحل عادل لمشكلته الفريدة المتفردة، والنفط العربي يغذي مصانع الأسلحة الإمبريالية الموجهة إلى الصدور العارية.
أما الأصدقاء، أما شعوب العالم المتطلعة إلى الحرية والسلام، فقد رفعت الرأس عالياً وهتفت طويلاً للرواد.. وقد تنامى الأمل لديها، فهي ترى فيما يجري سنداً كبيراً للمساعي المبذولة من أجل إحلال السلام العادل والدائم في الشرق الأوسط… من أجل “فرض” السلام، من أجل فرض الحل… فالحلول السلمية تفرض بالقوة أيضاً.. ولا تستجدي أبداً.
شعب المعاناة والقهر قال كلمته.. بقي أن نقول نحن كلمتنا.
صوت المرأة، العدد 1، 1988

عاش الثامن من آذار يوم المرأة العالمي
بيان من رابطة النساء السوريات لحماية الأمومة والطفولة
يا جماهير النساء
أيتها العاملات والفلاحات
أيتها المثقفات وربات البيوت…
يطل يوم المرأة العالمي، هذا العام، وانتفاضة الشعب العربي الفلسطيني البطولية ضد الاحتلال الصهيوني تدخل شهرها الرابع وهي أشد ما تكون زخماً وإصراراً على بلوغ أهدافها.
بوركتم أبناءنا يا أطفال الحجارة والمقلاع، بوركتم إخوتنا وأخواتنا في الضفة وغزة والقدس والخليل وفي كل قرية ومخيم من الأرض الفلسطينية المحتلة، بوركتم يا أبناء جولاننا الحبيب..
لقد قلبتم حسابات الإمبرياليين والصهاينة، وألقمتم المتخاذلين ودعاة كامب ديفيد ألف حجر وحجر، وكشفتم للعالم أجمع ممارسات حكام إسرائيل العنصرية والنازية..
إن شعب سورية نساءً ورجالاً، الذي اعتبر دائماً قضية الشعب الفلسطيني قضيته هو أيضاً وقدم من أجلها آلاف الشهداء يتطلع اليوم إلى الانتفاضة بكل الحب والفخر والاعتزاز وهو يعرب عن تضامنه الحازم والكامل معها وعن استعداده لمدها بكل أسباب الدعم والمساندة من أجل أن ترتفع الراية الفلسطينية فوق روابي فلسطين ومدنها وقراها. وفي سبيل ذلك لنعمل جميعاً من أجل أن يستعيد مثلث الصمود السوري الفلسطيني الوطني اللبناني كل فعاليته ومن أجل أوسع تضامن عربي معاد للإمبريالية والصهيونية ولتعزيز علاقات الصداقة والتعاون مع الاتحاد السوفييتي وبقية البلدان الاشتراكية.
أيتها الأخوات
يا جماهير النساء…
عاماً بعد عام يكتسب الاحتفال بعيد المرأة، طابعاً أكثر شمولية. وإلى جانب الدول الاشتراكية والعديد من الدول التقدمية التي حييه كعيد وطني تقديراً للدور العام الذي تلعبه المرأة، أخذ يزداد اهتمام المنظمات الديمقراطية الوطنية والعالمية بما في ذلك هيئة الأمم المتحدة، بيوم المرأة العالمي، وبخاصة بعد أن تلمست الدور الفعال لنساء العالم في النضال من أجل صيانة السلام العالمي ونزع السلاح وحفظ الحياة على الأرض وصيانة الحضارة الإنسانية. ويتسع هذا الاهتمام لدى جماهير النساء في سورية أيضاً.
أيتها الأخوات..
لقد حققت المرأة السورية عبر نضال شاق عدداً هاماً من الإنجازات، فقد ازداد دورها في حياة البلاد الاقتصادية والاجتماعية وكذلك السياسية، وتطورت مشاركتها في عملية الإنتاج وفي العملية التربوية، ودخلت مختلف الميادين بما في ذلك مجلس الشعب ومجلس الإدارة المحلية والمؤسسات الاجتماعية والإدارية المختلفة.
ورابطة النساء السوريات لحماية الأمومة والطفولة تتوجه إلى جماهير النساء، في المعمل والقرية، وإلى الشابات أينما كان عملهن، وإلى ربات البيوت لبذل المزيد من النشاط من أجل زيادة دور المرأة السورية في مختلف المجالات.
وتقدر النساء السوريات عالياً نهج سورية الوطني والدور الهام والأساسي الذي لعبته وتلعبه في مواجهة المخططات الإمبريالية والصهيونية في المنطقة وفي التصدي للمشاريع الاستسلامية وإحباطها.
ومن أجل تدعيم نهج سورية الوطني وزيادة فعاليته ودوره، وتوسيع مساهمة النساء في حياة البلاد. فإن المرأة السورية تناضل في سبيل:
1- إيجاد حل عاجل للأزمة الاقتصادية التي عاني منها البلاد وتنوء بثقلها على عاتق الجماهير الشعبية وبخاصة جماهير النساء والأطفال.
2- إيقاف الغلاء المتصاعد وتحقيق التوازن بين الأسعار والأجور.
3- توفير فرص العمل للقادرات عليه لتحسين مستوى الأسرة المعاشي، ولرفع مساهمة المرأة في حياة البلاد السياسية والاجتماعية.
4- تحقيق المساواة التامة مع الرجل، وتطوير قانون الأحوال الشخصية بما يتلاءم مع روح العصر وكرامة المرأة.
5- وضع حد لنشاط البرجوازيين الطفيليين والبيروقراطيين وسائر المحتكرين والمتلاعبين بقوت الشعب.
6- إيجاد حل سريع لأزمة السكن التي تشكل عائقاً جدياً أمام استقرار الأسرة وبخاصة الشابة منها.
7- توسيع الخدمات الاجتماعية والصحية، وبخاصة في الريف ونشر دور الحضانة ورياض الأطفال وخلق الظروف الملائمة لتوسيع مشاركة النساء في مختلف مجالات النشاط السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
في يوم المرأة العالمي نوجه أسمى تحيات الإكبار والإعزاز إلى أخواتنا الفلسطينيات في الأرض المحتلة وخارجها، واللواتي سيحتفلن بالعيد هذا العام على طريقتهن في تصعيد الانتفاضة والتعبير عن إرادة شعبهن.
تحية إلى نساء جولاننا الحبيب، أخوات غالية فرحات، المتمسكات بأرضهن ورايتهن الوطنية.
تحية إلى بطلات المقاومة الوطنية اللبنانية رفيقات لولا عبود وسناء محيدلي وحميدة الطاهر.
تحية إلى أخواتنا في العراق والسعودية والبحرين، المناضلات ضد أساليب القمع ومن أجل الديمقراطية.
تحية إلى أخواتنا في مصر والأردن والمغرب المناضلات ضد المخططات الرجعية الاستسلامية.
تحية إلى نساء الاتحاد السوفييتي وباقي البلدان الاشتراكية، اللواتي يذدن عن سلام العالم، وعن حريات الشعوب، ويقدمن الدعم والمساندة لنضال شعبنا ضد الإمبريالية والصهيونية.
تحية إلى نساء أفغانستان ونيكاراغوا وأنغولا المناضلات من أجل حماية إنجازاتهن ومن أجل التقدم.
تحية إلى المناضلات ضد التمييز العنصري والأبارتيد في أفريقيا الجنوبية.
تحية إلى المنظمات النسائية في العالم، وإلى جميع المناضلات من أجل التحرر والديمقراطية والسلم.
تحية إلى الاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي.
رابطة النساء السوريات لحماية الأمومة والطفولة
صوت المرأة العدد 1 ـ 1988
في شركة الكاميليا
لقاء
هي عاملة في شركة كاميليا لصناعة البسكويت، جاءت إلينا منذ مدة قصيرة… لقد كانت ضمن مجموعة تقارب المئتين من العاملات والعمال الذين سرحهم رب العمل تسريحاً مؤقتاً كما يقول، ولكن هذه الصبية الماثلة أمامي تخشى أن يكون التسريح دائماً فليس هناك مواد أولية لتشغيل المعمل.
شركة كاميليا… تقع على أطراف مخيم فلسطين وهي قطاع عام. عدد العاملين فيها 250 عاملاً وعاملة.
المواصلات إليها متعبة وشاقة… ليس لديها وسائل نقل تنقل العامل إلى مكان عمله، فهو يضطر إلى المجيء عن طريق المواصلات العامة، ومع تفاقم أزمة المواصلات يضاف عبء جديد على كاهل العامل.
– ومع ذلك ليست هذه المعاناة الوحيدة.
تضيف الصبية قائلة:
– مشكلتنا الأساسية إننا في خوف دائم من التسريح… فنحن نسرح تسريحاً مؤقتاً قبل انقضاء ستة أشهر كاملة لئلا نثبت… فهناك قانون يثبت العمال بعد ستة أشهر وبهذه العملية يصار إلى إلغائه وعدم تطبيقه.
= وما عدد العاملين المثبتين؟
– قليل جداً لا يصل إلى الواحد من الخمسة من مجموع العمال.
= كيف يجري تثبيت العمال؟
– يأتي التثبيت فجائياً وهو لا يخضع لقاعدة… يمكن أن ترفع أسماء بعض العمال كل أربع سنوات لتثبيتهم ولكن التثبيت يخضع دوماً لمزاج الإدارة وهي التي تقرر القبول أو عدمه. لذلك قد يبقى العامل أكثر من 20 سنة دون تثبيت.
= لماذا لا تعودون إلى نقابتكم؟
– لقد روجعت النقابة في ذلك وهي تحاول القيام بعمل في هذا الشأن، غير أنه محدود جداً، وتبقى الإدارة هي المسيطرة.
= كم عدد ساعات العمل؟
– 8 ساعات أما المعاشات فهي 800 ل.س لا يطرأ عليها زيادة أبداً لأن الزيادة للمثبتين فقط، ولكن قد يطرأ عليها نقص، إن العامل الموسمي (أي غير المثبت) عرضة لقطع قسم من معاشه على ضآلته. أما الحوافز فهناك بعض منها غير أنها أصبحت قليلة جداً فقد وصلت عند العامل الموسمي إلى 50 ل.س فقط.
= هل معنى ذلك أن الإنتاج يتناقص؟
– لا! إن الإنتاج الشهري هو فوق الخطة الموضوعة. وذلك بجهود العمال وتشديد وتيرة العمل. والمعاشات والحوافز لا تتناسب أبداً مع الإنتاج، فالمكافآت توزع في الإدارة ويبقى القليل منها للعمال.
= والتأمينات الاجتماعية؟
– نحن نطالب بتطبيقه ومساواتنا بغيرنا من العمال في الحقوق ويقال عندنا أنه في هذا العام سيخضع الجميع لهذا القانون.
= هل يطبق لديكم قانون الضمان الصحي؟
– الطبابة ليست مجانية تماماً. يأخذون 15% من ثمن الدواء والطبابة، وهذا يعد تراجعاً فقد كانت الأدوية مجانية من قبل. وإذا احتاج العامل إلى عملية جراحية فهو يجريها على حسابه كما يقطعون 50% من المعاش في الإجازات المرضية. أما إصابات العمل فالتعويض عنها قليل جداً مهما كانت خطيرة.
= هل هناك مخاطر يتعرض لها العمال عندكم؟
– هناك مخاطر كثيرة فقد أصيب عدد من العمال بالربو بتأثير الروائح المنتشرة في المعمل ومن غبرة السكر والطحينة. كما أن الكهرباء في المعمل غير محفوظة وهناك أخطار منها ما يتعلق بالآلات إذ لا يمكن إيقافها بالسرعة المطلوبة عندما يتعرض العامل لإصابة عمل.
= ومكان العمل؟
– إنه قذر وغير صحي ووضع المعمل غير مقبول أبداً كما لا يوجد عمال تنظيف ونحن ملزمون بهذا العمل.
= وماذا عن الخدمات المقدمة للعمال؟
– عندنا مؤسسة استهلاكية ولكنها خالية تماماً وقد حاولوا ملأها بالمواد التموينية عندما جاء وزير الصناعة لزيارة المعمل.
= هل هناك روضة لأطفال العاملات؟
– لا روضة أطفال عندنا لذلك فقد اضطر عدد من الأمهات إلى ترك العمل.
أما الإجازات فهي على حسابنا (كعمال موسميين) ونحن نطالب بأن تكون على حساب الشركة.
هذا بعض ما قدمته لنا هذه العاملة، وربما كان غيضاً من فيض، ونحن لم نكن نتصور أن تجتمع في شركة واحدة الاعتداءات المبطنة والعلنية كلها على حقوق العمال.

بيننا وبينكن
الصديقات العزيزات
يصدر العدد الأول من صوت المرأة لعام 1988 ومعه لنا كلمة نقولها.
انطلاقاً من القناعة الراسخة، بدور الكلمة الحرة سلاحاً فعالاً في المعركة من أجل بناء مجتمع متحرر، ديمقراطي حضاري متطور، تقوم “صوت المرأة” بمحاولات جدية من أجل التطوير والتجديد في النظرة إلى قضايا المرأة والمجتمع، جاهدة أن تتحول بحق إلى صوت المرأة السورية الداوي، من أجل طرح مشاكلها، وتسليط الأضواء على همومها، علها تساهم بقسط في معركة البناء الاجتماعي الذي تلعب المرأة السورية فيه دوراً أساسياً وفعالاً.
إن الجهود المبذولة في هذا السبيل لقيت ارتياحاً عبرت عنه رسائل القارئات، ولكن أيتها العزيزات… كما يقول المثل: يد وحدها لا تصفق، نقول: إننا بحاجة لدعم ملموس منكن. إن الدعم المعنوي هام يشحذ هممنا ويدفعنا لبذل المزيد من الجهود… ولكن مقالاتكن ومعاناتكن اليومية، الصغيرة منها والكبيرة ستشكل بحق، العنصر العام في دفع مجلتكن إلى أمام.
إننا ندعو قراءنا وقارئاتنا، لانتقادنا بشدة في حال التقصير وندعوكم أيضاً للمساهمة بقسطكم في طرح أبرز القضايا التي تهم المرأة السورية، ريفاً ومدينة، أما، ربة البيت، زوجة، وأختاً، عاملة وعاطلة عن العمل، حرة ومقيدة، راضية مرضية، وثائرة تصبو إلى المزيد…
بانتظار المزيد من آرائكن، واقتراحاتكن، مقالاتكن، وخواطركن ومطالبكن.
لكن منا أطيب التحيات النضالية، وأغلى الأماني الصادقة في سعيكن الدائب من أجل توسيع الحريات الديمقراطية، من أجل المساواة التامة، ورفع مستوى المرأة السورية ومساهمتها في مختلف ميادين الحياة ومن أجل أن يعم الرخاء وتدوم الابتسامة على وجوه الأطفال.
هيئة تحرير صوت المرأة
صوت المرأة العدد 1 ـ 1988
مواسم الأعياد
الأعياد مواسم… مواسم تغمر القلوب بالفرحة والسعادة. يتلقى الناس منها التهاني والهدايا يفرحون ويزور بعضهم بعضاً ويشرق النور في القلوب.
وعيد المرأة… يوم الثامن من آذار موسم عيد عظيم… ومناسبة رائعة لها خصوصيتها، فالمرأة تحتفل اليوم بعيدها وهي التي عانت عبر الأجيال طمس دورها في الحياة وهي التي تحفظ خيط الحياة من الانقطاع.
وفي العالم… تقطف الورود لتشكل باقات تهنئة لها.. وفي مجاهل أفريقيا وغابات الأمازون وروابي الهند والسند… وفي كل بقعة من بقاع العالم يعني هذا العيد انطلاقة كبرى لتحرر المرأة من بقايا القرون الماضية انطلاقة كبرى نحو المساواة والعدالة… نحو مزيد من مشاركتها في تحرير بلادها وتقدمها وازدهارها… نحو حياة سعيدة وهانئة.
وهذا ما يعنيه عيد المرأة في بلادنا أيضاً.
وفي العيد تقدمن الهدايا… والمرأة عندنا ماذا تنتظر.. أعليها أن تختار ما أكثر ما تحتاج… إنها تقف اليوم حائرة.. فالحياة تزداد ضيقاً يوماً بعد يوم وهناك سباق غير متكافئ بين الأسعار والدخل والأطفال مع ذلك يحتاجون إلى الطعام والشراب والملبس والدفتر والكتاب والحليب والبيض والزبدة و و و وماذا أيضاً لا نستطيع أن نعد… تقف حائرة فهي لا تعلم لمصلحة من تقف مع أطفالها على حافة الحرمان… وسرعان ما تعرف أن ما ينتزع من أفواه أطفالها يصب ذهباً أحمر في صناديق كبار التجار والسماسرة حيث يسعى كل منهم إلى تهريب ما ينهبه فلا يحرم الصغار منه وحسب بل ويحرم البلاد كلها… ليشتد الخناق من جديد.
والمرأة في بلادنا لا ينقصها الشعور بالواجب… المشاعر الوطنية والإنسانية عالية جداً وتعرف أن بلادنا في مواجهة مع العدو. ولكنها تعلم أيضاً أن رفع مستوى المعيشة ذلك دعم لجبهة الصمود وتتسمر أنظارها اليوم على شاشات التلفزيون وهي تنقل إليها صور الشرف والكرامة فتنفعل وتدمع الأعين تأثراً وحماسة وقد تتمنى لو ارتمت على ذلك الفتى الفلسطيني الصغير الذي أخذ الفاشيست يكسرون منه الأيدي والأرجل ظناً منهم أن مطر الحجارة سينقطع… تتمنى لو ترتمي فوقه تحميه بجسدها كما تحمي الأم وليدها الصغير.
إنها المشاعر الوطنية والإنسانية وهي ذات صلة وثيقة بمشاعر الأمومة التي تحتضن الجميع.
هذه الأم الحبيبة وتلك الأخت الرقيقة والزوجة المخلصة تحتفل اليوم بعيدها… عيدها أن يسلم الوطن ويزدهر ويدخل في أثواب من السعادة والرخاء.
فيا أيها الإخوة والأزواج ويا أيها الأبناء والأحفاد… عبروا لها عن فرحتكم بعيدها… عن امتنانكم لها… قدموا لها ورده على الأقل.
وأنتن يا صبايا فلسطين ويا أمهاتها… ماذا يقدم إليكن الإخوة والأبناء… إنها وردة الدم المقدسة… أغلى الهدايا.

ذكراهن خالدة
المناضلة المصرية
سيزا نبراوي
– إحدى رائدات النضال من أجل حقوق النساء المصريات ونائبة رئيسة الاتحاد النسائي الديمقراطي الفخرية.
– ولدت عام 1897، وحصلت على ثقافة متينة وإنسانية.
– انخرطت منذ صباها في العمل ضمن الأوساط الاجتماعية التقدمية.
– في أيام ثورة 1919 كانت سيزا مناضلة طليعية في النضال ضد الهيمنة الكولونيالية البريطانية. وعملت بلا كلل من أجل الاعتراف بدور النساء في المجتمع. وناضلت بعزم وإصرار من أجل المساواة.
– أول امرأة مصرية نادت بتحديد سن الزواج للبنات بـ 16 سنة.
– عام 1923 أصبحت أول مؤسسة لمنظمة نسائية مصرية، اتحاد النساء المصريات.
– شاركت مع هدى شعراوي ونبوية موسى في مؤتمر عالمي عام 1923 في روما باسم اتحاد النساء المصريات وبعد عودتهن إلى مصر وفي المطار نزعت النساء الثلاث الحجاب أمام الملأ كإعلان صريح وعلني عن رغبة وطموح المرأة المصرية في المساواة والتحرر والمشاركة المتساوية في حياة ونضال شعبهن.
– كانت أول رئيسة تحرير لمجلة نسائية صدرت عام 1925 “المصرية”.
– غادرت عالمنا في الخامس والعشرين من شباط 1985.
–

صوت المرأة، العدد 1، 1988
أسود وأبيض
تشير الإحصائيات الرسمية حول أوضاع المشردين إلى وجود أكثر من 100000 عائلة مشردة في بريطانيا إلا أن العدد الحقيقي لهذه العوائل يبلغ الضعف، وذلك من جراء انخفاض ميزانية الإسكان في ظل حكومة تاتشر وكذلك في ألمانيا الغربية فإحصاءاتها تشير إلى وجود 100000 مشرد غير أن المؤسسات الخيرية تذكر بأن عدد المواطنين الذين لا يجدون مأوى لهم يزيد على ضعف الرقم المذكور.
وفي الوقت الذي تبلغ فيه نفقات التسلح في الولايات المتحدة الأمريكية أكثر من نفقات تسلح أية دولة أخرى في العالم إذ بلغت ترليون دولار سنوياً نجد في ظل حكومة ريغان ونيويورك تعتبر واحدة من أغنى مدن العالم إلا أن شوارعها أصبحت مأوى للمشردين ونصفهم من النساء اللواتي يعشن وحيدات مع أطفالهن وتشير الأرقام الرسمية إلى وجود 35000 عائلة مشردة و300000 ألف مواطن يتهددهم التشرد.
وتظهر تجربة البلدان الاشتراكية نجاحات عديدة في حل مشكلة السكن ففي سنة 2000 سيتم توفير وحدة سكنية لكل عائلة سوفييتية.
وفي ألمانيا الديمقراطية يسعى برنامج الإسكان الذي يعتبر جوهر السياسة الاجتماعية للبلاد والذي يتم تبنيه منذ عام 1971 يسعى إلى توفير شقة لكل عائلة حتى سنة 1990.
صوت المرأة، العدد 1، 1988

الرغيف
الرغيف يركض أمامه وهو يركض خلفه، وكلما حاول الاقتراب منه ابتعدت المسافات عنه… ويبدأ الركض من جديد.
خبز… خبز.. كلمة تدمي قلبه وعينيه.
خبر.. ما أكثره عندهم… وما أبعده عنه.
هو يركض ويتعب ليحصل عليه وما يلبث أن يبتعد بلمح البصر، بينما هم حين ينادونه يلبي النداء ويأتي إليهم ليقول لهم: “ها أنذا”.
رغيف خبز بين أيديكم أتمنى أن أنال إعجابكم وتأكلوني.
وينال الإعجاب إذا كان مقمراً وأحياناً أخرى يرمى في الزبالة إذا لم ينل الإعجاب. وهذا يركض ويركض والأفواه خلفه تنادي: خبز… خبز.. كلمة تصعقه… ماذا يفعل ليرضي الرغيف ويقترب منه؟
تتشابك الحبال تجعل من نفسها حلقات مدورة، وتشنق الأمنيات، تركض الأحلام لتختبئ من ظلمة الليل، فيسدل الليل حبالاً تخنق الأحلام.
وهذا الذي يحلم برغيف خبز… هذا الذي أمنيته رغيف خبز حلال يركض في الظلمات تاركاً وراءه أفواهاً جائعة تنادي: خبز.. خبز.
خبز… خبز… تقع في أذنيه من بعيد تصيب قلبه كالرصاص حين يصيب الهدف، خبز… كلمة سخيفة عندهم،
هو يركض ويبحث عن رغيف خبز ليطعم به الأفواه الصغيرة الجائعة، وهم يترفعون ويطلبون الكنت والبارفان.
لا نريدك مقمراً أيها الرغيف وإنما نريدك مهما كنت وكيف جئت…
لن نرضى أن نرميك في الزبالة والأفواه تناديك: خبز… خبز رغيف من خبز..
تبتعد الأحلام عنه… تبتعد الأمنيات، ويبقى واحدة من هذا العالم يبحث عن رغيف خبز، والحبال أمامه تحاول أن تبعده عن رغيف الخبز فينهكه التعب ويجلس ليرتاح، لكن الرغيف لا يتعب، ولا يرتاح، فهو يركض دائماً لقد جعلوه لأن يركض ويبتعد… بعيداً… بعيد.
لقد جعلوه ليكون أمنية عنده، ولكن الأمنيات عنده تموت… والأحلام تبتعد..
لكن لا… لن تموت عندي الأمنيات..
لن تعيقني الحبال في البحث عنك أيها الرغيف.
لن يتعبني الركض وراءك…
فلابد من يوم تأتي أنت إلينا لتقول لنا:
“هيا كلوني فأنا ملك لكم كلكم”.

صوت المرأة، العدد 1، 1988
فردوس عبد الحميد
على هامش مهرجان دمشق السينمائي
الضجة التي تثيرها أفلام المهرجان توازيها ضجة أخرى دائماً وهي ضيوف المهرجان.
ففي كل عام توجد لدينا رغبة التعرف بالفنان الجيد وفي هذا العام كان لبعض ضيوف المهرجان وقع خاص ومميز في النفوس وخاصة حضور الفنانة فردوس عبد الحميد مثلاً.
قد يتبادر للذهن في الوهلة الأولى أن هذا الاسم يحمل صدى نظراً لكونها نجمة من مصر. وها له وقعة عامة في نفوس الناس عندنا. لكنني أمام ذلك أعود إلى مهرجان دمشق السينمائي الرابع لأجد “النجوم” بالمعنى السائد لهذه الكلمة “نجوم الشباك” مثل نبيلة عبيد وبوسي وسهير المرشدي… أعود لأتذكر الرجال والشباب الذين ركضوا لأخذ الصور التذكارية معهم والصبايا الصغيرات الحالمات اللواتي ركضن إلى “نور الشريف” رغم أن الخير قدم في السينما العربية أعمالاً هامة وقيمة إلا أن ذاكرة الصبايا تحتفظ بصورة الشاب المحب الوديع… هكذا كان الأمر في مهرجان دمشق السينمائي الرابع أما في المهرجان الخامس كان الصدى مختلفاً وكذلك الرهبة وحب من نوع آخر. فردوس عبد الحميد لم تداعب أخيلة وأحلام المراهقين ولم تنعش كبت المسنين، لاسمها وقع الفنانة الحقيقية التي رسمت عبر أعماله روح المرأة بكل أبعادها، المرأة العظيمة بحبها وكرها وتضحيتها وعطائها.
استقبلت بطلة “ليلة القبض على فاطمة” و”قال البحر” و”عصفور النار” الجمهور استقبل فناً يحمل رسالة خطيرة… ولهذا كان حضور فردوس له وقع خاص جداً وإحساس الجمهور بأنها فنانة غير عادية لا تقبل بالأعمال الرخيصة ومما يؤكد موقف فنانتنا المميز هذا عدة مواقف منها:
قبل شهور قليلة من بدء المهرجان شاركت فردوس بإضراب الفنانين في مصر دفاعاً عن حقوقهم الديمقراطية كما أنها شاركت في الإضراب عن الطعام وعندما طالبها الأطباء بالكف عن الإضراب بسبب “الحمل” قالت: “أنا لا أقبل أن يأتي ولدي في زمن البلطجة”.
والإعجاب والاحترام من الناس لهذه الفنانة نابع من مواقفها وأعمالها المميزة ولم يكن اختيارها في المهرجان الخامس كعضوة في لجنة التحكيم إلا تكريماً للمرأة بحد ذاتها وليس للفنانين المصريين فقط كما ذكرت الفنانة فردوس عبد الحميد وسنورد مثالاً في أيام المهرجان يدلنا على جمهورها الواسع فبينما كانت الفنانة فردوس متجهة إلى صالة التحكيم أوقفتها سيدتان في الخمسين من عمرها، يضعن الملاءة على رأسيهما لكن الوجه بادياً للعيان والفرح بلقاء الفنانة كبيراً واحدة منهما أخذت تمسد بيدها على بطن السيدة فردوس قائلة “الله يحميه، الله يخلصك بالسلامة، الله ينصرك على أعدائك، الله يكون معك ومع من هم مثلك” والثانية حكت لها عن أوجاعها فشاركتها فردوس بالسؤال عن مرضها ونصحتها وتمنت لها الشفاء وقبل أن تغادرهما شدتها إحداهما وقالت لها: “نحن نحب كل الذين يشبهونك في مصر”.
هذا نموذج من حب الجمهور للفنان الحقيقي مما يؤكد أن شعبنا يستطيع ببساطة التمييز بين الفن الحقيقي والفن الرخيص ويحب ويعجب بمن يدافع عنه وعن قضاياه وآلامه وفردوس نموذج حقيقي للفنان الذي نحتاجه ونطالب بأمثاله…
مزنة عباس

صوت المرأة، العدد 1، 1988
رسالة إلى [كل نساء]
بلدنا من اندع
يتوجه اتحاد النساء الديمقراطي الدولي بهذه الرسالة إلى كل نساء العالم مناشداً إياهن أن يطبعن احتفالات هذا العام بيوم المرأة العالمي بفعاليات منسقة توظف في اتجاه جعل معادة تصفية الصواريخ المتوسطة والقريبة المدى قانوناً.
نعتبر توقعي أول معاهدة في التاريخ حول نزع السلاح النووي في أواخر العام الفائت حدثاً غاية في الأهمية. ولكن المطلوب أن يصادق عليها برلمانا الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي. ولا تقتصر أهمية هذه المعاهدة على كونها تصفي فئة كاملة من سلاح الإبادة الجماعية. فهذه المعاهدة الجماعية. فهذه المعادة تمهد التربة أيضاً لمزيد من المعاهدات الهادفة إلى نزع السلاح بشكل كامل مثل معاهدة تقليص الأسلحة النووية الاستراتيجية بمقدار 50 بالمئة وحظر السلاح الكيميائي وتخفيض الأسلحة التقليدية. ولقد شارك الكثير منكم في مؤتمر النساء العالمي الذي جرى في حزيران الماضي في موسكو حيث تحدثت مبعوثات كل القارات عن نضالهم من أجل نزع السلاح وضد خطر الحرب وفي سبيل بناء عالم لا يعرف الحرب.
وجاء في شعار المؤتمر العالمي “من أجل السلام والمساواة والتطور وتصفية السلاح النووي قبل عام 2000” تعبيراً عن قناعتنا بأن السلام ونزع السلاح مسألتان تخصان النساء أيضاً لأن النساء لا يرين إمكانية حل المشاكل حلاً عادلاً إلا في ظل السلام. وتريد النساء انتهاز كل فرصة لتوجيه الموارد التي تهدر بشكل لا إنساني في صناعة سلاح الإبادة الجماعية إلى تلبية احتياجاتنا ـ السلام والمساواة والتطور.
وتعد المعاهدة مرحلة هامة من هذا الطريق. ولكننا رأينا إن طريق نزع السلاح طريق وعر وصعب وأن خصوم المعادة ونزع السلاح عامة ذوو نفوذ، الأمر الذي يؤكد أهمية مواصلة الضغط من جانب الرأي العام وخاصة ملايين النساء اللواتي يناضلن من أجل السلام العالمي واللواتي ساعدت أعمالهن في توقيع هذه المعاهدة. ومن الضروري مضاعفة الضغط كي تصبح المعاهدة قانوناً ساري المفعول ولا تبقى حبراً على ورق وقد بدأت المناظرة في موضوع المصادقة على المعادة في مجلس الشيوخ الأمريكي في منتصف كانون الثاني فيما سيجري التصويت النهائي في أواخر آذار وبداية نيسان كما تقرر
وعلى سبيل المثال يمكن أن تزور وفود النساء السفارات الأمريكية والسوفييتية في بلدانها. ويمكن أن ترافق هذه الزيارات حملات جمع التواقيع على النداءات والعرائض. ويمكن إرسال رسائل إلى أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي تدعوهم إلى التصويت إلى جانب المعاهدة. ويمكن تنظيم المسيرات والتظاهرات أمام السفارات لنفس الغرض. ويمكن إحياء فعاليات مماثلة تستهدف حكومات بلدانهم كي تضم صوتها إلى الدعوة للمصادقة على المعاهدة. ونظن أن إحياء مختلف الف6عاليات والتظاهرات في إطار يوم المرأة العالمي من شأنه أن يسمع العالم كله صوت المرأة المناضلة من أجل نزع السلاح والعدالة والمساواة.
فلنبذل الجهود كي تصبح معاهدة تصفية الصواريخ المتوسطة والقريبة المدى قانوناً وأول علامة على الطريق المفضي إلى عالم خال من السلاح النووي.

صوت المرأة، العدد 1، 1988
زاوية تربوية
مسألة الصدق والصراحة عند الأطفال
المعروف أن الأبناء يأتون إلى الحياة وهم عجينة مرنة والآباء يقومون بالإشراف الفعلي على تكوينها إضافة إلى عوالم بيئية متعددة أخرى، أي أن العملية التربوية هي عملية اكتساب وليست وراثة، لذا لا يمكن القول إن طفلي صالح منذ مولده أو طالح منذ مولده.
وكثيراً ما يجزع الآباء عندما يكتشفون بابنهم الكذب والمراوغة لكن لماذا يلجأ الطفل إلى الكذب؟
إن أسباب الكذب والمراوغة متنوعة من بينها:
1- التشدد في اتخاذ المواقف الزجرية من الطفل لأوهى الأسباب، الأمر الذي يولد لدى الطفل الخوف من العقاب فيكذب تجنباً له.
2- يلجأ الأطفال الكبار أحياناً على إجبار الصغار منهم على الكذب كأن يطلب الكبير من الصغير عدم قول الحقيقة فيما يتعلق بعودته متأخراً إلى البيت، أو في كيفية تصرفه بالنقود التي بحوزته أو التستر على مواقف غير سليمة تتعلق بعلاقته بزملائه أو في المدرسة.
3- يلاحظ الأطفال آباءهم يكذبون أو يخادعون بعضهم فيقلدونهم.
4- الطلب من الطلب أن يكذب كأن يطلب الأب من ابنه أن يجب على الهاتف قائلاً إنه غير موجود، في حين أنه نائم مثلاً.
نستنتج من هذه الأسباب المتنوعة للكذب عند الأطفال، أن الآباء هم المعلم الأول لهم وعلى قوة تأثيرهم يتوقف ما إذا كان الطفل سينشأ صادقاً أو كاذباً، ويرى المربون أن الآباء هم المثل الأعلى لأطفالهم ويقول المربي مكارنكو:
“لا تطنوا أنكم تربون الطفل عندما تتحدثون إليه فحسب، أو ترشدونه أو توجهونه، بل إنكن تربونه في كل لحظة من حياتكم في البيت ومما له أهمية كبيرة للطفل كيف تلبسون وكيف تتحدثون مع الآخرين وعند الآخرين، وكيف تسرون وكيف تعاملون الأصدقاء والأعداء وكيف تضحكون وكيف تقرؤون الجريدة”.
لذا نرى أن الشرط الرئيسي لتربية الصدق والنزاهة لدى الأطفال هو الوضع السليم والعملي في العائلة.
ولا يجوز السماح بتسرب الشك إلى الأطفال في صدق والديهم كأن يطلب الأب من ابنه قطع علاقته بزميله في المدرسة لأسباب يدعي أنها صحيحة والطفل يعلم أن أباه ووالد زميله قد تشاجرا، وفي مثل هذه الحالة يبدأ الطفل بالتستر على صداقته مع زميله، كذلك يلجأ الطفل إلى المخادعة عندما يتلقى عقاباً على قوله الصدق وقد يقول إن لديه في المنزل ألعاباً كثيرة وأن والده جلب له قطاراً كبيراً، فإن هذا الطفل يرغب بحماس أن يمتلك ألعاباً كثيراً مثل زملائه الذين يتحدثون عن ألعابهم وفي هذه الحال من الضروري جداً أن يشرح للطفل بلباقة ودون أن يجرح شعوره أنه يتحدث غير الحقيقة وكذلك أن يعوض من قبل الأهل تقصيرهم في شراء الألعاب له قدر الإمكان.
ومن الوسائل الناجعة لتربية الأطفال على الصدق والنزاعة الحكايات الطريفة التي تساعد بشكل طيب على تعليمهم الصدق وتؤثر في النفس مثل قصص الأطفال، وكذلك الوفاء بالكلمة تجاه الأطفال عنصر هام لتعلم الطفل الصدق من قبل ذويهم وكذلك وحدة الكلمة والعمل من قبل الآباء تعلم الأطفال النزاعة كأن نعد ابننا إذا نفذ عملاً طلبناه منه أن يقدم له هدية صغيرة أو شيئاً يرغبه فعلينا الوفاء بما وعدناه به.
والآن ما علينا سوى التصرف السليم تجاه كذب الأطفال لنقيهم هذه الصفة غير الحميدة فإذا كان الطفل قد كذب عن عمد، فيكفي في المرة الأولى التوضيح الهادئ الجدي عن كذبه، وإذا ما تكرر الكذب يجب الإعراب من قبل الأهل عن عدم الرضا والتوبيخ الشديد والحازم للابن والإعراب عن عدم الموافقة على هذا التصرف، وإذا لم ينفع هذا أيضاً وجب أن يعاقب الطفل ولكن ليس جسدياً، وإنما حرمانه من متعة كالنزهة أو مرافقة الأهل في زيارة أو حرمانه من شراء لعبة جديدة له.
نتمنى من جميع الآباء أن يبذلوا جهداً في تنشئة الجيل الذي نتمنى له الخير والسلام والسعادة في حياته المستقبلية. وإلى اللقاء في زاوية تربوية جديدة.
تنويه: نتمنى على قرائنا وقارئاتنا مراسلتنا ومناقشة ما نطرحه في زاويتنا وإغناء مقالاتنا بأمثلة حية.
صوت المرأة، العدد 1، 1988
رعاية الأمومة والطفولة في بلغاريا
كتب إلينا قارئ عزيز يتابع اختصاصه في الطب بجمهورية بلغاريا الاشتراكية مقالاً قيماً حول رعاية الأمومة والطفولة فيها ننشره في حلقتين.
وقراء وقارئات صوت المرأة يحيون مبادرته آملين أن يجدوا في هذا المقال قدوة تحتذى.
تعتبر رعاية الأمومة والطفولة في النظام الاشتراكي قضية محورية في مجال الخدمات الصحية ومهمة اجتماعية كبرى. ففي ظروف الاشتراكية لم تعد العناية بالصحة بشكل عام قضية شخصية، فصحة الإنسان هي ملكاً للمجتمع وقد انطلق لينين وهو يعالج قضية صيانة صحة الشعب من أن الشغيلة هم صانعو التاريخ الرئيسيون وخالقو الخيرات المادية والروحية للمجتمع أكد أن الناس وصحتهم أثمن رأسمال في العالم.
إن ما تقدم هو مبعث الجهود المتزايدة دوماً التي تبذلها الدولة البلغارية لتأمين تنفيذ المجموعة الواسعة من الإجراءات الاقتصادية والاجتماعية والصحية والطبية المختصة لضمان أقصى الشروط لتطور المرأة والطفل تطوراً كاملاً متناسقاً من الناحيتين البدنية والروحية.
العيادات النسائية
تقدم العيادات النسائية خدماتها للنساء من مختلف الأعمار ولكن تبقى المرأة الحامل والمرضعة الموضوع الرئيسي لهذه العيادات، فمن ضمن الخدمات التي تقدم هنا هي:
1- فحوصات وقائية وعلاجية للمرأة الحامل.
2- التحضير النفسي للمرأة الحامل قبل ولادتها بشهر.
3- علاج العقم والوقاية منه.
4- معالجة أمراض النساء والتشوهات الخلقية في المجاري التناسلية وتهيئة المرأة للإنجاب.
5- تقديم المساعدة للحوامل والأمهات حقوقياً واجتماعياً.
6- مساعدة المرأة لنقل مكان عملها وتغيير طبيعته أو إيقافها عن العمل بشكل مؤقت نظراً لوضعها.
7- زيارة الحوامل والمرضعات في البيوت وتقديم النصائح والإرشادات لهن.
8- الكشف المبكر عن السرطان عند النساء والبدء بمعالجته والوقاية منه.
إن مجمل هذه الرعاية لا تتلخص فقط نحو المرأة ـ الأم في المستقبل وإنما أيضاً نحو الطفل المنتظر قبل ولادته، أما بعد الولادة فتتم زيارة الأم ووليدها في المنزل بعد تخريجها من دار التوليد بشكل مستمر حتى اليوم الـ 40، وقبل الولادة بشهر تزور القابلة القانونية للعيادة النسائية الأم الحامل في منزلها، ترافقها الممرضة من قسم عيادة الأطفال وذلك بهدف الإشراف على التجهيزات المتخذة لاستقبال المولود المنتظر وإملاء دفتر صحي له يرافقه طيلة فترة طفولته وحتى سن الـ 18 سنة.
العيادة الاجتماعية ـ الحقوقية
جرى افتتاح هذه العيادات في الفترة الأخيرة ضمن المشافي الكبيرة والمستوصفات المنطقية في أغلب المدن البلغارية، يقوم بالإشراف على هذه العيادات حقوقي قدير، يساعده بذلك اختصاصيون بالعلوم الاجتماعية والنفسي والطبية، وتقوم هذه العيادات بتقديم مساعدتها للأمهات والأطفال والنساء والحوامل، والأمهات المتعددة الأطفال، في تأمين عمل مناسب لهؤلاء الأمهات وتأمين أطفالهن في دور الحضانة… إلخ.
المرأة والقانون
ينص قانون العمل ضمن فقرات خاصة على حماية عمل المرأة والأم بشكل خاص:
1- كل امرأة حامل، تعمل بظروف تؤثر على الأم أو الجنين، يلزم القانون بتحويلها إلى عمل آخر حسب مؤهلاتها، أو تبقى في مكان عملها ولكن ضمن ظروف مخففة وذلك منذ لحظة تشخيص الحمل، وتزاول المرأة الحامل عملها الجديد حتى نهاية فترة الحمل، وإذا كان راتب العمل الجديد أقل من الراتب في عملها السابق فيتم دفع الفرق في الراتب وذلك من صندوق التأمين الاجتماعي.
2- لا يمكن إقالة المرأة الحامل من عملها (لا يسري هذا على الحالات حين يكون هناك عقد عمل مؤقت) عندها بعد إقالتها من عملها تستطيع أن تحصل على حقها في الحد الأدنى من المعونة المالية والتي تساوي الحد الأدنى للرواتب في جمهورية بلغاريا الشعبية.
3- تكون إجازة الحوامل والولادات بـ (120 – 150 – 180) يوم وذلك حسب رقم الحمل أي 120 يوم على الحمل الأول و150 يوم على الحمل الثاني و180 يوم على الحمل الثالث، بالإضافة إلى 120 يوم إجازة بعد أي حمل بعد الحمل الثالث (الإجازات مدفوعة الراتب بكامله) وغير خاضعة للضرائب، من هذه الإجازة 45 يوم تعطى قبل فترة الوضع وباقي الأيام تعطى للفترة بعد الولادة.
4- في حالة ولادة طفل ميت أو موت الطفل بعد ولادته بأيام، يحق للأم أن تتلقى مساعدة مالية بالإضافة إلى الـ 45 يوم قبلا لولادة و42 يوم بعد الولادة.
5- تتقاضى الأمهات مقابل رعايتهن لأطفالهن إجازة إضافية حتى يبلغ الطفل سن الثلاث سنوات وتدخل هذه الفترة ضمن حق المرأة في الترقية والعلاوة في الوظيفة (المرتبة). وحتى يبلغ الطفل 9 سنوات من عمره تتقاضى الأم تعويض بمقدار الحد الأدنى من الأجر الشهري الذي يتقاضها المواطن في جمهورية بلغاريا الشعبية.
وحسب ما نصت عليه القوانين الأخيرة، يمكن لهذه الإجازة أن يستعملها أفراد آخرون من الأسرة غير الأم (الأب ـ الجدة، الجد، أخ أو أخت المرأة) هذا إذا كانت المرأة في وضع صحي لا يسمح لها برعاية الطفل (مثلاً مرض مزمن، أو وفاة المرأة) في هذه الحالة يحصل من يقوم برعاية (الطفل) على كافة الحقوق التي تتمتع بها الأم، كما يحق للجدة أو الأب أو الجد بالتناوب في رعاية الطفل.
6- تحصل الأم على مكافأة مالية نقداً فور ولادتها لطفل حي، وتزداد هذه المكافأة بعد ولادة الطفل الثاني أو الثالث، هذه المكافأة لا تتعلق بالمدة التي عاشها الطفل بعد ولادته. وبظروف خاصة يستطيع الأب الحصول على هذه المكافأة، وأيضاً لا تستثنى من ذلك الأمهات اللواتي يقمن بتبني بعض الأطفال.
7- في حالة وضع المرأة لتوأم، تتقاضى المرأة مكافأة مالية مساوية للمكافأة التي تتقاضاها لقاء الولد الثاني.
8- تتقاضى الأسرة زيادات شهرية فوق رواتبها لكل طفل حي حتى بلوغه سن الـ 16 من العمر، كما تتقاضى الأمهات الدارسات ونساء المجندين مساعدات مالية لأطفالهن وأيضاً الأمهات الوحيدات.
9- بشكل عام تتلقى هذه المساعدات الأمهات، وفقط في حالة كانت الأم غير عاملة أو تعمل بأعمال مؤقتة يمكن إعطاء هذه المساعدات بالإضافة إلى المعاش إلى الأب العامل وفي حالة الطلاق يحصل على هذه المساعدات كاملة من يقوم بتربية الطفل.
10-يحق لكل أم مضى على عملها أكثر من ثلاثة أشهر، التعويض لرعاية طفلها في حالة مرضه، بقدر حجم هذا التعويض المادي للطفل الذي لم يبلغ عمره أكثر من 9 سنوات 100% من راتبها الشهري، بعد هذه السن يحدد التعويض حسب الفترة الزمنية الماضية على بدء عمل المرأة.
11-في حالة الحجر الصحي على الطفل المريض في المنزل يحق للأم إجازة مرضية مدفوعة الأجر كاملاً لغاية انتهاء الحجر الصحي على الطفل.
12-في حالة عدم تمكن الأم من رعاية الطفل أثناء مرضه (غيابها المطول عن المنزل، مهمة خارج المدينة، مرض…) يحق لغيرها من أفراد العائلة بتقاضي التعويض لرعاية الطفل.
13-يحق لجميع الأطفال ممن لم يتجاوزوا سن السادسة من العمر بأخذ الدواء دون مقابل في الحالات التي تستدعي العلاج المنزلي، أما فيما يتعلق بالأمراض المزمنة واليت تشكل إرهاقاً وعبئاً على دخل الأسرة (كالسرطانات، والسكري، والرماتيزم، وتشمع الكبد، والصرع، والأمراض النفسية وغيرها) فيتم صرف الأدوية بدون مقابل بغض النظر عن عمر الطفل.
المرأة والعمل
الأمومة ليست فقط وظيفة بيولوجية للمرأة إنما هي وبالأساس وظيفة اجتماعية كما أن عملية إنجاب الأطفال ليست عملية أزلية لتتابع الأجيال، وإنما أيضاً هي ظرف لتحقيق المرأة لذاتها وكمالها وسعادتها.
تقف جمهورية بلغاريا الشعبية في مقدمة الدول في عصرنا الراهن من حيث الاهتمام بالأمهات والأطفال.
فبعد انتصار الثورة الاشتراكية في بلغاريا تم سن قانون حماية عمل المرأة والأمهات عام 1947 يضمن حق المرأة في العمل والحصول على التعليم والإعداد المهني والأجر والترقية في العمل بشكل متكافئ مع الرجل، وكذلك توفير الظروف التي تتيح للنساء الجمع بين العمل والأمومة والحماية الحقوقية للأمومة والطفولة ودعمها مادياً ومعنوياً وتدابير خاصة لحماية عمل النساء وصحتهن.
وبتطور بلغاريا ودخولها في حركة بناء المجتمع الاشتراكي المتقدم جرى سن قوانين جديدة لنظام العمل وخصصت أبواب كاملة منه تتعلق بعمل النساء فمثلاُ لا يمكن فصل المرأة الحامل، نساء المجندين، الأمهات اللواتي يرعون أطفالهن، من العمل تحت أية حجة كانت وتركهن بدون عمل.
كما أن المشرع قد أعطى الحق للمرأة في العمل ضمن ظروف خالية من الأخطار ومطابقة للمواصفات والشروط الصحية للعمل، ووضعت قائمة كاملة بالأعمال التي يحظر فيها استخدام عمل المرأة والتي تؤدي إلى الضرر بصحتها.
كما أن قانون العمل يحظر عمل المرأة الحامل الليلي وأيضاً الإضافي وكذلك المرأة الأم حتى يبلغ مولودها سن العشرة أشهر، ويلزم القانون الجهات المسؤولة بأن تعمل على تحويلهن إلى عمل آخر بما يتناسب مع وضعهن الجديد.
الدكتور ن ـ أ
صوت المرأة، العدد 1، 1988
عرض للأطفال قدمه الألمان
فرقة ألمانية جوالة لمسرح العرائس قدمت عرضاً في صالة مسرح القباني بدمشق خلال يومي 1 – 2 من شهر شباط من العام الحالي.
الفرقة تتألف من ممثلات فقط وبجعبتهم ثلاث حقائب “سفرية” تحتوي كل ما تحتاجه الفرقة من ديكور وجهاز تسجيل ودمى.
شاهد أطفالنا عروض هذه الفرقة بابتهاج فهم بحاجة لمثل هذا المسرح وربما يفتقدوه.
العرض لم يكن مبهراً ولم يأت بأفكار تدهش أو بحلول سحرية ينتظرها المشاهد من مسرح ألماني… لم نفاجأ بشيء غريب فالفكرة تتلخص بأن هناك ممثل سيقدم عرضاً للسيرك بطله برغوث صغير وبرغوث بهلوان. أثناء العرض يضيع البرغوث مما يحزن صاحبه ويقرر أن يذهب ويترك الجمهور بدون عرض فيتدخل زميله ويطلب منه أن يرتجل شيئاً فالجهور بانتظاره فيتعاونان على عرض “سيرك/ مستخدمين ما يملكون من حاجيات ووسائل لعرضهم فيقدمان معاً عرضاً للأطفال أبطاله فيل وخيول وفقمة ويبدأ العرض بالاعتماد على ألعاب الخفة وهنا تكمن قيمة العرض وأهميته. فالعصا التي يستخدمها الممثل أصبحت حصاناً بمجرد وضع قبعة في أعلاها، ثم يحرك العصا بحركة شبيهة بحركة الخيل مما يقنع الطفل أنها حصان حقيقي.
أما المحفظة الجلدية المستطيلة تربط في طرفها ليصبح لها رأس وجسد والرأس وضع له عينان فيصبح لدينا /فقمة/ خفيفة الظل تقم عرضاً جميلاً.
وعوضاً عن الفيل استخدم “أفرول” وذلك بلف قطعة الصدر لتصبح خرطوماً بهذه الوسائل البسيطة جداً والمتوفرة لدى كل بيت قدم الألمان عرضهم اللطيف.
طبعاً فيا لنهاية يجد الممثل برغوثه الضائع فيخبئه ثم يقرر أن يقدمه هدية لأطفال الصالة فيقول لهم:
أنا وصديقي نملك أعداداً كثيرة جداً من البراغيث “البهلوانات” سنقدم لكل واحد منكم “بهلواناً” ليلعب معكم في المنزل على أن تحرصوا عليه فهو يطير بسرعة ومن الممكن أن يضيع. وفعلاً ينزل الممثلان إلى الصالة ويقدموا لكل طفل بهلواناً. والطرافة تكمن بان الممثل استطاع أن يقنع الطفل بالاعتماد على خياله الواسع أن يصدق ما قدمه له من عرض وكذلك بهديته “البهلوان” وهكذا خرج كافة الأطفال فرحين بما نالوا..
مزنة عباس
صوت المرأة، العدد 1، 1988
استراحة
اينشتاين أمي
حدث مرة أن ذهب العلامة المشهور اينشتاين إلى أحد المطاعم وكان قد نسي نظارته… التي لم يكن ليستطيع القراءة بدونها.
وعندما أحضر الجرسون قائمة الطعام له، همس العلامة في أذنه “أرجو أن تقرأ لي القائمة” فابتسم الجرسون وكان لا يعرفه وقال: آسف يا سيدي فأنا أمي مثلك تماماً.
الرأسمالية
سئل برناردشو عن رأيه في النظام الرأسمالي، فقال: إنه مثل صلعتي ولحيتي، غزارة في الإنتاج وسوء في التوزيع.

صوت المرأة، العدد 1، 1988
رسالة إلى غزاة لا يقرؤون
شعر: سميح القاسم
تقدموا تقدموا
كل سماء فوقكم جهنم
وكل أرض تحتكم جهنم
تقدموا
يموت منا الطفل والشيخ
ولا يستسلم
تقدموا
بناقلات جنكم
وراجمات حقدكم
وهددوا
وشردوا
ويتموا
وهدموا
لن تكسروا أعماقنا
لن تهزموا أشواقنا
نحن قضاء مبرم
تقدموا
طريقكم وراءكم
وغدكم وراءكم
وبحركم وراءكم
وبركم وراءكم
ولم يزل أمامنا
طريقنا وغدنا وبرنا وبحرنا
وخيرنا وشرنا
فما الذي يدفعكم من جثة لجثة
وكيف يستدرجكم من لوثة
للوثة
سفر الجنون المبهم
تقدموا
وراء كل حر كف
وخلف كل عشية حتف
وبعد كل جثة فج جميل محكم
وإن نجت ساق
يظل ساعد ومعصم
تقدموا
كل سماء فوقكم جهنم
وكل أرض تحتكم جهنم
تقدموا
حرامكم محلل
حلالكم محرم
تقدموا
بشهوة القتل التي تقتلكم
وصوبوا بدقة لا ترحم
وسددوا للرحم إن نطفة من دمنا
تضطرم
تقدموا
كيف اشتهيتم واقتلوا
قاتلكم مبرأ
قتيلنا متهم
ولم يزل رب الجنود قائماً وساهراً
ولم يزل قاضي القضاة المجرم
تقدموا
لا تفتحوا مدرسة
لا تغلقوا سجناً
ولا تعتذروا، لا تحذروا، لا
تفهموا
أولكم آخركم
مؤمنكم كافركم
وداؤكم مستحكم
فاسترسلوا
واستبسلوا
واندفعوا
وارتفعوا
واصطدموا
وارتطموا
لآخر الشوط الذي ظل لكم
وآخر الحبل الذي ظل لكم
فكل شوط وله نهاية
وكل حبل وله نهاية
وكل ليل وله نهاية
وشمسنا بداية البداية
لا تسمعوا لا تفهموا تقدموا
كل سماء فوقكم جهنم
وكل أرض تحتكم جهنم!!
لا خوذة الجندي
لا هراوة الشرطي
لا غازكم المسيل للدموع
غزة تبكينا
لأنها فينا
ضراوة الغائب
في حنينه الدامي إلى الرجوع
تقدموا
من شارع لشارع
من منزل لمنزل
من جثة لجثة
تقدموا
يصيح كل حجر مغتصب
تصرح كل ساحة من غضب
يضج كل غصب:
الموت… لا الركوع
موت… ولا ركوع!!
تقدموا..
ها هو ذا تقدم المخيم
تقدم الجريح والذبيح والثاكل
والميتم
تقدمت حجارة المنازل
تقدمت بكارة السنابل
تقدم الرضع والعجز والأرامل
تقدمت أبواب جنين ونابلس
أتت نوافذ القدس صلاة
الشمس
والبخور والتوابل
تقدمت تقاتل!
تقدمت تقاتل!
لا تسمعوا
لا تفهموا
تقدموا
كل سماء فوقكم جهنم
وكل أرض تحتكم جهنم