المحتويات
· الرابطة تعقد مؤتمرها الخامس
· الغلاء … الغلاء…
الرابطة تعقد مؤتمرها الخامس
بلاغ عن المؤتمر الخامس لرابطة النساء السوريات لحماية الأمومة والطفولة
تحت شعار إزالة آثار العدوان ووحدة الحركة النسائية عقد المؤتمر الخامس لرابطة النساء السوريات لحماية الأمومة والطفولة في دمشق في أواخر حزيران 1972، وذلك بعد أن عقدت مكاتب الفروع مؤتمراتها وجددت انتخاب هيئاتها وانتخبت مندوباتها للمؤتمر.
وقد حضر المؤتمر وفود من كافة المحافظات، إذ ضم المؤتمر الفروع القديمة والفروع الجديدة التي تأسست بعد المؤتمر الرابع تحت إشراف المكتب التنفيذي.
افتتح المؤتمر بالوقوف دقيقة صمت على أرواح شهداء القضية العربية وشهداء الحرية في كل مكان. وقد ساد المؤتمر جو من الديمقراطية سر له الجميع، وشاركت أكثر المندوبات في مناقشة التقرير العام وتقارير المحافظات، وشجب الجميع شق الرابطة وأدان من قام بذلك. وبعد إدخال التعديلات على بعض بنود النظام الداخلي، انتخبت لجنة تنفيذية من 27 عضوة تمثلت فيها كافة فروع المحافظات.
وبعد المؤتمر اجتمعت اللجنة التنفيذية وانتخبت مكتباً تنفيذياً جديداً من 11 عضوة انتخبت فيه الدكتورة نجاح ساعاتي السباعي رئيسة للرابطة والدكتورة أسماء فيصل الترك أمينة عامة لها. واتخذ المؤتمر مجموعة من القرارات والتوصيات أهمها: قرار تأييد تدابير التأميم في سورية والعراق، وقرار تأييد الجبهة الوطنية التقدمية، وقرار حول وحدة الرابطة وشجب أعمال الانقسام فيها وقرارات وتوصيات أخرى.
دمشق ـ أواخر حزيران 1972
المكتب التنفيذي
الرئيسة: الدكتورة نجاح ساعاتي السباعي
الأمينة العامة: الدكتورة أسماء فيصل الترك
الغلاء … الغلاء…
تعتبر مشكلة الغلاء في مقدمة المشاكل التي تعاني منها الأسرة في مجتمعنا في الظروف الراهنة. ولعل التطور البطيء في أجور العمال وذوي الدخل المحدود هو الذي يجعل ظاهرة الغلاء تثقل كاهل الجماهير الشعبية، وكاهل الأسرة، وتؤذي مستواها الصحي والاجتماعي.
صحيح، أن مشكلة الغلاء تعاني منها كافة دول المنطقة التي تسودها أنظمة حكم مختلفة، ولكن بما أن وطننا سورية ينتهج سياسة تقدمية تهدف إلى خدمة الأسرة والمجتمع فبإمكان الدولة أن تحد من وطأة هذه المشكلة وبأساليب عديدة من أهمها: مساهمة الدولة في التجارة الداخلية وتنشيط حركة التعاون الاستهلاكي، ووضع رقابة شديدة على ربح التجار واستغلالهم لفئات الشعب الكادحة. إن إبقاء الحبل على غاربه بالنسبة لأسعار المواد الموجودة في يد القطاع الخاص، يجعل معظم الزيادة التي تدفعها الدولة للعاملين تذهب إلى التجار وخاصة تجار الجملة فيزداد ربحهم ورأسمالهم وبالتالي يزداد جشعهم وطمعهم مما يدفعهم أكثر للاستغلال والاحتكار.
هذا وان الرجعية التي تتسبب بالقسط الأكبر من الغلاء لا تستفيد منه الثروات والإثراء وحسب، وإنما لتأليب الجماهير ضد الحكم وضد التقدم الاجتماعي ولترك البلاد منهكة مستضعفة أمام العدو.
إن مراقبة الدولة لهؤلاء التجار مراقبة صارمة من جهة وتشجيع التعاونيات الاستهلاكية التي تحمي المواطن من الغش والتلاعب بالأسعار وهذا ما نلاحظه ونلمسه من إقبال المواطنين المتزايد على الشراء من فروع الاستهلاكية لثقتهم من جودة النوع وثبات الأسعار وتناسبها نوعاً ما مع مداخيلهم المحدودة سيكون لهما تأثير إيجابي على حماية مستوى حياة الشعب وحماية الدولة أيضاً من الخسارة الكبيرة التي تسبب إرهاقاً للميزانية وتعطيلاً للمشاريع الإنمائية في الوقت الذي نحن بأمس الحاجة لدعم اقتصادنا وزيادة الإنتاج وتطوير القوى المنتجة لمواجهة الاحتلال الغاشم وتقوية الجيوش لخوض المعركة واسترجاع الأرض والكرامة.
كما أن تأمين العمل لكل قادر عليه عن طريق الإسراع في التنمية وإقامة المشاريع الجديدة التي تستوعب طاقات شعبنا المهدورة، سيعود بالفائدة على مستوى حياة العائلات الفقيرة كما سيزيد الإنتاج وبدعم الاقتصاد الوطني.
إن رفع نسبة العاملين بين أفراد الشعب سيساعد على زيادة دخل المواطنين وهذا مصدر من مصادر الدخل مرتبط بتطوير الإنتاج وليس فيه أي أثر للتناقض مع قدرة الدولة لزيادة الاستثمارات، وعلى عكس ذلك، فإن كل تقاعس في التنمية لابد أن يجبر الدولة على زيادة الأجور أو على تجميد الأسعار إن هي أرادت أن تحافظ الفئات المتوسطة والفقيرة على مستواها من التدني والتدهور، علماً بأن هذه الفئات بحاجة ماسة ليس فقط للمحافظة على مستواها، بل إلى رفع هذا المستوى، ولابد من عمل شيء ما في هذا المجال.
إن الحد الأدنى لما تحتاجه العائلة وما يجب عليها أن تدفعه لتأمين قدر معين من اللوازم والاحتياجات الضرورية هو:
75 ليرة لأجرة بيت مؤلف من غرفتين و20 ليرة كهرباء وماء والغاز، و20 ليرة للحليب، و10 ليرات للبيض و15 ليرة للجبنة واللبنة و50 ليرة للحم ومشتقاته و15 ليرة خبز و60 ليرة فواكه وخضار و25 ليرة سكر وأرز وسمن وزيت وشاي وقهوة وملح وغير ذلك، و50 ليرة دواء وأجور أطباء وثياب وأدوات مدرسية ولعب أطفال و15 ليرة أجور نقل ولم نذكر بعد مصاريف المطالعة والترفيه وتأثيث المنزل والالتزامات الاجتماعي تجاه العائلة وغيرها.
إن مجموع هذه الالتزامات هو (355) ليرة سورية، وهو الحد الأدنى والضروري لمستوى متواضع من المعيشة لعائلة مؤلفة من الأم والأب وثلاث أولاد. وهنا يتبادر لذهننا سؤال: كم هو عدد العائلات العمالية والفلاحية والكادحة التي يصل دخلها إلى هذا المبلغ وتستطيع العيش بهذا المستوى علماً أن هناك عدداً كبيراً من الشغيلة لا يزيد دخلهم على /100/ ل.س. والغالبية العظمى لشغيلتنا يبقى دخلها دون الـ /250/ ل.س شهرياً.
فمن أين يأتي رب الأسرة بما يتوجب دفعه لقاء هذه المصاريف التي لابد منها؟ وما هو ذنبه وذنب أطفاله ليعيشوا حياة الكفاف والفاقة؟ وكيف يمكن أن يزداد الإنتاج إذا كان غذاء العامل ينقص عن الحد الأدنى المطلوب؟ وكيف يستطيع هذا العالم تأمين الشروط الضرورية لنمو أولاده بشكل طبيعي وليكونوا على قدر جيد من الصحة والتعليم وليساهموا في بناء مجتمعهم ورفع شأن وطنهم.
إن وضع عائلتنا العمالية والفلاحية وذوي المداخيل الصغيرة من الموظفين والمستخدمين لا يسعها إلا أن تتقشف على حساب صحتها وتقدمها الثقافي والاجتماعي أو أن على رب هذه العائلة أن يفتش عن عمل آخر بالإضافة إلى عمله الأصلي وتضعف بذلك العلاقة التربوية والاجتماعية بينه وبين أطفاله أو أن هذه العائلات تكون مضطرة لتشغيل أطفالها مهما كانت أعمارهم ولو كان هذا على حساب صحتهم وتعلمهم كما أن عدداً كبيراً من هؤلاء الأطفال يترك المدرسة نهائياً تحت ضغط ضرورة المساهمة في مصروف العائلة.
وهكذا ينضم هؤلاء إلى جيل المرضى والأميين، وهذا له تأثيره على حياة الجماهير بأكملها وعلى تطور البلاد الصناعي والثقافي والاجتماعي، وكلنا يعلم أنه بمدى ما يكون المواطن سعيداً في معيشته يكون على ارتباط وثيق بأرضه وشعبه وهذا يجعله على استعداد أكبر للتضحية في سبيل وطنه ولو كلفه ذلك دمه.
ومن هنا بالذات يجب الانطلاق لرفع مستوى حياة المواطنين عن طريق زيادة الأجور بما يتناسب وارتفاع الأسعار ومتطلبات المعيشة، وعن طريق حماية المواطنين من الغش والاحتكار والتلاعب بالأسعار من قبل فئة التجار والسماسرة على حساب قوت الشعب الكادح.