المحتويات
· بيان رابطة النساء السورية لحماية الأمومة والطفولة بمناسبة عيد المرأة العالمي
· أم خالد
· أضواء على مشكلة المرأة العاملة
· مؤتمر النساء العالمي ـ براغ
· المرأة والاشتراكية
· ما ينتظره المعلمون من نقابتهم
· طفولة مفقودة..
· من علّم الصغيرة أن تحلم بالمساواة
بيان رابطة النساء السورية لحماية الأمومة والطفولة بمناسبة عيد المرأة العالمي
أيتها العاملات والفلاحات والمثقفات وربات البيوت،
أيتها المرأة في كل مكان في وطننا!
تحتفل رابطة النساء السوريات لحماية الأمومة والطفولة كعادتها في كل عام بيوم الثامن من آذار، يوم المرأة العالمي، هذا العيد الذي كرسته البشرية التقدمية كرمز لنضال المرأة المستمر في جميع أنحاء العالم من اجل المساواة والكرامة الإنسانية والسلم العالمي.
إن نساء العالم يستقبلن الثامن من آذار في هذا العام بقلوب يملؤها القلق للأخطار التي تهدد البشرية بالفناء، بسبب سياسة الإمبريالية وعلى رأسها تجار الحروب الأمريكيون الذين ينشرون غيوم الحرب الباردة ويصعدون سباق التسلح مهددين باستعمال الأسلحة الذرية والنترونية وأحدث أنواع الأسلحة الفتاكة، التي تشكل خطراً كبيراً على البشرية وعلى كل ما هو جميل في العالم.
وفي إطار هذه الهجمة الهستيرية السافرة للإمبريالية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية يراد إخضاع منطقتنا ونسف استقلال دولها وتحويلها إلى بؤرة تهدد السلم العالمي فقد أقيمت شبكة من القواعد العسكرية الأمريكية في مصر والسودان والصومال وكينيا وعمان، إضافة إلى قوات التدخل السريع التي ترتع بكل وقاحة على سواحل البحر الأبيض المتوسط والمحيط الهندي والخليج العربي. وكان اتفاق التعاون الاستراتيجي الإسرائيلي ـ الأمريكي إحدى حلقات هذه الهجمة العدوانية التي تهدد أمن واستقلال الأقطار العربية كافة وخاصة سورية تهديداً مباشراً.
وبالارتباط بهذا التحالف غير المقدس، كان قرار إسرائيل بضم الجولان الذي شجبه العالم بأسره كما شجبه شعبنا السوري وأبناء الجولان الأباة بوقفتهم البطولية نساء ورجالا ضد المحتلين الصهاينة، متحدين هذا القرار العدواني، ضامين صوتهم إلى أصوات إخوانهم في الضفة والقطاع سلاحهم حب الوطن والتمسك بالأرض.
أيتها المرأة في كل مكان،
إن النساء اليوم تعيش زمن التحديات. فقد حصلت نساء العديد من البلدان على حقوق لم تكن تتمتع بها، كمواطنات وعاملات وأمهات، وكرسن جميع طاقاتهن لبناء حياة جديدة سوية مع شعوبهن. ولكن مازال هناك العديد من البلدان تخوض نضالاً مريراً ضد الاضطهاد والاستغلال تصارع فيها النساء بشجاعة وبطولة الاستعمار، من أجل حقوقهن واستقلال أوطانهن، ولنا خير مثال من أخواتنا في الجولان ومن مناضلات الأراضي العربية المحتلة، والمكافحات والديمقراطيات في العراق، ومن قاهرات عنفوان أمريكا في إيران، ومن ثائرات السلفادور وجنوب أفريقيا.
وتساهم نساء بلادنا في هذا التحدي، في الدفاع عن أمن واستقلال وطننا ضد الهجمة الإمبريالية الأمريكية الصهيونية الرجعية، ضد المؤامرات الخارجية والداخلية، ومن أجل حقوقهن الأساسية وتحقيق المزيد من المكاسب.
إن خطورة هذا الوضع تتطلب منا نحن النساء، من مختلف الاتجاهات، الوقوف صفاً واحداً وفي خندق واحد لحماية أرضنا واسترداد ما اغتصب منها، لحماية ثرواتنا من النهب الاستعماري، ودرء خطر الحروب العدوانية عن أبنائنا.
فليكن يوم المرأة العالمي في الثامن من آذار، يوم كفاح المرأة العربية السورية ضد تهديدات المستعمرين والصهاينة، وضد مؤامراتهم التي تحاك ضد وطننا بالتعاون مع القوى الرجعية والعميلة.
لنجعل من هذا اليوم يوم الجولان وأبنائه البررة نساء ورجالاً، إخواننا الأشاوس الذين جعلوا من كل رفة للعلم السوري المرفوع طلقة إلى صدر المحتل الصهيوني المغتصب.
ولنجعل هذا العيد العالمي إدانة صارخة للسياسة الإمبريالية الأمريكية والصهيونية التي تدوس بكل وقاحة حقوق الشعب العربي الفلسطيني وحقوق إخواننا في الأراضي العربية المحتلة.
ليكن الثامن من آذار يوم الإعراب عن آمال المرأة وطموحاتها في السلام والحرية والكرامة، يوم الدفاع عن حقوقها كأم وزوجة وأخت، في المعمل والحقل، في المدرسة والبيت.
ليكن يوم المرأة العالمي رمزاً للتضامن مع نساء العالم في كفاحهن من أجل المساواة والكرامة الإنسانية والسلم العالمي.
أوائل آذار/ 1982 /.
رابطة النساء السوريات لحماية الأمومة والطفولة
أم خالد
دمشق أعلنت الإضراب العام، المخازن مغلقة، العمال توقفوا عن العمل، طلاب وطالبات الجامعة والتجهيز يعتصمون في معاهدهم، حناجرهم تدوي بنشيد موطني ويا ظلام السجن خيم، تلاميذ المدارس الابتدائية يملؤون مراييلهم السوداء بالحجارة، التظاهرات الغاضبة تحاصر مقر المندوب السامي الفرنسي في الجسر الأبيض، المتظاهرون يهتفون بصوت واحد “يسقط الاستعمار عاشت سورية حرة مستقلة”.
تسير شابة سمراء مع رفيقات لها في طريق الصالحية تترقرق الدموع في عينيها، تقول يجب أن نفعل شيئاً، تدخل البيوت تجمع المعونات للعمال المصريين. لم تنس أن تسلم المتبرعين إيصالات مطبوعة. وتكثر لجان مساندة العمال، تعم كل الأحياء، والشابة سكينة، أنشط العاملين في هذه اللجان، تزور بيوت العمال تجالس نساءهم تتحدث إليهن، يجب أن نصمد قضيتنا عادلة، سننتصر حتماً، المستعمرون خائفون إنهم يطلقون آخر ما في جعبتهم. دمشق واجمة، أحياؤها موحشة، مصابيحها زرقاء، خبز الإعاشة يزداد سوءاً، تجري المعارك على مشارف المدينة، بين الفرنسيين والفرنسيين، والناس في حيرة من أمرهم، يقفون مع من ضد من، هنالك من يظن أن انتصار الألمان سيلحق ضربة بالمستعمرين الفرنسيين والبريطانيين، ودمشق التي مازالت تخبئ جمرة الثورة الكبرى، توجس خيفة من كل الطامعين، في بيتها، في سفح قاسيون تجلس سكينة مع أخيها يستمعان إلى المذياع، يتابعان أخبار معارك ستالينغراد، تقف فجأة تردد يجب أن نفعل شيئاً، تقول أمها وماذا ستعملين أيتها البطلة.
– بل أنت التي ستعملين يا أماه، إلي بفراشك الصوفي وأخرجي مغزلك من مخبئه، ستتحول كل الخيوط إلى (كنزات) نرسلها إلى الجيش الأحمر.
– هل جننت إن الجيش الأحمر كما يقولون لا يعد ولا يحصى وما فائدة الكنزات القليلة التي سترسلونها له.
– إنها عربون محبة يا أماه، إنها تحية رمزية من شعبنا، إنك لا تعلمين مدى أهمية انتصار الاتحاد السوفييتي في الحرب، إنه ضربة قاصمة للاستعمار والنازية نصر لنا للشعوب.
يزداد عددالناسجات، وتتحول الليالي إلى سهرات ممتعة، المسنات يغزلن والشابات ينسجن، تسأل ليلى أي قياس أختار؟ تجيبها سكينة قياس رجل، رجل حقيقي.
تقول أم خالد، الكبير ابني ملاحق، وعندي فراشان يزيدان عن حاجتي، سأغزل أصوافها، وعليك بالحياكة يا ابنتي، فعيناي لم تعودا تساعداني على النسيج والتطريز وتنظر إلى المخرمات التي تزين الأرائك والستائر في غرفتها النظيفة.
– عندما كنت شابة صنعت كل هذه الأشياء أما الآن…
دخل الجنود الفرنسيين بيت أم خالد بحثاً عن ابنتها تشهر عصاها في وجه أحدهم: ارفع يديك القذرتين عن صورة ابني، إنها صورة مناضل وطني شريف، يقول المترجم متضاحكاً عبثاً يحاربنا ابنك قولي له أن الألمان على مشارف موسكو إنهم سيخسرون الحرب.
تجيب أم خالد: الاتحاد السوفييتي سينتصر، الشعوب ستنتصر، الاستعمار زائل.
وتهزم النازية، ويأتي الجلاء بفرحته العارمة، تتزوج سكينة وفي ليلة الزفاف تتساءل إحدى المدعوات أليست العروس هي نفسها بائعة اليانصيب؟ يا نصيب العمال.
تهمس الحماة للعروس بما قالته المرأة تضحك العروس من كل قلبها، تزجرها أمها: العروس يجب أن تجلس صامتة مسبلة العينين.
تضحك سكينة مجدداً تقول بصوت رقراق: إنني سعيدة سعيدة يا أماه.
درب النضال طويل نبتة الاستقلال فتية تحرسها الأيدي التي صنعت الجلاء ترعاها العيون التي بكت ذلك الاحتلال، الطامعون على الأبواب ودمشق ابنة الحرية البكر في ديار العرب صامدة شامخة، تظاهرات هتافات: الفراغ في رأسك يا ايزنهاور تسقط النقطة الرابعة، والمناضلة الشابة في الصفوف الأمامية دوماً.
تحمل ابنها خالد بين ذراعيها تعانقه تهمس له: من أجلك من أجل أطفال بلادي، سأتابع الدرب لتحقيق الغد السعيد، كي تملأ البسمة وجوهكم المعبودة.
القافلة تسير ثابتة الخطى، غير آبهة بالأعاصير والأنواء، رفيقات أم خالد، يزددن عدة وعدداً، ولأم خالد عندهن مكانة القلب، إنها البنفسجية الفواحة المتواضعة: بسمتها تملأ النفوس إشراقاً وتفاؤلاً، حبها الذي لا ينضب يعمر الجميع، هو الخيط المتين الذي يشد نساء الحي في الشدائد والأفراح، الأولاد يزداد عددهم، وتكثر الأعباء، وأم خالد حيويتها المدهشة بين متطلبات الأمومة الحانية والنضال في سبيل أمومة سعيدة.
قبل رحيلها عن الدنيا بيوم واحد، كانت تتحدث إلى جمع من النساء عن نضال المرأة في الأرض المحتلة والجولان، وتؤكد أننا سنخرج من المعركة هذه المرة أيضاً منتصرين.
الدرب طويل يا أم خالد، ولكنك كنت دوماً مع القافلة، إننا نفتقد اليوم ظلك الوارف.
أيتها الصفصافة الشامخة، سنذكر دوماً أنك كنت أول السرب المغرد الذي بشر بالربيع وهبت حياتك الغنية الغالية في سبيل الحياة.
ستردد الأجيال ذكراك، يا ابنة قاسيون وبنفسجة الغوطة المتواضعة.
أضواء على مشكلة المرأة العاملة
تزداد يوماً بعد يوم مساهمة المرأة في بناء المجتمع والإنتاج، وكلما زادت هذه المساهمة، وتضاعف عدد المتوجهات يومياً إلى مراكز الإنتاج المختلفة، ازدادت الحاجة إلى طرح قضايا ومشاكل المرأة العاملة، وأصبح إيجاد الحلول لها أمراً أكثر إلحاحاً يتطلب العمل من أجله تضافر جهود جميع الوطنيين والتقدميين المخلصين لقضية الوطن والتقدم.
فالنساء تدرك يوماً بعد يوم أهمية العمل كعنصر أساسي هام من عناصر وجودهن وإنسانيتهن من جهة، وأهمية ذلك لبناء الوطن والمجتمع من جهة أخرى ولكن تحول دون ذلك عقبات ذاتية وموضوعية لعل أبرزها:
– وجود نسبة عالية من الأميات في بلدنا، وعدم توفر مجالات العمل لهن إلا في نطاق محدود.
– نظرة المجتمع (عد إقطاع محدود منه) إلى عمل المرأة واعتباره في أحسن المجالات قطع رزق للرجال الذين يجب أن يعطوا الأولوية في فرص العمل التي ينبغي توفرها للجميع.
– قصر المعامل على عدد من مدن القطر الكبرى الشيء الذي يحرم الآلاف من نساء الريف فرصة العمل.
– الأعباء الاجتماعية والأسرية التي تثقل كاهل المرأة العاملة، وانعدام المؤسسات الضرورية لتخفيف أعبائها الشيء الذي يجعل من العمل عبئاً إضافياً عليها.
– عدم توفر دور الحضانة ورياض الأطفال بشكل كاف، واقتصارها على المدن الكبرى، وعلى أحياء فيها دون الاحياء الأخرى بصرف النظر عن طبيعة الخدمة المتوفرة في الرياض الموجودة حالياً.
– عدم توفر فرص العناية بالطفل الوليد للأم العاملة، وقصر مدة إجازة الأمومة، إذ يتوجب على من تعمل في المعامل ترك وليدها في أسبوعه السادس، في ظروف صعبة ومعقدة الشيء الذي يحد بنسبة كبيرة من قدرتها على الإنتاج ومتابعته بشكل منتظم، ويشكل خطراً على الطفل وصحته. وإجازة الأمومة في أحسن الحالات لا تتجاوز الشهرين بكامل الراتب، وهذه المدة أيضاً لا تكفي لتلافي المشكلة التي ذكرناها.
هذا بالإضافة إلى المشكلات اليومية التي تصادف المرأة العاملة كالمرض المفاجئ لأطفالها، أو أزمة المواصلات التي تعبث بوقتها وأعصابها، وظروف عملها الصحية والنفسية وغير ذلك مما لا يتسع المجال لذكره.
وإذن ما الحل؟! هل نطلب من المرأة أن تتحدى هذه الصعاب كافة، والمشاكل وتضعها وراء ظهرها في سبيل تحقيق شخصيتها وإنسانيتها.. وهل يقدر بشر قدمن لحم ودم على ذلك؟! أم يتوجب على المجتمع الذي عليه أن يدرك أن في علم نصفه تقدماً وازدهاراً له، وحياة أفضل لجميع أبنائه أن يعمل بكافة مؤسساته، ومنظماته على دفع المرأة إلى العمل والحياة الكريمة، بتخفيف أعبائها، وإيجاد الحلول المناسبة لمعاناتها الاجتماعية والإنسانية.
وبالطبع هذا هو الحل، الذي وجدته قبلنا مجتمعات ثورية أخذت على عاتقها رفع مستوى المرأة وتحقيق مساواتها بالرجل في فرص الحياة الاجتماعية المختلفة، ونجحت في تحقيق ذلك إلى مدى بعيد، وكان هذا أحد العناصر الهامة في تقدم هذه المجتمعات، ورقيها، ونموها، وازدهارها… نعم لقد تمكنت البلدان الاشتراكية، منذ نشوئها من حل المشاكل المعقدة التي كانت تعاني منها النساء في المجتمعات الرأسمالية التي سبقتها، ونحن اليوم لا نطالب، ودفعة واحدة بإنجاز ما حققته البلدان الاشتراكية للمرأة العاملة، فالظروف مختلفة والإمكانات غير متوفرة، ومع ذلك فبلادنا قادرة دون شك على إيجاد الحلول للمشاكل المطروحة والأكثر إلحاحاً… فتوفير فرص العمل للجميع واجب وطني وممكن التحقيق. وكذلك رفع مستوى المرأة الثقافي والاجتماعي وتسخير كافة أجهزة الإعلام والتربية في سبيل ذلك، وتخفيف أعباء المرأة المنزلية بالتفكير منذ الآن بإيجاد المؤسسات التي تقدم الخدمات بأسعار رمزية للنساء العاملات من غسيل وكي… وطعام نصف جاهز… وغير ذلك، والإكثار من دور الحضانة ورياض الأطفال، وتوزيعها بشكل عادل في جميع أنحاء البلاد، وتحسين الظروف الصحية والنفسية والتربوية فيها الأمر الذي لا يمكن إلا أن يساهم بشكل فعال في زيادة قسط المرأة في تطوير الإنتاج وتقدم المجتمع، فهذه المسألة دون شك هي مشكلة المشاكل بالنسبة للأم العاملة. هذا بالإضافة إلى أهمية تمتع المرأة بإجازة أمومة طويلة، وإيجاد الحل المناسب لتمكين النساء العاملات من رعاية أطفالهن في حالة المرض وتحسين ظروف العمل الصحية للنساء في المعامل، وإيجاد حل لأزمة المواصلات بخاصة لمن تعمل بعيداً عن منزلها. ومساواة المرأة بالرجل في الحقوق التقاعدية، ومن بينها حق توريث التقاعد، وتخفيض سن التقاعد للنساء وتخفيف طبيعة العمل للأم الحامل، والنساء بعد سن معينة وغير ذلك من الإجراءات التي تسهم في دفع النساء للعمل، وفي تحقيق إنتاجية أفضل.
وفوق ذلك كله تحقيق المساواة الكاملة بين النساء والرجال، وليس في نصوص قانونية فقط (على أهميتها) وإنما في التطبيق العملي، على مختلف المستويات وفي جميع المجالات ومراقبة تنفيذ ذلك بشكل يصل إلى حد إنزال العقوبات بمن يمس كرامتها أو إنسانيتها، أو يعرقل مساهمتها في بناء المجتمع المتقدم المزدهر الذي نرجو لبلدنا وشعبنا.
مؤتمر النساء العالمي
براغ
في براغ عاصمة جمهورية تشيكوسلوفاكيا الاشتراكية، وفي إطار عقد المرأة العالمي انعقد ما بين 8 – 13 تشرين الأول 1981، المؤتمر النسائي العالمي في ظل الشعارات التالية: المساواة، الاستقلال الوطني، السلام.
لقد دعا اتحاد النساء الديمقراطي العالمي بهذا المؤتمر وأشف على التحضير له مدة ثمانية عشر شهراً. هذا التحضير الذي كانت ثمرته التقارير والوثائق الأساسية للجان الست التي شاركت فيها خمس وسبعون منظمة عضواً في الاتحاد، انتظمت في لجان عمل توزعت في مختلف القارات. لقد كان التحضير للمؤتمر عملاً لخص وكثف خبرة منظمات الاتحاد كافة إلى جانب خبرة العديد من الشخصيات العالمية المرموقة.
افتتحت المؤتمر السيدة فريدا براون رئيسة الاتحاد وكان أبرز ما جاء في حديثها موضوع السلام والدور الذي سيلعبه المؤتمر في تعزيز حركة النضال في سبيل السلام.
ثم تحدث الرفيق غوستاف هوساك رئيس جمهورية تشيكوسلوفاكيا الاشتراكية، واستهل حديثه بقوله: “شعارات المؤتمر تعبر عن طموحات ملايين النساء، نصف البشرية، ولتحقيقها يعمل أناس من عقائد مختلفة هذا النضال يضم الآن أوسع فئات الرأي العام العالمي. لقد رحب بلدنا بخطوة الأمم المتحدة ـ عقد المرأة ـ ولكننا لا نلمس تحسناً ملموساً في وضع المرأة بل إن وضعها يزداد سوءاً في بعض البلدان وهذا سبب استغلال الإنسان الذي يؤدي إلى البطالة…” وقد تابع الرفيق هوساك قائلاً: “لقد استطاع النظام الاشتراكي حل المشاكل الأساسية للمرأة وفتح أوسع الآفاق أمام تطويرها. وحق المرأة في العمل من المكاسب الجوهرية. لقد نسقت الاشتراكية الأحكام المسبقة فيما يسمى بالمهن النسائية المرتبطة بانخفاض التأهيل المهني. إن التعليم حق أساسي لتطور المرأة”.
ومن ثم كانت الكلمة للسيد شاهاني:
التي حملت تحيات كورت فالدهايم، الأمين العام للأمم المتحدة، وقرأت رسالته للمؤتمر التي جاء فيها: “إن توقيع اتفاقية دولية حول إزالة جميع أنواع التمييز ضد المرأة من شأنها تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة. والسلام شرط أساسي لتحقيق المساواة والتنمية الاجتماعية” وللمرأة دور خاص في القضاء على التوتر وخطر شن الحرب. وإن مؤتمركم هذا سيساهم في تعزيز السلام”. ثم تابعت السيدة شاهاني حديثها الذي جاء فيه: “هنالك مساع لمزيد من مساهمة المرأة في تطوير المجتمع. ويجب بحث موضوع التوفيق بين العمل المنزلي والمنهي. إن الاستقلال الوطني وتعزيز السلام أمران ضروريان لتحقيق السلام. وبدون تطور ومساواة لا يمكن احتلال السلام”.
ومن ثم قدمت السيدة فريدا براون التقرير العام الذي كان من أبرز ما ورد فيه:
“إننا نرفض الحرب نرفض سباق التسلح الذي سيستهلك في كل دقيقة مليون دولار، سباق التسلح الذي يؤدي إلى البطالة إلى زيادة الأسعار إلى تخفيض القدرة الشرائية إلى تخفيض المخصصات الاجتماعية. ولذي يجعل كل 1/5 من البشرية أمياً وكل 1/7 جائعاً وكل 1/10 لا يعرفون الماء النقي. إن (15) مليون طفل يموتون سنوياً من الجوع. وبعد هذا انقسم المؤتمر إلى اللجان الست المقررة:
1- المرأة والعمل.
2- مساواة المرة في المجتمع.
3- المرأة والعائلة.
4- المرأة في سبيل السلام.
5- نضال المرأة من أجل الاستقلال الوطني والتنمية.
6- التنسيق بين المنظمات غير الحكومية ومنظمات الأمم المتحدة.
وقد عملت كل من هذه اللجان في جلسات صباحية ومسائية متواصلة خلال ثلاثة أيام حيث استمعت كل لجنة إلى ما لا يقل عن تسعين كلمة توصلت بعدها إلى العديد من التوصيات والقرارات التي عرفت فيها بعد في الجلسة الختامية والتي كان من أبرزها:
1- التأكيد على أهمية التأهيل المهني للمرأة وخاصة في المهن الجديدة.
2- الحرص على تمكين المرأة من التوفيق بين واجباتها المنزلية والوظيفية.
3- البحث عن إمكانيات تحسين أوضاع الشابات والنساء الريفيات وتأمين حقهن من نيل الثقافة والتأهيل المهني.
4- التأكيد على الحكومات كي توقع على الاتفاقية الصادرة عن الأمم المتحدة بصدد عدم التمييز ضد النساء. والقيام بحملة مشتركة من أجل التطبيق الفعلي لها، وتحقيق الانسجام بين التشريعات الوطنية وبين الاتفاقية. علماً بأنه ستشكل في شهر آب 1982 لجنة لهذا الغرض مهمتها مراقبة تطبيق هذه الاتفاقية على المستوى الطولي.
5- تحديد السن الأدنى للزواج.
6- إزالة أي شكل من أشكال التمييز بين الأطفال حسب الجنس سواء في الألعاب والتعليم أو التربية البدنية وكل مواد الإعداد المهني.
7- التأكيد على أن حق العمل حق أساسي لجميع الناس ولهم الحق في الأجر المتساوي للعمل المتساوي.
8- التأكيد على أن مشاركة المرأة في المجال الاقتصادي والاجتماعي تتطلب تأمين ظروف اجتماعية لتربية الجيل الجديد.
9- التأكيد على التنظيم المهني ومشاركة النساء العاملات فيه بشكل مشترك وفعال من أجل الحصول على العمل والجر المتساوي للعمل المتساوي والثقافة الأعلى وحقوقهن في الأمة والتعويضات العائلية وإبعاد أي تمييز.
10-على العاملات الزراعيات توسيع وزيادة نضالهن من أجل الاشتراك في النقابات.
11-الاهتمام بالعاملات اللواتي يعملن في المنازل لأن النقابات لا تعترف بحقوقهن حتى الآن.
12-التأكيد على ضرورة توسيع نشاط الإعلام حول دور النساء ونضالهن من أجل خدم التقدم الحقيقي للمرأة وعدم النيل منها اجتماعياً.
13-التأكيد على أن مصلحة الطفل أمر أساسي في حياة الأسرة، والنضال ضد الأمية لصالح الأجيال القادمة وتأكيد الحكومات على هذا. وتربية الأجيال بروح السلام والتفاهم بين الشعوب وتأمين المدارس لجميع أطفال المجتمع.
14-تأييد جهود الدول الاشتراكية في النضال من أجل السلم وحقوق الإنسان والاستقلال الوطني ونشر النظام الأكثر عدالة في العالم.
المرأة والاشتراكية
قمت بزيارة لجمهورية ألمانيا الديمقراطية استهدفت الإطلاع على تجربة المرأة هناك، وقد خرجت من خلال هذه الزيارة بنتيجة هي أن خلاص المرأة العربية من أغلال القيود التي تكبلها وتحقيق كرامتها كإنسان والتوصل إلى تحررها الحقيقي من كل أشكال الاستغلال لا يمكن أن تتحقق جميعها إلا في ظل الاشتراكية، وقد أثبتت الممارسة العملية للنظام الاشتراكي أن تحرير المرأة جزء من تحرير المجتمع، وأن الحرية الحقة في المجتمع لا يمكن امتلاكها إلا بتطبيق الاشتراكية تطبيقاً فعالاً.
لقد برهنت التجربة التاريخية للبشرية أنه لا يمكن التوصل إلى المساواة الحقيقية للمرأة في الحقوق إلا في ظل النظام الاشتراكي، الخالي من الاستغلال الطبقي والاجتماعي البعيد كل البعد عن كل أشكال التمييز، فهذا النظام يشكل القاعدة التي تستند إليها حقوق المرأة والأسرة على السواء في جميع ميادين الحياة.
والنظام الاشتراكي هو النظام الوحيد الذي يضمن الحقوق الأساسية لكل مواطن في التعليم والعلم وتنمية القدرات والميول دون تفرقة بين المواطنين الذكور والإناث على حد سواء وبصرف النظر عن المنشأ الاجتماعي أو الدين أو أية عوامل أخرى، وقد ثبت بالتجربة أن أكثر البلدان الرأسمالية ثراء وتطوراً والتي تتباهى بمستواها المعاشي الرفيع لم تستطع حل المشاكل الاجتماعية الأساسية.
وتعتبر المرأة في البلدان الرأسمالية من أوائل ضحايا البطالة، فهي تتقاضى رواتب وأجوراً أقل بنسبة 20 – 30% عما يتقاضاه الرجل حتى ولو كانت تؤدي العمل نفسه الذي يؤديه الرجل، وتأخذ المرأة على عاتقها أعباء الأمومة وتربية الأطفال، بسبب افتقار هذه البلدان إلى وجود قوانين تحمي الأمهات عامة، وإن وجدت هذه القوانين فهي محدودة للغاية.
والمرأة غالباً ما تكون خاضعة تماماً لإرادة زوجها أو والدها أو ولي أمرها، فهي لا تتمتع إلا بإمكانيات محدودة جداً للمشاركة في حياة بلدها السياسية والاجتماعية رغم وجود عدد محدود من النساء استطعن بلوغ وتقلد مناصب عليا في الدولة.
لقد تحدث لينين عن هذا في حينه قائلاً: “إذا لم تشترك المرأة بدور مستقل ليس في الحياة السياسية فحسب، بل وأيضاً في خدمة المجتمع بصفة دائمة ودون استثناء، فلا يمكننا التحدث ليس عن الاشتراكية فحسب، بل ولا عن الديمقراطية الراسخة والكاملة”.
في جمهورية ألمانيا الديمقراطية ومن خلال اللقاءات والمقابلات التي أجريتها مع مختلف فئات النساء وجدت أن المساواة بين المرأة والرجل تشكل عنصراً رئيسياً في توطيد الأسرة وتحويلها إلى عش جميل ترفرف فوقه السعادة والانسجام.
ما ينتظره المعلمون من نقابتهم
انتخابات نقابة المعلمين على الأبواب، والمفروض أن تتم خلال شهر آذار، ماذا تنتظر جماهير المعلمين والمعلمات من نقابتهم القادمة، وبالأخص جماهير المعلمات، اللواتي بدأن يشكلن النسبة الأكبر بين العاملين في هذا الحقل التربوي الهام، وبالغ الأهمية، ونقول بشكل خاص، لأن المعلمة بالإضافة إلى مهامها التربوية التي تنفذها خلال عملها الشاق، فإنها أيضاً امرأة بأعبائها التي لا حصر لها، كربة بيت، وأم، ومسؤولة مباشرة عن ترتيب شؤون الأسرة وما يجره ذلك من أعباء ومسؤوليات، ومن الجدير ذكره أن هذه الإنسانة العاملة المكافحة لم تجد حتى الآن في نقابتها تعبيراً عنها وعن مشكلاتها، ومعاناتها، وينعكس ذلك في الموقف السلبي الذي تتخذه جماهير المعلمات من العمل النقابي… ومن نقابتهن على وجه التحديد. فكيف يمكن أن نخرج مئات الألوف تلك عن موقفها هذا؟ وكيف يمكن أن ندفعها لتدلي برأيها فيمن ترغب أن يمثلها؟ لاشك أن ذلك يتطلب أن تشعر جماهير المعلمين والمعلمات بان من ينتخبونهم سيقومون بمهامهم كما ينبغي لنقابة أن تفعل… وأن هذه النقابة ستقوم بالدفاع عن حقوقهم والنضال من أجل تحقيق مطالبهم، وتحسين ظروف معيشتهم وعملهم وبالمساهمة في حل مشاكلهم بكل الإمكانات المتوفرة، وفي هذا المجال ينبغي أن نذكر أن المعلمين بجنسيتهم لم يقصروا في إيصال هذه المطالب إلى نقابتهم، وقاموا في كل مناسبة لقاء رغم قلتها، وندرتها في السنوات الأخيرة يعكس معاناتهم اليومية بدءاً من الدوام إلى الأبنية المدرسية بمواصفاتها الفنية والعددية، والمناهج، وانتهاء بدفتر التحضير، وطرائق التدريب التي تغير بين فترى وأخرى دون إعداد مسبق للمعلمين لتنفيذها. إلى أزمة السكن الخانقة وعدم التناسب الراتب مع حجم العمل المطلوب منهم وطبيعته، والغلاء المتصاعد يوماً بعد يوم. إلى رياض الأطفال، وعدم توفرها، وعدم توفر الإجازات للمعلم مهما دعت الضرورة وألحت، خارج أيام العطل المقررة… وبخاصة بالنسبة للأمهات في حالة مرض الأطفال، إلى مشالك التغيير والنقل.. وعدم التقيد بالضوابط الموضوعة إلى غير ذلك من المشاكل التي أصبحت معروفة لجميع العاملين في هذا الميدان.
إن النقابة الجديدة مدعوة إلى أخذ ذلك كله بعين الاعتبار الجادة، وإلى النضال من أجل تصحيح نظرة جماهير المعلمين إلى العمل النقابي، مدعوة إلى أن تكون من المعلمين وإليهم، أن تكون بينهم مناضلة دون كلل في سبيل تحقيق مطالبهم، وتخفيف أعبائهم مدعوة إلى نبذ مشاريع الأبهة وتوفير النفقات وتحويلها إلى خدمات ملموسة للمعلمين، إلى المساهمة برفع مستوى المعلمين الثقافي والمادي وإلى تهيئة ظروف عمل وحياة فصل. والمهمة ليست سهلة بعد كل التراكمات التي أوصلت المعلمين إلى موقفهم الحالي من النقابة، ولكنها ليست مستحيلة فالجماهير تحس دوماً من كان قريباً منها، وهي مستعدة للتعاون مع من يمد يده بصدق وإخلاص، ولكنها لا تهادن من يبتعد عنها ويتعالى عليها.
طفولة مفقودة..
إن عالم الأطفال الفلسطينيين ليس عالماُ مليئاً بالأحلام وبألوان قوس قزح البهيجة والألعاب البريئة التي هي جزءاً لا يتجزأ من عالم الأطفال. لقد ولدوا وسط مأساة شعبهم وتعرفوا منذ ساعات الولادة الأولى على البؤس والشقاء المفروض عليهم. وبالنسبة لكل من أبصر الحياة في ظل الاحتلال الإسرائيلي أصبح الإرهاب أمراً مرادفاً للحياة. فالإسرائيليون يهاجمون العوائل الفلسطينية قبل حلول الفجر، ويلقي بالآباء والأمهات والأقرباء في السجون، كما تسمع أصوات إطلاقات المدافع الرشاشة ليلاً ونهاراً، ويقبع الأطفال في البيوت حارمين أنفسهم من متعة اللعب في الشوارع بسبب القوانين الاستثنائية. إن كل هذه الأمور قد أصبحت من مظاهر الحياة اليومية في ظل الاحتلال الإسرائيلي وطبعت حياة الأطفال الفلسطينيين بطابعها. كما يبصر الأطفال الفلسطينيون كل يوم المجنزرات الإسرائيلية تحتشد في الشوارع، وينصتون لضجيج الطائرات المقاتلة وهي تحلق فوق رؤوسهم ويعايشون بمرارة قصف معسكرات اللاجئين والمدن.
وقبل أن يبدأ الطفل الفلسطيني خطوته الأولى في الحياة يتوجب عليه أن يعاني من مشاهد الأسلاك الشائكة التي تقطع الشوارع وتطوق المناطق السكنية، حتى يصل الأمر إلى منع الفلسطينيين من دخول بيوتهم، قبل أن تتحول هذه البيوت إلى خرائب، هناك إحصائيات تقديرية تقول، بأن 40 بالمئة من الأطفال الفلسطينيين في المناطق المحتلة تتراوح أعمارهم بين سنة واحدة و16 سنة. إن حياة هؤلاء قد استحالت إلى كابوس من الاستغلال والإرهاب والسجن والتعذيب والقتل. لقد قتل المئات من الأطفال الفلسطينيين من قبل الجنود الإسرائيليين أثناء هجماتهم على معسكرات اللاجئين والمدارس.
كما استحال المئات إذا لم نقل الآلاف منهم إلى أشخاص معاقين مدى الحياة بسبب المعاملة القاسية لهم من قبل جنود الاحتلال الإسرائيلي. إن الهجوم على مدرسة بيت جالا في مارس 1978 هو مثال واضح للعيان على المعاملة الوحشية للأطفال. حيث أغلق المحتلون الإسرائيليون شبابيك أربع قاعات في هذه المدرسة وأمروا الأطفال بالبقاء فيها ثم قذفوا بالقنابل المسيلة للدموع إلى داخل المدرسة وأغلقوا أبوابها. مما اضطر الأطفال للقفز من شبابيك الطابق الثالث مما أدى إلى تهشم أطرافهم. أما أولئك الذين لم يقفزوا من الشبابيك، فقد عثر عليهم وهم في حالة فقدان الوعي.
ويصف جندي إسرائيلي هذا الهجوم “الشجاع” على المدرسة كما يلي: “لقد سقط الأطفال في أيدينا مثل فراشات أصابها غاز مبيد للحشرات. كانت أعمارهم تتراوح بين ثمان وعشر سنوات. أبصرناهم مرميين على الأرض بعد أن تهشمت أطرافهم وهم عاجزين عن الحركة”. وبنفس الأسلوب قام جنود الاحتلال بالهجوم على تلاميذ مدرسة بين ساحور التي تقع على مقربة من بيت جالا.
ويدخل عدد كبير من الأطفال الفلسطينيين السجون يومياً، وتتم معاملتهم فيها كالكبار سواء من ناحية العقوبة والغرامات المالية. وقبل فترة قصيرة أصدرت المحكمة الإسرائيلية العليا قراراً يقضي بتطبيق العقوبات على الأطفال في سن الثانية عشرة. إذا ما قاموا بخروقات قانونية، وأن يقدم هؤلاء أمام المحاكم مثلهم مثل الكبار بتهمة مقاومة سلطات الاحتلال. وهناك تقديرات تقول، بأن عدد الأطفال الفلسطينيين الذين قدموا للمحاكمة يبلغ أكثر من 3000 طفل، وذلك بتهمة مقاومة سلطات الاحتلال والتظاهر ضدها، وكتابة الشعارات على الجدران، أو رفع العلم الفلسطيني وتوزيع المنشورات.
وفي مذكرة قدمتها المحامية الإسرائيلية المعروفة فيليسيا لأنغر ولجنة حقوق الإنسان، هناك فقرة تقول: “لقد رأيت كيف كانوا يدفعون بأعداد كبيرة من الأطفال أمام المحاكم الإسرائيلية حيث تم الحكم عليها بالسجن أو بدفع غرامة مالية تبلغ قيمتها آلاف الليرات الإسرائيلية وأمام إحدى محاكم القدس دافعت عن عدد من الفتيات في الثالثة عشرة من عمرهن من منطقة فالنديا التي تقع على مقربة من القدس. وفي هذه المحكمة سمعت، كيف طالب القاضي بإدخال هؤلاء الفتيات إلى السجن بحجة الحفاظ على أمن إسرائيل. إن السجون مليئة بالأطفال الذين يعاملون بقسمة أثناء نقلهم من سجن إلى آخر. ويقوم الجنود الإسرائيليون بتحشيد الأطفال الفلسطينيين في ساحة السجن ثم ينهالون عليهم ضرباً بالعصي، ويفزعونهم بالأفاعي التي يلقونها في وسطهم. وفي حالات أخرى يتسللون إلى مساكن الفلسطينيين ليلاً ويعتقلون أطفالاً أبرياء، كما حصل في معسكر بلطة للاجئين قرب نابلس.
بعد الاعتقال نبدأ بالنسبة للأطفال حيات مليئة بآلام لا مثيل لها. حيث يعاملون كما لو كانوا مجرمين ممعنين بالإجرام ويجري تعذيبهم بأسلوب وحشي مهين. وتثبت شهادات الأطفال أمام المحاكم، بأن السجانين يضربونهم باستمرار بعصا مطاطية على رؤوسهم وأقدامهم، وأعضائهم التناسلية والمعدة والأيدي. كما توجه لهم الصعقات الكهربائية ويسحبون من شعر الرأس، أو يخنقون من قبل معذبيهم. إضافة إلى تهييج الكلاب المدربة وتهديدهم بالاغتصاب واغتصاب أمهاتهم وأخواتهم.
إن هذه النزعات السادية لا تعرف حدوداً والأطفال الفلسطينيون مازالوا ضحايا لممارسات وحشية تستهدف تحويل حياتهم البريئة إلى جحيم لا يطاق.
وورد في تقرير اللجنة التحقيقية لمنظمة العمل الدولية التي زارت الضفة الغربية للبحث في أوضاع العمال في المناطق المحتلة، بأن 20 بالمئة من العمال الفلسطينيين الذين يعملون بشكل غير رسمي في ظل الاحتلال هم من القاصرين في السن الذين يتم استغلالهم ببشاعة إضافة إلى ممارسة أسوأ أشكال المعاملة القاسية لهم. وكما تشير الصحافة فإنهم يوضعون في داخل كراجات وقاعات خزن لكي لا يتمكنوا من الهرب. وقد مات ثلاثة من هؤلاء الأطفال بسبب حريق في إحدى قاعات التخزين.
ويستلم الأطفال أجور منخفضة جداً، ويعملون لمدة 14 ساعة في اليوم. في الساعة الثالثة ليلاً يتم نقلهم من مراكز تجمع تدعوها الصحافة “أسواق العبيد” ويتم إرجاعهم إليها في السادسة مساءً.
إن الشروط الأول للنمو الطبيعي للطفل هو الحياة العائلية السعيدة. إلا أن السلطات الإسرائيلية المحتلة غالباً ما تحرم الأطفال من هذه الحياة، حيث ترمي بأحد الأبوين أو بكليهما وراء جدران السجون أو تحكم عليهم في اغلب الحالات بالسجن مدى الحياة.
ويستيقظ مئات الأطفال الفلسطينيون صباحاً ليكتشفوا اختفاء آبائهم وأمهاتهم الذين ينبغي عليهم أن يساعدونهم في خطوتهم الأولى في الحياة. كما أن هناك عدد من الأطفال يولدون ويموتون دون أن يكونوا قد أبصروا آبائهم القابعين في السجن مطلقاً. ويولد قسم آخر من الأطفال في السجون، حيث أن الأمهات دخلت السجن “لأسباب تتعلق بالأمن”.
ومن ضمن 450 امرأة فصلت عن أطفالها. وفي بعض الحالات يتم اعتقال كافة أفراد العائلة، ويعزل الأطفال عن آبائهم، بحيث لا يعرف أي منهم بحالة الآخر.
في تقرير عن الوضع التربوي في المناطق المحتلة تم تقديمه لمنظمة اليونسكو ثبت ما يلي:
“تعميق السلطات الإسرائيلية الازدياد الطبيعي في عدد التلاميذ الفلسطينيين. وهذا ينطبق بشكل خاص على تلاميذ المرحلة الابتدائية والمرحلة المتوسطة. وإحدى أسباب هذه الظاهرة يكمن في دفع الأطفال إلى العمل من قبل السلطات الإسرائيلية. أو إغلاق المدارس وفصل ونقل المعلمين.
فبعد الاحتلال سلمت إدارة نظام التعليم إلى السلطات العسكرية الإسرائيلية، وذلك بهدف القضاء على كافة برامج التعليم في المدارس العربية، وتغيير خطط التدريس وبهذا سعت السلطات لمحو كل ما له علاقة بالشخصية الوطنية الفلسطينية. وتم محو كل ما يشير إلى دور العرب في الحضارة وفي تاريخ البشرية من قبل الرقابة، وكذلك كان مصير كافة الأفكار التي تتناقض مع أفكار المحتلين الإسرائيليين، الملاحقة الإسرائيلية وعمليات “غسل الدماغ”.
“إن الاحتلال يستهدف نشر الأمية في صفوف الأطفال الفلسطينيين، وجعلهم مجموعة من البؤساء الذين يمكن التصرف بمصائرهم بسهولة واستغلالهم حسب النظرية السيئة الصيت التي تقول: انشر الجهل بين شعب ما، لكي تستطيع أن تحافظ على سيطرتك عليه”. ورد هذا في تقرير لجنة الدفاع عن حقوق الإنسان الفلسطيني في بيروت.
لقد عبر اندع باستمرار عن تضامنه العميق مع النضال البطولي لنساء وشعب فلسطين. ويحتج اندع بشدة على ممارسات الاحتلال الإسرائيلي ويطالب بإطلاق سراح الأطفال والنساء والرجال الفلسطينيين الذين دخلوا سجون الاحتلال بسبب نضالهم ضد الاحتلال الصهيوني ومن أجل حقوقهم الوطنية المشروعة.
من علّم الصغيرة أن تحلم بالمساواة
طفلة في ربيعها الرابع عشر كتبت في موضوع التعبير تتحدث عن أمنياتها بمناسبة العام الجديد: “أتمنى أن تتحقق المساواة بين المرأة والرجل في مجتمعنا”. كيف؟ ومتى؟ أمكن للصغيرة التي ينبغي أن ينحصر همها في مثل هذه السن، بدروسها وبناء أمنياتها الخاصة، وأحلامها الطفلة في لهوها وسعادتها المقبلة أن تحس وبهذه الحرقة والغصة عدم مساواتها بالرجل، ولغله في هذه الحالة أخوها، أو جارتها، اللذان درجت معهما في ملاعب طفولتها وفصلتهما عنهما أولى خطوات شبابها. كيف؟ ومتى؟ أمكن لهذه الزهرة المتفتحة أن تدرك عمق الهوة، وعمق المشكلة التي تناضل من أجل حلها نساء العالم…؟! لعلها أحستها في أحضان أسرتها، في نظرات جارتها… شعرت بها في أول عبارة توج إليها! أنت بنت عليك أن تلزمي حدود كذا وكذا… أنت بنت لا ينبغي أن تضحكي هكذا… أو ترفعي صوتك.. أو تلبسي… أو … أو… لعلها شعرت بها على مقاعد دراستها… في غرفة التدبير المنزلي… في نصوص التوجيه التربوي في قصص البطولة النسائية التي تحاك كطرائف وندر… في الشارع وكي تسمع أولى الكلمات التي تمس مشاعرها لأنها أنثى، وتذكرها في كل لحظة بأنها كذلك… في علاقات أمها وأبيها وجيرانها وجاراتها.. في كل ما يدور حولها. بالتأكيد لم تشعر بذلك بالفطرة، فالفطرة لا تفرق بين ذكر وأنثى، ولا يمكن لأحدنا أن يشعر بفطرته دون الآخرين…
يا صديقتي الصغيرة لعله مما يخفف عنك أن تشعري أنك لست وحدك التي تحس ذلك، فقبلك مئات من المناضلات والمناضلين يعملون من أجل تحقيق أمنيتك.. إن نساء العالم أجمع تناضلن من أجل المساواة على كل المستويات وفي جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. هناك في البعيد في الدول الرأسمالية المتطورة، كما يقال تناضل ملايين النساء من أجل حقهن في الحياة والعمل، من اجل الأجر المتساوي للعمل المتساوي من أجل الاعتراف بحق أطفالهن في العناية والحياة السعيدة… من أجل ألا تستخدم المرأة كسلعة في آلة المجتمع الفاسدة بشكل يمس كبرياءها وكرامتها وإنسانيتها، من أجل أبسط حقوقها كإنسان.. فالمشكلة يا صغيرتي في عمق صفاء عينيك الذي نعمل جميعاً على ألا تكدره نظرة قلق إلى المستقبل… أنت تتمنين لا بأس فأمنيتك تشد أزرنا وتدفعنا أكثر، وإلى مزيد من النضال من أجل صياغة مستقبل لا مكان فيه لأمنيات يصوغها الصغار غير السعادة… والهناء.. والحياة الأفضل.
أرسل هذا المقال بالبريد الإلكتروني