المحتويات
· لنا كلمة: على أبواب عام دراسي جديد
· مؤتمر موسكو تظاهرة عالمية ذات دلالةـ مع وفد رابطة النساء السوريات لحماية الأمومة والطفولة إلى مؤتمر موسكو
· مؤتمر المرأة العالمي، موسكو 23 إلى 27 حزيران (يونيو) 1987ـ تقرير اللجنة السابعة: وسائل الإعلام والمرأة ـ تقرير اللجنة الثالثة: المرأة والعمل
· المرأة السوفييتية على ضوء الإحصائيات
· رياض الأطفال.. مشكلة تنتظر الحل
· رسالة يبرود
· أغلى الهدايا: للشاعر سميح القاسم
· صور من مناهجنا التربوية
· الطائر ذو القبرة الشائبة
· ميدالية الأمم المتحدة لمصممة سوفيتية
· رسالة عبر الرياح
· ( أندع) يعلن تضامنه مع الشعبين الفلسطيني واللبناني
· المساواة على الطريقة الأمريكية
· معجزة المرأة
· زاوية تربوية: التربية بروح السلم، ووسائل الإعلام…
لنا كلمة
على أبواب عام دراسي جديد
مع إطلالة شهر أيلول من كل عام تبدأ (حمى المدارس). والمشكلة عامة ومتعددة الجوانب تشمل الأسرة والمدرسة والمؤسسات التربوية بكافة أشكالها ومسؤولياتها وبالرغم من موسمية هذه المشكلة وتكرارها كل عام، فما تزال حادة، بل وتتفاقم مع ازدياد الضائقة الاقتصادية والمعاشية، حتى باتت تمثل هماً ينبغي التفكير الجدي للتوصل إلى تخفيفه عن كاهل الناس إذا لم نتمكن من حله جذرياً في المرحلة الآنية.
إن قانون إلزامية التعليم للمرحلة الابتدائية ومجانيته لكافة المراحل، إنجاز هام على طريق تطوير المجتمع ومحو الأمية العدو اللدود لتقدم الشعوب. إن هذا القانون إضافة إلى ارتفاع مستوى وعي شعبنا وإقباله على التعليم بكافة مراحله يدفع عشرات الآلاف من الأطفال سنوياً إلى المدارس. والمعاهد والجامعات ـ ومع هذا الازدياد المطرد في عدد المتعلمين تزداد المشكلة تعقيداً. وسنتناول هنا بعضاً من جوانب هذه المشكلة والمتعلقة بالمدرسة الابتدائية لكونها مرحلة إلزامية ومجانية.
المعروف أن القانون لا يمكن أن يلزم الأفراد بشيء دون أن يوفر لهم إمكانية تنفيذه، بمعنى أن الدولة عندما تلزم المواطنين بإرسال أبنائهم إلى المدارس ينبغي أن تؤمن لهم شروط تنفيذه وتأخذه على عاتقها فتنحصر مهمة الأهل عندئذ في إرسال الطفل حتماً إلى المدرسة وتتولى الدولة الباقي فما الذي يحدث وكيف يطبق مفهوم المجانية.
المجانية المطبقة عملياً تتمثل في:
– عدم دفع رسوم شهرية أو سنوية.
– تخفيض رسوم التسجيل، والمبلغ المطلوب زهيد فعلاً لا يتجاوز خمس ليرات سورية، ثلاث منها تعاون وليرتان للنشاط الرياضي.
– توزيع الكتب على طلاب المرحلة الابتدائية مجاناً.
ولكن هل تقف متطلبات المدرسة عند هذا الحد؟ وماذا عن الدفاتر، والأقلام واللباس المدرسي الرسمي والرياضي، وأدوات الأشغال والفنون المختلفة.. و… إلخ.
إن الكلفة الحقيقية المترتبة على المواطن تفوق أضعافاً مضاعفة ما يوفر من ثمن الكتب وتخفيض الرسوم فإذا كان لدى الأسرة ثلاثة أطفال أو خمسة، أو سبعة فلنا أن نتصور حجم المدفوعات السنوية التي تترتب على الأسر الكادحة وذات الدخل المحدود ناهيك عن الصعوبات الفائقة أمام تأمين هذه المتطلبات وعدم توفرها.
إن جولة واحدة على المؤسسات الاستهلاكية في شهر أيلول كفيلة بإعطاء صورة عن حجم المشكلة هذا حيث تتوفر المؤسسات الاستهلاكية أما حيث تنعدم في القرى والمناطق النائية، والمدن الصغيرة وغيرها فالصورة تبدو أكثر قتامه والمسألة أكثر تعقيداً.
ونحن لا نريد أن نطرح المشكلة بمعزل عن الوضع المادي الصعب للجماهير الشعبية ولكن لا نريد أيضاً أن تتوقف معالجتها على ارتفاع المستوى المادي للناس وننتظر ريثما تتم معالجة الصعوبات الاقتصادية التي نشأت بفعل عوامل ذاتية أو موضوعية لا مجال لذكرها الآن.
فالمشكلة قائمة وشديدة اللصوق بحياة الناس إذن يجب معالجتها وتخفيف حدتها ونرى أن ذلك لا يمكن أن يتم إلا بتكاتف جميع الجهود في الدولة ووضع خطة شاملة لاستيعاب الطلاب في المدرسة الابتدائية تتناول مختلف جوانبها ومن بينها تأمين كافة مستلزمات العملية التربوية ويمكن أن تشارك في ذلك معامل القطاع العام ومؤسسات الدولة ومنشآتها المختلفة ووزاراتها بحيث يخصص جزء من أرباحها للإنفاق على تلاميذ المرحلة الابتدائية وعلى المدارس نفسها التي يعاني كادرها صعوبات لا تقل أهمية عن صعوبات الأهل من حيث نقص عدد الشعب الذي يؤدي إلى الاكتظاظ في الشعبة الواحدة.
– نقص المقاعد المخصصة الأمر الذي يؤدي إلى حشر ثلاثة أو أربعة أطفال في المقعد الواحد.
– النقص الجدي في الوسائل المعينة يدفع المعلم إلى الاعتماد على الذات وعلى التلاميذ في تأمينها.
– عدم توفر المواد الضرورية للنشاطات الفنية المدرسية المختلفة والتي تتمتع بأهمية كبيرة في إنجاز العملية التربوية، مما يدفع المعلم إلى طلب هذه المواد من التلاميذ وإضافة عبء جديد على الأهل. إلى غير ذلك من المعاناة التي تنعكس سلباً على أداء المعلم وعلى مستوى التعليم وتضع المدرسة في مواجهة مباشرة مع أولياء التلاميذ في حين أن التعاون بينهما يشكل أساساً متيناً لتحقيق الأهداف العميقة من العملية التربوية بمجملها.
إن جهوداً كبيرة تبذل من أجل تطوير التعليم بمختلف مراحله ولكن أياً منها لا يتناول القضية المطروحة رغم أهميتها وتأثيرها في حياة الناس ومواقعهم وبكلمة ينبغي العمل على تحويل يوم افتتاح المدارس إلى ما يشبه العيد الوطني يستقبله الناس بالزهور، والفرح والسعادة، بدلاً من تحويله إلى يوم (نكد) في حياتهم يحملون همه طيلة العام.
مؤتمر موسكو تظاهرة عالمية ذات دلالة
مع وفد رابطة النساء السوريات لحماية الأمومة والطفولة إلى مؤتمر موسكو:
شاركت رابطة النساء السوريات لحماية الأمومة والطفولة في مؤتمر موسكو العالمي الذي عقد ما بين 23 – 27 حزيران 1987 بوفد مؤلف من الرفيقتين كوثر رحمون ـ جميلة حيدر، ومعهن أجرت صوت المرأة هذا اللقاء:
كان المؤتمر تظاهرة عالمية لجماهير واسعة من النساء اجتمعن في موسكو عاصمة الاتحاد السوفييتي تحت شعار:
“نحو عام 2000 بدون سلاح نووي”.
“من أجل المساواة والتنمية والسلام”.
بهذا استهلت مندوبتنا كوثر رحمون حديثها.
– وكيف كانت المشاركات؟
* ساهمت في المؤتمر نساء من مختلف الفئات الاجتماعية، عالمات وزيرات، برلمانيات، عاملات، فلاحات، موظفات ومعلمات من اتجاهات سياسية مختلفة ومن دول ذات أنظمة اجتماعية متباينة من جميع قارات العالم. بينهن مناضلات وسيدات ذوات شهرة عالمية.
كان عدد المشاركات في عاصمة السلام موسكو كتعبير عن الثقة بالسياسة المحبة للسلام التي ينتهجها الاتحاد السوفيتي.
– سمعنا أن القائد السوفييتي غورباتشوف قد حضر المؤتمر؟
* أجل، كما تعلمون كان غورباتشوف الضيف الذي رحبت به الآلاف المشاركة، واستمعت إلى كلمته باهتمام كبير وصفقت له طويلاً، وكان وجوده على منصة الرئاسة إلى جانب 85 امرأة ورجل دلالة على الاهتمام الكبير الذي يعيره الاتحاد السوفييتي لهذا المؤتمر.
صفقت النساء طويلاً عندما قال: “يقول المثل القديم: القيم في الدنيا ثلاثة: قوت اليوم الذي يهب الصحة والقوة المتجددة، والحكمة المكتوبة في الكتب والتي تضمن تعاقب الدهور، والمرأة التي تصون خيط الحياة من الانقطاع” وأضاف: “إن مستوى تحرر المرأة هو المقياس الطبيعي لتحرر المجتمع وأن وضع المرأة هو معيار الديمقراطية في أية دولة ومؤشر لاحترام حقوق الإنسان فيها”.
وتابعت أم خلدون حديثها قائلة:
لا أستطيع أن أصف لك كل ما جرى في حفلة الافتتاح، ولكن أود أن أشير إلى التأثّر الكبير الذي قابلت به النساء أطفال منظمة الأطفال الدولية عندما ظهروا في القاعة بأعداد كبيرة يحملون لافتات كتب عليها أسماء ضحايا الحروب وقد تجمع عدد منهم على المنصة، أطفال من المكسيك ونيروبي واليابان والهند وأفريقيا والاتحاد السوفييتي يرددون بمختلف لغات العالم.. أيتها الأمهات والجدات والشقيقات اعملن كي تتوقف الحروب في العالم، ولكي يكون لدى جميع الأطفال بيت ومدرسة كي يمكننا أن نترعرع.
وقد انهمرت الدموع من عيني غورباتشوف عندما قدم له طفل كرة أرضية من الزجاج تعبيراً عن ثقتهم بما يبذله وشعوب الاتحاد السوفييتي والقوى المحبة للسلام في سبيل المحافظة على كوكبنا وحمايته من الدمار.
– كيف سارت أعمال المؤتمر بعد ذلك ونحن نعلم أن مدته لم تتجاوز أربعة أيام؟
* لابد من الإشارة إلى حسن التنظيم والجهود الكبيرة التي بذلتها لجنة النساء السوفييتيات كمضيفات للمؤتمر. والتي لعبت دوراً كبيراً في إنجاح أعمال المؤتمر.
وتعلمون أنه قد تم توزيع المساهمات في لجان ثمان. ساهم وفدنا في لجنة المرأة ونزع السلاح ولجنة المرأة والمجتمع. كما ساهم في أمسيات التضامن المختلفة التي كانت من ضمن أعمال المؤتمر. ساهم في أمسية التضامن مع نساء أفريقيا ومع نساء الشرق الأوسط كما اشترك في لقاء عمل أقامه الوفد اللبناني شرح فيه الوضع في لبنان، ولقاء آخر حول حرب الخليج دعت إليه الأخوات العراقيات مندوبات رابطة المرأة العراقية… كما حضرنا نقاشاً في غاية الحيوية بين النساء السوفييتيات والنساء الأمريكيات.
وقد صدر تقرير عن أعمال كل من اللجان الثمان التي ذكرناها.
– وكيف طرحت قضية الشرق الأوسط من خلال المؤتمر؟
* لقد تضمنت التقارير إشارة واضحة إلى الدعم الكبير الذي يلقاه الشعب الفلسطيني وحقه في العودة وتقرير المصير.. وكذلك قضية الشعب اللبناني ونضاله ضد العدوان الإسرائيلي، وقضايا المرأة العربية، إن تكليف ليندا مطر رئيسة لجنة حقوق المرأة اللبنانية بإلقاء التقرير الختامي لأعمال المؤتمر في الجلسة الختامية دليل على الاهتمام الذي توليه القوى المحبة للسلام في العالم لقضية الشعوب العربية في تصديها للمخططات الإمبريالية والصهيونية.
– وكيف كانت الوفود العربية في المؤتمر؟
* لقد كان التمثيل العربي واسعاً وقد شاركت في المؤتمر جميع المنظمات النسائية العربية الحكومية وغير الحكومية. وقد شارك من سورية في أعمال المؤتمر وفد من الاتحاد النسائي برئاسة فريال مهايني إلى جانب وفد رابطتنا.
لقد لعبت المنظمات الديمقراطية والاتحادات النسائية في البلدان العربية الوطنية دوراً هاماً في أعمال المؤتمر وبخاصة ما، يتعلق بقضايا الوطن… وفي رأيي كان يمكن لهذه المنظمات أن تلعب دوراً أكبر وأشد تأثيراً لولا حالة التمزق التي يعيشها بعضها ولو أمكن تجاوز الحساسيات بينها.
إن الصعوبات والخلافات التي تفرق كانت ثانوية أمام القضايا المشتركة الأساسية كقضية النضال من أجل درء الحرب النووية وقضية تحرر المرأة ومساواتها التامة بالرجل ورفع مستوى مساهمتها في حياة البلاد السياسية والاجتماعية والاقتصادية، إن توحيد الجهود يمكن أن يلعب دوراً أكبر في إبراز قضايا المرأة العربية على الصعيد العالمي أيضاً.
إن وحدة الحركة النسائية الديمقراطية شعار أكدت أهميته جميع القوى الصديقة بشكل واضح.
– وماذا عن الجديد في المؤتمر؟
* هذه نقطة هامة أود الحديث عنها.. إن قضية السلام العالمي ودرء خطر الحرب النووية بشكل خاص إلى جانب قضايا المرأة والمساواة والتنمية تأخذ طريقها لتحتل مكاناً بارزاً من اهتمامات النساء وفي هذا المجال أعربت المنظمات النسائية المشاركة عن أهمية نضال نساء العالم في هذا السبيل ويعني ذلك جذب جميع النساء على اختلاف معتقداتهن وانتماءاتهن الفكرية والسياسية للنضال من أجل الأهداف المشتركة. أي بكلمة، ضرورة استقطاب الجماهير الشعبية والقوى السياسية والاجتماعية للعمل من أجل قضية المرأة الأساسية وهي السلام والعيش بدون حرب نووية ولتمتد الأيدي عبر الحدود وتلتقي النوايا الخيرة والإرادة الطيبة من أجل عالم خال من الكوارث النووية ومن أجل طفولة سعيدة. ولكي تحتل المرأة مكانها اللائق في المجتمع ومن أجل المساواة وضد التمييز العنصري وصيانة الاستقلال الوطني…
صوت المرأة العدد 3 – 1987
صوت المرأة العدد 3 – 1987
مؤتمر المرأة العالمي
موسكو 23 إلى 27 حزيران (يونيو) 1987
تقرير اللجنة السابعة: وسائل الإعلام والمرأة
جرت أعمال اللجنة السابعة لمؤتمر المرأة العالمي المكلفة ببحث موضوع: “وسائل الإعلام والمرأة” من 23 إلى 25 حزيران (يونيو) 1987 في بناية سوفينستر، القاعدة رقم 3 برئاسة المحمية السيدة جيزيل حليمي.
شارك إلى جانب السيدة جيزيل حليمي كل من:
– المقررة: السيدة ماري لويز ماغانغا، جمهورية الكونغو الشعبية.
– المعاونات: غابرييلا بريفاتيلوفا، رئيسة تحرير مجلة فلاستا التشيكوسلوفاكيا.
– آنا ماريا موشنيك، صحفية في إذاعة وتلفزيون الأرجنتين
– دوركاس هوف، صحفية من زيمبابوي.
– فاطمة عوفي، أمينة سر اتحاد المرأة الجزائرية.
بعد انتهاء الرئيسة من كلمة الافتتاح ألقت خطيبات عديدات مداخلات أثرت المناقشة وتطرقت إلى عدة موضوعات تناولت المجالات الرئيسية التالية:
1- المرأة في المجتمع عبر وسائل الإعلام:
– المرأة الهدف.
– المرأة الموضوع.
– المرأة الذات.
2- صورة المرأة في الإعلام:
– صورة سلبية.
– صورة إيجابية.
3- تأثير الإعلام على المرأة:
– تأثير داخلي أو وطني.
– تأثير خارجي أو أجنبي.
4- تأثير النساء ومنظماتهن على وسائل الإعلام.
5- مشكلات النساء العاملات في الإعلام.
6- دور المرأة في وسائل الإعلام الخاصة بحركات التحرر.
– نشاط المرأة السياسي في وسائل الإعلام.
7- دور المرأة في البحث عن توازن إعلامي.
– النظام العالمي الجديد للاتصال ووسائل الاتصال.
8- التربية بروح السلم والانفراج الدولي:
أسفرت الطريقة المتبعة في معالجة تلك الموضوعات عن تقديم صورة عن:
– نقد أو عرض القانون الداخلي لوسائل الإعلام في بلدان المتحدثات.
– مقترحات بشأن تقديم تعديلات إيجابية.
أ- العرض:
كثيرة هي بلدان العالم، حيث تعمد وسائل الإعلام إلى:
– زعزعة شخصية المرأة.
– تشويه صورتها.
– إعطاء أهمية للمرأة الهدف والموضوع.
تتميز بالسلبية صورة المرأة التي تعكسها وسائل الإعلام. أما الصورة الإيجابية فتعبر عنها وسائل الإعلام في البلدان الاشتراكية والتقدمية. فيما يخص هذه الناحية ولاسيما في بلدان العالم الثالث المستعمرة فإن هذه الصورة عن المرأة مطبوعة بتقاليد متخلفة وبمخلفات الإقطاع والاستعمار.
هناك تجاهل تام لصورة المرأة في البلدان المستعمرة والبلدان التي توجد في حالة حرب، حيث لا تطلع المرأة إلا فيما ندر على الوقائع، أو تجهلها تماماً، بينما يسود العنف وتهيمن مؤسسات النظام الحاكم على أجهزة الإعلام، ويجري عزل المواطنين عن مجريات الأحداث الدولية ويصبحون ضحايا للإعلام الإمبريالية.
– معضلات المرأة تعالج بصورة سطحية.
– الرقابة والأدوات القمعية تمنع المرأة من التعبير عن رأيها.
– نشر صورة ذات طابع تمييزي عن المرأة التي تعاني من صعوبات في أداء دورها في المجتمع.
– أثر الإعلام والثقافة الأجنبية الكبير على وسائل الإعلام في بلدان العالم الثالث.
– النساء العاملات في الصحافة لا يتبوأن مراكز مسؤولة في وسائل الإعلام، فهن يضطلعن بمسؤوليات مرهونة بوضعهن الاجتماعي.
– النساء العاملات في الصحافة يجعلن في غالب الأحيان الرسالة التي يحملن.
إزاء هذه الصورة القائمة عرضت المشاركات في اللجنة السابعة لمؤتمر المرأة العالمي اقتراحات كثيرة لا مجال لذكرها جميعاَ ضمن هذه النقاط.
ب- المقترحات:
1- يجب أن تتحول وسائل الإعلام إلى أدوات تثق5يفية لتمكين المواطنين من أداء دورهم الأساسي، وذلك من خلال الإعلام والتثقيف والترفيه.
– إحداث جائزة في كل بلد لمكافأة أفضل برنامج عمل صحفي وتشجيع العمل على تحقيق المساواة.
2- ينبغي على وسائل الإعلام أن تعطي صورة واقعية عن المرأة في شتى الحقول وذلك عن طريق الإعلانات والإرسال الإذاعي والتلفزيون والكتابات وعرض الأفلام السينمائية وعلى خشبة المسرح، أي باختصار من خلال اعتماد وسائل الإعلام البديلة.
– دعوة جميع النساء العاملات في الإعلام للانصراف إلى المواضيع ذات الصلة بمبادرات ونشاطات المرأة لإعطاء صورة مغايرة عنها.
– يتوجب على النساء أن يتحلين بالمنطق وبالسلوك الطبيعي لئلا يتحولن إلى سلعة.
3- حث الأطفال على احترام وتقدير أمهاتهم. ولابد من إنتاج صور متحركة وأفلام بكميات لمكافحة المنشورات السيئة.
4- يجب زيادة عدد النساء في الإعلام وتمكينهن من احتلال مراكز مسؤولية للتأثير على منظماتهن وعلى وسائل الإعلام وذلك بتشكيل مجموعات ولجان ومختلف الشبكات الإعلامية بغية ترويج وإكمال الإعلام باتجاه الجنوب ـ الجنوب والشرق ـ الغرب.
وأن يتم الإعلام بواسطة المرأة ومن أجلها ومعها.
– تشكيل لجان مراقبة تضم النساء والمسؤولين النقابيين في كل حقل إعلامي لمتابعة مكانة المرأة في ذلك الحقل والصورة التي يعطيها ذلك الإعلام عن المرأة.
5- ينبغي على النساء أن ينتبهن إلى تلك المشكلات بغية تحقيق الأهداف المطروحة في نيروبي.
– يتوجب على النساء العاملات في الصحافة المضي في الإعداد المهني لزيادة معارفهن بغية الاستفادة من دور المرأة في التنمية.
– حث الحكومات على تعيين نساء على رأس وسائل الإعلام، إذ كما أشار أمين عام الحزب الشيوعي السوفييتي أثناء افتتاح المؤتمر، فإن “نساء العالم يطالبن أن يأخذ رأيهن بنظر الاعتبار لدى تبني أهم القرارات الرسمية”.
6- القضاء على الخطر الشديد الذي تمثله وسائل الإعلام المسيئة إلى النساء والشعوب.
7- صوت مكتسبات المرأة من قبل وسائل الإعلام.
8- ينبغي على النساء أن يعززن قدراتهن الفكرية والمهنية والسياسية للاضطلاع بدور أساسي وحاسم في وسائل الإعلام وحل المشكلات التي تواجههن بصورة لائقة.
– يجب على النساء الالتزام سياسياً بالنضال عبر وسائل الإعلام ضد التمييز والعنصرية والأبارتيد، لأن المعاملة المهينة لكرامة المرأة شكل مرضي من أشكال العنصرية، كما يجب عليهن النضال من أجل صون السلم.
– يجب على نساء العالم، من خلال وسائل الإعلام أن يتحدن لكي تلقى رسالة الحب والصداقة والسلام المنقولة إلى الأصقاع صدى في تحقيق شعار مؤتمرنا “إلى الأمام نحو سنة 2000 بلا أسلحة نووية، من أجل السلم والمساواة والتنمية”.
تميزت أعمال المشاركات بالرغبة الشديدة في التحدث عن وضع وسائل الإعلام في بلدانهن والنضال الذي تخوضه النساء لاحتلال موقع متقدم ولاسيما للاستفادة من خبرات نساء العالم الأخريات وتجاربهن. وقد عقدن آمالاً كبيرة على تحقيق نظام جديد للإعلام ووسائل الاتصال قادرة على إجراء تحول في الوضع الحالي الذي يهيمن عليها، وذلك بهدف:
– إزالة الفوارق والخلل في تطور البنى التحتية.
– القضاء على كل ما من شأنه إعاقة مكتسبات تكنولوجيا الاتصال العائدة إلى الشعوب في سبيل تنميتها الداخلية.
إن مندوبات اللجنة السابعة لمؤتمر النساء العالمي على يقين من أن النساء يدركن بوعي وإحساس متزايدين الأولوية التي يمتع بها صوت السلام. وسيسهمن على الدوام وبفعالية أكبر في دفع وسائلا لإعلام على تثبيت القيم الأساسية الثلاث في العالم التي أوردها أمين عام الحزب الشيوعي السوفييتي، ميخائيل غورباتشوف، في خطابه أثناء افتتاح مؤتمر المرأة العالمي، “الخبز اليومي الذي يعطي الحياة والصحة وحكمة الكتب التي تضمن استمرار الأزمان والمرأة التي تسهر على ألا ينقطع خيط الحياة”.
صوت المرأة العدد 3 – 1987
تقرير اللجنة الثالثة: المرأة والعمل
اجتمعت اللجنة لفترة تزيد عن يومين ونصف وشارك فيها أكثر من 400 مبعوثة من 85 بلداً يمثلن منظمات عالمية ووطنية وإقليمية.
افتتحت الجلسة المسؤولة عن اللجنة تريزا مارسلاند من إنكلترا بتقديم ملاحظات أولية. وأشارت إلى أن الغرض من اللجنة هو متابعة أوضاع النساء في إطار القوى العاملة على مستوى العالم وذلك بهدف الإفادة من الإنجازات وتحديد حاجات المستقبل.
أدارت الجلسات كل من: غيرترود كزينسا من بولونيا، ماري فينيزو من قبرص، أمينة شفيق من مصر وغينيا موكيريبه من الهند. جرت النقاشات في جو صريح تميز بالاحترام والتفاهم. ومن خلال مداخلات 120 مندوبة من 85 بلداً تمكنت المبعوثات من التوصل إلى تفهم أفضل لأوضاع ومشكلات العديد من بلدان العالم.
ساد التطلع إلى عالم يسوده، السلام والشعور بأن تحقيق السلم ونزع السلاح والتعاون العالمي يشكل شرطاً أساسياً لبلوغ تقدم حقيقي في أوضاع المرأة. وأشارت المبعوثات إلى العلاقة الوثيقة بين النضال من أجل حق المرأة في العمل والنضال في سبيل حق تقرير المصير وتحقيق الاستقلال الوطني وضد الأنظمة الدكتاتورية والهيمنة الاستعمارية والأبارتيد والعنصرية والإمبريالية. إن سباق التسلح بصفته يشكل تبذيراً لثروات طائلة يمكن استخدامها بشكل أفضل لسد الحاجات الأساسية للبشرية للقضاء على تكافؤ الفرص والاستقلال الاقتصادي.
تحدثت مبعوثات عديدات عن قوانين صدرت في بلدانهن بهدف القضاء على العوائق التي تقف بوجه المشاركة الكاملة والمتساوية للمرأة في كافة الحقول الاجتماعية. وقالت العديدات منهن أن هذه القوانين لم يجر تطبيقها في المجال العملي. ومازالت النساء توجه عوائق كثيرة يجب التغلب عليها من خلال نضالهن من أجل المساواة. إن تلك العوائق تمنع المرأة من التمتع بحقها الأساسي في الإسهام في كافة المجالات الاجتماعية وفق قدراتها وطاقاتها.
أشارت بعض المبعوثات إلى تنامي البطالة في البلدان المتقدمة صناعياً التي تتبع نهج الاقتصاد الحر، في الوقت الذي تتقلص فيه مجالات العمل للنساء وتتنامى المعاناة الاجتماعية للمرأة. وهذا سببه أن العديد من النساء مازلن يرتبطن آلياً بمهن تقليدية خاصة بالمرأة. وغالباً ما تكون هذه المهن ذات أهمية اقتصادية قصوى، إلا أنه لا يتم التعامل معها من هذا المنطلق. ولا تتوفر للنساء اللواتي يعملن في هذه المجالات سوى فرص محدودة للحصول على التأهيل المهني وعلى أجور أعلى، كما أن فرص التشغيل في هذه المجالات قد جرى تقليصها بشكل واسع، وذلك إضافة إلى تردي مستوى الأجور وشروط العمل بشكل عام.
وأشارت مبعوثات من البلدان النامية إلى أن أغلبية نساء هذه البلدان يعشن ويعملن في المناطق الريفية، حيث يساهمن بشكل واسع في تطوير اقتصاد بلدانهن من خلال إنتاج المواد الغذائية. إلا أن عملهن هذا لا يجد الاهتمام الكافي. فهن يعشن ويعملن في ظل شروط قاسية، ولا يحصلن في أحيان كثيرة على أجر نقدي لعملهن. وتزداد الأوضاع تأزماً من خلال عدم تحقيق الإصلاح الزراعي وانعدام التنمية في مجال الزراعة، مما يضاعف العبء الواقع على المرأة الريفية. وتتفاقم هذه المشكلات من جراء انتشار الأمية وانعدام التأهيل.
عبرت مبعوثات من أمريكا اللاتينية عن أهمية الإقرار بالحاجة إلى تجاوز العبء الثقيل للديون الخارجية. وأوضحن بأن فرص النساء في التمتع بحقوقهن الديمقراطية ستستمر ضئيلة طالما لم يجر التغلب على هذه المشكلات. وكان هناك سعي شديد من قبل أولئك النساء من أجل العمل بشكل مشترك والتوصل إلى لغة مشتركة مع حكوماتهن للقضاء على هذه الديون. تحدثت مبعوثات من البلدان ذات الاقتصاد الموجه عن حقيقة أن المساواة الاقتصادية كانت واحدة من العوامل المهمة في تحقيق المساواة التامة وأن النساء في تلك البلدان يتمتعن بحق التعليم والتدريب لغرض الحصول على عمل. وأن نسبتهن وسط القوى العاملة مرتفعة جداً، وهن يشاركن في كافة المجالات إضافة إلى وجود إجراءات عملية لوضع المساواة موضع التطبيق.
أعربت مبعوثات عن قلقهن إزاء استمرار العديد من الأحكام المسبقة بصدد العلاقة بين الواجبات العائلية في بعض الدول التي تتوفر فيها قوانين لحماية الأمومة. وعبرت المبعوثات عن قلقهن لانعدام فرص التأهيل والترقية بسبب الغياب لفترة طويلة عن العمل بحكم الحمل والولادة وتربية الأطفال. وتحدثت مبعوثات أخريات عن نضالهن المستمر للإقرار بالأمومة كوظيفة اجتماعية.
ووجدت المندوبات بأن القضاء عن الأحكام المسبقة إزاء النساء لا يمكن أن يتم إلا بإقامة مجتمع يتقاسم فيه الرجال والنساء بالتساوي المسؤوليات العائلية وحيث يكون هناك اعتراف من قبل هذا المجتمع بالأعمال المنزلية وبحقوق الوالدين. وتساءلت المندوبات عن سبب طرح المسائل المتعلقة بالحياة اليومية الاعتيادية فقط عندما تبدأ النساء بممارسة مهنة ما.
وطرحت مندوبات من البلدان ذات الاقتصاد السوقي الصناعي والبلدان النامية قضية نيل الأطفال الرعاية المناسبة. ويفتقد الكثير من النساء الطامحات في أن يصبحن جزءاً من القوى المنتجة بكل بساطة أية رعاية لأطفالهن. وفي بلدان أخرى لا توجد سوى إمكانيات شحيحة لدى النساء بحيث لا تتاح لهن فرصة للقيام بدور فعال.
وكثيراً ما قدمت المندوبات الإحصاءات التي تشير إلى أن مشاركة النساء في القوى العاملة في تزايد مستمر. وأن الكثير من هذه الزيادة يعود للعمل لساعات محدودة. واعتبرت بعض المشاركات العلم لساعات محدودة بطالة مقنعة وتشغيلاً جزئياً، في حين دافعت متحدثات أخريات عنه بوصفه وسيلة للسماح للنساء في المشاركة في العمل الإنتاجي. وساد القلق من أن ضعف الثقة بالحفاظ على مكان العمل وفرص الترقية والامتيازات الاجتماعية والمتعلقة بالمهنة إنما هي نتيجة للعمل بساعات محدودة.
ونوقش بشكل واسع دور المرأة في النقابات وضرورة إدراكها لأهمية الانتماء إلى الاتحادات النقابية والمشاركة في عملها. وتم التعبير مرة أخرى عن القلق من أنه يبدو أن مشاركة النساء لا تتعدى المستويات الدنيا من العمل النقابي وأن هناك تشجيع أو تدريب بسيطين أو معدومين في بعض الحالات للنساء للتقدم لتأدية الأدوار القيادية. وتحدثت بعض المندوبات حول الضغوطات التي تمارسها الحكومات ضد المشاركة في النقابات. وأكدن على الحاجة إلى تعاون أكبر بين الحركة النسائية لتعزيز وحدة النساء.
ويستمر النضال في بلدان كثيرة من أجل الأجر المتساوي للعمل المتساوي لأن الأساليب التقليدية المعهودة، وليست قيمة ومضمون العلم مازالت هي التي تتحدد بها مستويات الأجور والرواتب.
وطرحت المشاكل التي يواجهها من يمارسون العمل في المنزل في كل من البلدان المتطورة والنامية. وتمت الإشارة إلى أن أغلب هؤلاء هم من النساء. إنهن يتعرضن للغبن الكبير من حيث شروط وظروف العمل والصحة والأمان. وغالباً ما لا يكون أمامهن سوى هذا النوع من العمل بسبب مسؤولياتهن العائلية وضعفهن اللغوي أو التربوي.
إن استخدام التكنولوجيات المتقدمة مع غياب الحق المضمون في العمل ومع النقص في إعادة التأهيل في مهن جديدة يعرض تشغيل النساء إلى مخاطر أكثر ويخلق كذلك جملة من المشاكل الصحية. وأكدت المشاركات على أنه تم تشويه قدرات التكنولوجيات المتقدمة على خلق فرص متساوية للنساء.
ويكتسب التصديق على ميثاق القضاء على كل أشكال التمييز بحق المرأة وتطبيق أهمية فائقة ونحن مقبلات على عام 2000.
وعلى اتحاد النساء الديمقراطي العالمي أن يلعب دوراً رئيسياً في توحيد النساء في النضال من أجل المساواة والعدالة الاجتماعية. ويجب على النساء أن يساهمن في بلدانهن في الكفاح من أجل حياة أفضل.
ويشكل السلام العامل الرئيسي لتطورنا في المستقبل. ومن واجبنا نحن كنساء النضال دفاعاً عن السلام ولخلق عالم العدالة والمساواة والتحرر الكامل.
صوت المرأة العدد 3 – 1987
المرأة السوفييتية على ضوء الإحصائيات
بلغ غدد سكان الاتحاد السوفييتي 381.7 مليون نسمة في أول كانون الثاني عام 1987 وبذلك كانت زيادة عدد السكان 25.9 مليون شخص خلال العام المنصرم وهكذا فقد تعدت نسبة الزيادة إلى 1% لأول مرة خلال أعوام عديدة. ويكمن وراء ذلك تطبيق السياسة الاجتماعية النشيطة التي تتضمن زيادة المساعدات للأمهات وللأسرة التي لديها أطفال عديدون. إن القانون حول زيادة مدة إجازات الأمهات العاملات قد ساعد بصورة خاصة على زيادة نسبة الولادات.
تعادل نسبة النساء في عدد سكان الاتحاد السوفييتي حوالي 53% ويشكلن أكثر بقليل من نصف العاملين في الاقتصاد الوطني. وما كان ليتحقق هذا المستوى العالي لو لم يكن في البلد عدد هائل من دور الحضانة ورياض الأطفال وقد زاد عدد الأماكن في هذه الدور والرياض 610 ألف مكان هلال عام. وهي تستوعب اليوم 16.5 مليون طفل ووفقاً للخطة سيتم خلال العام الحالي وحدة بناء رياض أطفال ودور حضانة تستوعب أكثر من 880 ألف طفل لملاقاة الطلبات المتزايدة من أولياء أمور الأطفال.
صوت المرأة العدد 3 – 1987
رياض الأطفال.. مشكلة تنتظر الحل
تناولنا في العدد الماضي من صوت المرأة دور الحضانة للأطفال دون سن الثالثة من العمر بشيء من الدراسة والتفصيل، وسنحاول فيما يلي إلقاء بعض الأضواء على (رياض الأطفال) التي تستقبل الصغار بعد السنة الثالثة من أعمارهم حتى دخولهم المدرسة، لما تتمتع به هذه المؤسسات التربوية من أهمية بالغة في إعداد النشء للحياة، وللخصوصية التي يتميز به واقعها.
يلعب الاتحاد العام لنقابات العمال ولجان المرأة العاملة التابعة له دوراً هاماً في تنفيذ القانون الخاص بدور الحضانة لأطفال العاملات دون السنة الثالثة من عمرهم، إلا أن رياض الأطفال التي تستقبلهم بعد هذه السن حتى السادسة مازالت بأكثريتها الساحقة تابعة للقطاع الخاص الذي يعتبرها مصدراً هاماً للربح دون أن يعير اهتمامً لأهميتها التربوية والنفسية القصوى باستثناء عدد قليل منها تابع للاتحاد العام النسائي، وبعض النقابات كالمعلمين وبعض مؤسسات الدولة والتي لا يمكن بحال أن تستوعب جميع الأطفال في هذه السن بخاصة أن الحاجة إلى هذه المؤسسات التربوية لا تقتصر على أبناء العاملات كجزء من الخدمات المقدمة للمرأة بل تتعداه لتصبح حاجة ماسة لجميع الأطفال في سن ما قبل المدرسة وبسبب أهمية هذه المرحلة الفائقة تعنى الدول المتقدمة والاشتراكية، بشكل خاص، بها عناية كبرى. بل وتعتبرها مرحلة تمهيدية لابد منها قبل التوجه إلى المدرسة، وتبذل الجهود الكبرى في إعداد الأطفال نفسها واجتماعياً وتربوياً وتحقيق التكيف الاجتماعي الضروري للفرد خارج حدود الأسرة بل يمكن القول إن دورها يفوق دور الأسرة في المجال التربوي بكافة نواحيه البدنية والعقلية والنفسية والعاطفية والاجتماعية. وفي بلادنا نستطيع أن نتلمس هذه الأهمية بالنسبة للأسرة والطفل من خلال الأعداد الهائلة التي تتوجه سنوياً إلى رياض الأطفال وحرص معظم الأمهات والأسر على إرسال أطفالها إليها على الأقل قبل عامين من المدرسة ودون أن يرتبط هذا التوجه بعمل الأم أو عدمه.
وانطلاقاً من هذا كله يتوجب علينا تدقيق النظر في واقع هذه المؤسسات وإلقاء الضوء على ما تعانيه من نواقص يمكن تلخيصها فيما يلي:
– فقدان الشروط التربوية والنفسية والصحية في هذه الرياض.
إشراف الدولة على هذه المؤسسات شكلي لا يتعدى حدود منح الرخص، والقرارات المتعلقة بشروط القبول والصفوف والشعب والرسم المادي.. إلخ من الأمور التي يحتال أصحابها على تطبيقها.
– معظم هذه المؤسسات على أهميتها في إعداد الأجيال الجديدة، بناة المستقبل تتمركز في أيدي القوى الرجعية والسفلية التي تنشر أفكارها الخاصة وتسمم عقول الأطفال، وتبعدهم عن الفكر العلمي السليم، وتنشئهم على الغيبيات والخرافات.
– فقدان الكادر التربوي المؤهل.إذ تشير الإحصائيات إلى واقع لا يمكن القبول به في هذا المجال.
– عدم توفر الشروط الصحية في الأبنية المستخدمة لهذا الغرض. فغالبية الأبنية إما شقق ضيقة مستأجرة أو أقبية وغرف لا تتوفر فيها أدنى الشروط الصحية لاحتضان مئات الأطفال بين جنباتها، ناهيك عن الحديث حول الحدائق والملاعب فلا مجال لذكرها إلا في بعض الاستثناءات النادرة.
– فقدان المناهج التربوية الموحدة. ولابد من تناول هذا النقص بشيء من التفصيل لأهميته.
إن الحال في هذا المجال بائسة. فلا توجد جهة في الدولة مخصصة للعناية بمثل هذه الأمور، وكل صاحب روضة يعمل على هواه بحسب خبراته وتصوراته، والعفوية هي الطابع المميز للعمل في رياض الأطفال وينحصر جل هم بعض القائمين عليها في تعليم الصغار القراءة والكتابة محّولين هذه المنشأة إلى مدرسة قبل المدرسة، وهم يعلمون ولا يعلمون أنهم في الحقيقة يسرقون من الأطفال طفولتهم. وإذا كان هذا هو الواقع في الرياض التي (يهتم) القائمون عليها بالأطفال، فماذا يمكن القول عن المؤسسات التي تستقبل الأطفال بهدف (إيوائهم) من الشوارع وما اصطلح على تسميتها (زريبة).
مما تقدم يمكن القول إن منهاج العمل التربوي في رياض الأطفال هي مسؤولية حكومية بالدرجة الأولى نظراً لأن السياسة التربوية في المجتمع الاشتراكي الذي نطمح إليه موحدة وشاملة لكل مراحل الحياة وضمن هذه النظرة يتوجب علينا الاعتراف بتقصير الدولة تقصيراً واضحاً حيث ولذلك نرى أنه من أجل تطوير العمل في رياض الأطفال لابد من:
1- تحقيق إشراف الدولة الكامل على الرياض وتوحيد جهة الإشراف عليها.
2- وضع برامج ومناهج تربوية شاملة يلتزم أصحابها بتطبيقها.
3- إلزام رياض الأطفال بالتعاقد مع مربيات يحملن شهادة أهلية التعليم ريثما يتوفر حملة الإجازة في التربية وعلم النفس.
4- العمل على افتتاح شعب خاصة لتأهيل مربيات لرياض الأطفال في معاهد المعلمين.
5- إلزام أصحاب الرياض بتخصيص موازنة سنوية للعب الأطفال تخضع للرقابة.
6- التشديد في تطبيق المواصفات المطلوبة في الأبنية التي تخصص لافتتاح روضة للأطفال من حيث الاتساع والمقاعد والأدوات والمرافق والحدائق.. إلخ.
7- إلزام أصحاب الرياض بتعيين مشرفات صحيات إلى جانب طبيب يتم التعاقد معه فعلياً لا نظرياً.
وعلى أية حال فإننا نرى فيما طرحناه حلولاً مؤقتة تنسجم مع الواقع الفعلي لرياض الأطفال من حيث تبعيتها للقطاع الخاص، ويبقى الأمر الأكثر أهمية هو إلحاق رياض الأطفال بالمؤسسات التربوية العامة التابعة للدولة أسوة بدور الحضانة ومنع استخدامها لنهب عرق النساء العاملات والأسر الكادحة واستغلال حاجتهم الماسة إليها حيث تبلغ رسوم التسجيل في بعضها أرقاماً خيالية ويبلغ الوضع التربوي والنفسي في بعضها الآخر حداً من السوء لا يمكن أن نقبله لفلذات الأكباد، أمل المستقبل وبناته.
صوت المرأة العدد 3 – 1987
رسالة يبرود
تنقسم المنطقة إلى مدن وقرى صغيرة، وتبعاً لهذا الانقسام، يظهر اختلاف بين المدينة والريف بكل تجلياته، كتمركز الصناعة، بقطاعيها العام والخاص ونتيجة ذلك تتمركز اليد العاملة في المدن وتندر في القرى وتنعدم في وسط النساء، وتختلف العلاقات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وغيرها، وتتمايز أوضاع النساء من بيئة لأخرى، إلا أنه يمكن تحديد المشاكل والمعاناة المشتركة لنساء المنطقة:
لقد عملت المرأة في مدن وقرى القلمون سابقاً فلاحة وراعية وعاملة زراعية وكذلك في الصناعات والحرف البيتية كغزل الشعر والصوف وحياكة البسط والخيام وأيضاً في الأشغال اليدوية المأجورة كشغل الصنارة الذي كان يصدره القطاع الخاص خارج القطر، وشغل التطريز وغيره، وطرأت تطورات على المجتمع مع التطور الاقتصادي الذي حدث في السنوات الأخيرة، انفتاح أبواب السفر للعمل خاصة للخليج والسعودية وليبيا وغيرها من ناحية ومن ناحية أخرى اتساع انفتاح أبواب السفر لمتابعة الدراسات العليا في أوروبا وأمريكا وفي الدول الاشتراكية بوجه خاص وأثر أيضاً على التغيير في أوضاع المنطقة، المشاكل البيئية، مثل شح المياه وجفافها التام في بعض المناطق وانحسار أو انعدام الأراضي المروية، وهذا لم يترك مجالاً لتوسيع الأراضي البعلية الرعوية إنما استغلت هذه الأراضي لإقامة المزارع الخاصة والمداجن على مياه الآبار وهذا عوض من ناحية بعض النقص في المنتوجات الزراعية خاصة الأشجار المثمرة وخلق إنتاجية بعض المواد التي كانت شبه معدومة في السابق مثل إنتاج الفروج والبيض ولكن من ناحية أخرى وكنتيجة تقلص الأراضي الرعوية واستمرار وتزايد الغلاء ومشاكل الأعلاف ومتابع العمل والربح المتأخر السريع وتزايد السكان أجبر الكثيرين ممن يشتغلون بالرعي إلى بيع مواشيهم ولم يبق إلا القلة القليلة على عملها السابق وبدأوا يشتغلون بالتهريب وساعدهم في ذلك قرب المنطقة من الحدود اللبنانية والبعض تحول لشراء السياسات أو العمل كسائقين.
وفتحت الكثير من المدارس على اختلاف مراحلها وبعض المعامل (معمل أحذية النبك، الأفران الآلية، صناعة صناديق السيارات، الموبيليا، الحدادة بأنواعها، الوحدات الإرشادية لصناعة السجاد… إلخ). وافتتاح أو توسيع بعض الدوائر الحكومية والبلديات ومصلحة الزراعة والبريد والهاتف، وكذلك مستوصفات ومستشفيات… إلخ… معظم المعامل الخاصة تقتصر على عمل الرجال. وقد ظهرت عوائق جديدة أمام عمل المرأة تجلت في إعابة عمل المرأة والذي حمله بعض العائدين من السعودية والمتأثرين بالفكر الرجعي هناك، وكذلك الحد من حرية العمل أو التنقل للمرأة، مثال، إنها كانت في السابق تحمل منتجات مواشيها لبيعها في المناطق المجاورة وشراء الحاجيات والعودة دون قيود إلا أنها أصبحت تعاب على ذلك الآن.
تعمل النساء في المعمل الأحذية والأفراد وبشكل عام في مؤسسات القطاع العام بنسب لا بأس بها وتساهم في عملية الإنتاج جنباً إلى جنب مع الرجل وما يرتكب بحقها من قبل الإدارات هو أيضاً مشاركة مع الرجل (مثل عدم صرف الحوافز أحياناً) وغير ذلك كما تعمل في الوظائف العامة موظفات، معلمات، مهندسات، ممرضات إلخ… وقد حدث تطور ملحوظ نحو الاستمرار في تحصيل التعليم العالي في أوساط الشابات بأعداد متزايدة كل عام ومن الخريجات في مجالات مختلفة كالطب والهندسة والقانون وغيره. إلا أن هذه الظاهرة تقل أو تنعدم في القرى وإن توسعت بشكل كبير في الدراسة الابتدائية والإعدادية، والسبب الرئيسي، صعوبة الانتقال إلى المدارس الثانوية في المدن القريبة ويتبع ذلك أسباب أخرى اجتماعية واقتصادية… وتعمل نساء القرى في التهريب وفي الرعي كي تعمل نساء المدن والقرى في الكثير من الأعمال البيتية واليدوية بالإضافة إلى عملها المنزلي وقد توجه عدد من النساء لفتح الدكاكين ومحلات النوفوتيه وأشرطة الفيديو والتسجيل والحلاقة وكان أوفرهن ربحاً المهربات وتتعرض أعداد من النساء خاصة في الآونة الأخيرة للبطالة، أو تنحصر أعمالهن في أعمال المنزل والمطبخ وتزداد هذه النسبة في وسط الشابات خاصة اللواتي لم يتمكن من الاستمرار في التعليم، وتعاني المرأة جنباً إلى جنب مع الرجل من المشاكل العامة سواء الاجتماعية والاقتصادية وغيرها، إلا أنها تنفرد بالكثير من المعاناة، إذ لم تزل:
– الكثير من البيئات الاجتماعية تعطي صلاحية السيطرة للرجل زوجاً أو أباً أو أخاً وتعتبر المرأة مخلوقاً أدنى وقد لعب النشاط الرجعي دوراً كبيراً وترك آثار سلبية سيئة.
– الغلاء الفاحش الذي أصبح ينهك المرأة والرجل على السواء.
– الزواج المبكر والطلاق التعسفي أحياناً الذي يعرض المرأة لمشاكل مضاعفة.
– تعاني الأمهات في القرى من عدم وجود مدارس ورياض أطفال أو مستشفيات أو مستوصفات أو أطباء وكثيراً ما تتم وفاة مريض أو طفل أو حامل أثناء النقل إلى المشافي في البلد المجاور.
– الفتيات اللواتي يشتغلن كعاملات موسميات في الزراعة وغالبيتهن من الأحداث يتلقين أجراً غير مساوٍ للعمل المتساوي وكذلك اللواتي يعملن في غزل الشعر وحتى أجر الرجل لم يكن على مستوى العمل والجهد وما يترتب عليه من أمراض خطيرة. وتأخذ أجوراً بخسة اللواتي يشتغلن في خياطة الألبسة التي يصدرها القطاع الخاص وهذه الأجور لا تقوم بأودهن.
– جرائم القتل التي ترتكب بحق النساء بحجة غسل العار لا تعاملها الجهات المعنية بالاهتمام الكافي.
يقوم الكثير من الأحداث بالعمل مقابل أجور زهيدة وغالبيتهم من الأسرة الفقيرة أو التي تعرضت لفقدان المعيل أو غياب الأم، ويعاني هؤلاء من اضطهاد مزدوج فإما أن يهتم بهم القانون أو يطبق بحقهم، ويحرمون من العمل الذي هو استمرار حياتهم، وأما أن ينساهم ويعانون مشاكل العمل والأجور.
التسرب من المدارس التي يتزايد مع ارتفاع المراحل التعليمية والذي لم توضع له الحلول باستثناء بعض دورات محو الأمية التي يقيمها الاتحاد النسائي أو عند الشباب أثناء تأدية خدمة العلم.
– يلاحظ ضعف وجود النساء في النقابات، وهذا موضوع يتعلق بالنظام العام في المؤسسات ومشاكلها، وليس فقط على أساس أنها امرأة.
مع أطيب التحيات
فرع الرابطة في يبرود
صوت المرأة العدد 3 – 1987
أغلى الهدايا
للشاعر سميح القاسم
كحلت عيني بالتراب الغالي
وأممت وجهك كوكبي المتلألئ
هو يومك المشهود كيف يفوتني
من غير أغنية وحسن مقال
يا نور عيني يا ربيع قصائدي
العيد عيدك والمحال مجالي
أمي وأختي وابنتي وحبيبتي
ورفيقتي في الدرب والآمال
هل تقبلين هدية من شاعر
ملك الوجود سوى حطام المال
نبشت عن أغلى الهدايا لم أجد
إلا هدية ثورتي ونضالي
عيناك من وطني الحبيب وفيهما
أحزان أوديتي وصبر جبالي
وعلى خطوط يديك سيرة ثورتي
ووصية الأجيال للأجيال
صوت المرأة العدد 3 – 1987
صور من مناهجنا التربوية
عاد صغيري مسروراً في ذلك اليوم. لقد تسلم الكتب من المدرسة، وبدأ يقلب الصفحات، ويقول: ماما تعالي انظري إلى هذه الصور الجميلة. وجئت لأشاركه فرحته، وبدأنا نقلب سوية الصفحات فأشرح له بعضها.
ووصلنا إلى صفحة، رأيت فيها رسوماً، تصور الأم، وهي ترتدي لباس المطبخ والأب وهو يلج المنزل، والتعليق يقول: “عاد بابا من العمل” ثم صفحة أخرى تصور “رباباً تساعد أمها في أعمال المنزل، والأب يقرأ، وباسم يلعب: “ماما تغسل” “رباب تكوي” “بابا يقرأ” “باسم يلعب”.
وبدأت أسترجع ذكرى اليوم الذي طلبت فيه ابنتي الكبرى أن أشرح لها نصاً، ويا لهذا النص؟! لقد كان يتضمن وصية أم لابنتها، منذ أكثر من عشرة قرون، تطلب فيه من ابنتها أن تعامل زوجها جيداً ولكن كيف؟! تريدها أن تكون تابعاً له، لا ترفض له طلباً، ولا تزعجه أبداً، بل تنفذ ما يأمرها به، وتكون دائماً متزينة ليكحل عينيه بجمالها، وتفرح لما يفرحه، وتحزن لما يحزنه.
نعم لقد كان هذان الموقفان متشابهين بالنسبة لي، أثارا لدي نفس الشعور بالفرق الشاسع بين ما نقوله ونفعله.
فكيف نريد أن ندفع المرأة للعمل، ونحن نربي أطفالنا منذ الصغر على أن مكان الفتاة الطبيعي هو المنزل، وواجباتها تنظيف البيت والطهي. وفوق هذا كله نزرع في أعماقهم أن الأعمال المنزلية للفتيات فقط بينما يتفرغ الذكور للأعمال “الأهم” وللتسلية. ثم نطلب من فتياتنا وهن في سن اليفاعة، أن يقتنعن بنصيحة منذ مئات السنين، تكرس تخلف المرأة وتبعيتها لـ”بعلها” حيث يجب أن لا ترى الدنيا إلا من خلاله.
إننا ننسى حقيقة واضحة، وهي أن ما يتعلمه الإنسان في صغره، يظل محفوراً في ذهنه. وإن الكتب المدرسية بما تحتويه، هي مرآة للواقع الاجتماعي.
إن ما ذكرته لا يتعدى أن يكون صوراً خاطفة، عن نماذج كثيرة، ترس تخلف المرأة وبقائها أسيرة لجدران المنزل ولزوجها ولأعمال التنظيف.
لم أحاول أن أقدم بحثاً، بل كان مجرد خاطرة أثارها حلم قديم، بأن لا تعيش ابنتي، ونحن في نهاية القرن العشرين، كما عشت أنا. ولنعتبرها دعوة للباحثين لقراءة كتب أطفالنا المدرسية بتمعن، ولنسأل أنفسنا: أيعقل أن هذا كله جاء بمحض صدفة أم أنه… ؟!
فلنترك الإجابة لأولي الأمر.
صوت المرأة العدد 3 – 1987
الطائر ذو القبرة الشائبة
حدث في قديم الزمان جفاف شديد إذ مرت سنة كاملة دون أن تهطل قطرة ماء على الأرض.
تحولت الأرض إلى صحراء، موات. أما الطيور فقد قررت أن تعيش، وأن تعني وإن تطير عالياً في السماء.
واجتمعت الطيور في كل الدنيا للتشاور. قرروا أن يعيدوا للأشجار الخضرة والزهور الملونة وأن يعيدوا للأرض رونقها وبهجتها.
لقد قرروا أن يصنعوا أنهاراً جديدة ويجلبوا لها ماء من المحيط.
لكن عندما استعدت الطيور للطيران البعيد، صاح أحدهم:
– أنا لا أستطيع أن أطير معكم.
كان خبيثاً وقد خاطب نفسه: إن الطيران بعيداً وحفر الأرض بمنقاري الضعيف مرهق فلماذا أتعب نفسي، أنا لا أستطيع حفر الأنهار الكبيرة؟
وكان يعرف أن أصدقاءه لن يقبلوا اعتذاره ولن يسامحوه. فوضع على رأسه طيناً أبيض. ومد رقبته لكي يرى الجميع رأسه الشائب وصاح:
– أنا لا أستطيع الطيران معكم ألا ترون أنني شائب، أنا شيخ هرم واهن القوى، والعمل الذي ستقومون به متعب جداً.
أجابته الطيور:
– الأرض تنتظر الغيث. وتنتظرنا صعوبات ونحن ننتظرك، أما الوقت فلا ينتظر أحداً.
– سنطير ونحن مقتنعون بأنه لكي نعيش سعداء لابد من العمل الصعب.
وهز الكذاب رأسه وقال:
– أنا شيخ طاعن في السن… أنا ضعيف..
– وطارت الطيور حتى وصلت إلى طرف السماء الآخر خلال ثلاثة أيام محتملة القيظ.
لقد طارت حتى كادت أجنحتها تلامس السماء ثم وصلت إلى هدفها وبدأت تخفر النهر بمناقيرها.
وخلال سبعة أيام وسبع ليال استطاعت الطيور بعملها أن تحفر نهراً جيداً.
تدفقت المياه وتلاطمت الأمواج صاخبة هادرة. وفوق الماء كانت تطير الطيور السعيدة ملامسة بأجنحتها المحترقة صفحة المياه. ثم شرعت الطيور تغني للعمل، الذي أعاد الحياة إلى الأرض.
كان الطائر الكذاب هو الوحيد الذي لم يستطع الغناء أو أن يرفع إلى السماء رأسه الأبيض الذي شاب فعلاً ولم يستطع الطيران بجناحيه اللذين ضعفا فعلاً… وكذلك أوهن الحزن والهم قلبه فشاخ.
وراح الطائر يشكو للطيور التي كانت تطير بقربه:
– إنني حزين لأنني وحدي.
فتجيبه الطيور: لم تشأ أن تواجه الصعاب واختبأت منها تحت قناع الشيب الكاذب لبقائك هنا.
ثم صاحت به الطيور، لقد قلنا لك، إن الوقت لا ينتظر. وأردت أن تكذب علينا، فكذبت على نفسك إن شبابك غير مثمر وشيخوختك غير مهيبة وشيبك معيب.
وها قد مرت ألفا سنة أو أكثر ولا زال الناس يرددون هذه القصة. والآن لا أخد يعرف اسم الطائر الذي تهرب من الإسهام في العمل الجماعي. إنهم يسمونه: “الطائر ذو القبرة الشائبة”. إنكم تستطيعون معرفة صوته، فهو يندب حظه بصوت عال ويصيح شاكياً.
ترجمة: أميمة ظاظا
صوت المرأة العدد 3 – 1987
ميدالية الأمم المتحدة لمصممة سوفيتية
قلدت المصممة السوفيتية فكتوريا كوفاليفسكايا الميدالية الذهبية للمنظمة العالمية للملكة الذهبية نظير وضع تصميمات مبتكرة لأجهزة تهوية المناجم وبذلك أصبحت المرأة الثانية في العالم التي تنال هذه الجائزة. علماً أن الجائزة هذه منحت في عام 1985 لامرأة سوفييتية أيضاً.
وكان الاتحاد السوفييتي في غضون الأعوام الأخيرة قد تلقى 5 ميداليات لهذه المنظمة التي تأسست في كانون الأول عام 1974 باعتبارها واحدة من 15 مؤسسة مختصة للأمم المتحدة.
وهذا وأن شروط منح هذه الميدالية تنص على أن يتم منحها لقاء اختراع أو اكتشاف وجد تطبيقاً عملياً في الخارج. وتستوفي هذا الشرط كلياً المراوح المركزية المنجمية التي صنعت تحت إشراف كوفاليفسكايا والتي تبلغ إنتاجيتها 700 متر مكعب في الثانية. فهي لا تعمل بنجاح في جميع مكامن الفحم في الاتحاد السوفييت فحسب بل وفي بلغاريا وكوريا الديمقراطية وإيران والهند وتشيكوسلوفاكيا أيضاً.
عن نوفوستي
صوت المرأة العدد 3 – 1987
رسالة عبر الرياح
بالأمل بالفرح تشع عينا طفل، والحياة ترتسم فوق ابتسامته الرقيقة وفوق عينيه يلمع بريق أمل وفرحة فيضحك له الزمان ويفتح له الأبواب على مصراعيها، إن هذا يحدث في كل بقاع الأرض ولكنه لا يحدث في أرض الحرية.
فتمر الأيام يوماً بعد الآخر وها هي شمس اليوم تشرق فوق الأرض الرمادية ونتائج التخريب العدواني ظاهرة عليها فقد عملت القذائف والصواريخ عملها في طول الأرض وعرضها. وذاك طفل شريد يركض فوق الأنقاض باكياً هلعاً مما يراه، باحثاً عن يد رحيمة ترفعه إليها في ذلك المكان، وبين الفينة والفنية تهتز الأرض من حوله، أزيز الرصاص وضربات القنابل تعلو فتخفي صوته ثم تسكت ويسود الصمت في المكان إلا من صوت الطفل الراكض فوق الأجساد المسمرة على طول الطريق ومن حولها أجزاء البيوت المتهدمة وبقايا أشياء مدمرة متناثرة.
وتشققت الأرض من حول الصغير الراكض فوقها ممزق الثياب عاري القدمين يرفع قدميه الحافيتين الملتهبتين عن الأرض المحرقة ويصرخ.
وتقول له الشمس: اصرخ، اصرخ ليغطي صوتك صوت القنابل وعويل المدافع ولتسمعك العقول المجرمة فترفع الأيدي الآثمة عن الأرض الرمادية ولتبعد تلك العقول عن المتاجرة بالأرواح البشرية. اصرخ أيها الصغير وابحث عن جسد أم نسيت وليدها يتخبط في الأرض وذهبت للمعركة. ربما تكون مرمية بين الأجساد أو قد تلحظ جسد أب ملقى قرب صخرة الحرية لقد وضع وصيته الأخيرة وانحنى فوق بندقية وقد أصبحت خشبة لا عمل لها بين يدين ساكنتين ذهبت منهما الحياة.
وبحثت الشمس طويلاً فلم تجد أباً ولا أما، ومن شدة هلعها تصرح بالصغير قائلة: “لقد نلت الحياة يا من طلبتها وتمناها والدك، وكتبت حياتك ملحمة من الوجود الإنساني نقشها البطل الشهير بدمه الأحمر القاني فوق صخرة الحرية. وتلقيت الحياة يا من تمنيتها، وتلقيتها وتعلمتها، كانت محفورة على رصاصة بندقية، وزعقت بها قنبلة وعول مدفع وقد شتت القذيفة بقايا من حياتك أجزاء ثم نامت هناك فوق الأرض الرمادية.
وبقيت تركض فوق الرماد أيها الصغير وتصرخ من الآلام واللهيب في قدميك العاريتين فوق الأرض المحروقة.
وتزفر بندقية لفظة أخيرة تتسمر في صدرك واللهيب المسعور من حولك يحمل كل ما في الدنيا من رعب وخوف يسكن في صدرك. ويترنح الجسد قليلاً ثم تتلقاه الأرض بكفين باردتين كالثلج وبرأفة كرأفة أم حنون تهدهد لك فتنام وتضمك إلى صدرها، تقبلك. وتقول لك مواسية: غداً ستسطع الشمس وينقشع الظلام ولسوف يأتي أهلنا بالمشاعل ليشقوا عتمة الليل بأنوارهم، وليقطعوا اليد الهمجية، نم يا ولدي تلك النومة الأبدية.
استرح هنا والتحف التراب يا ولدي حتى تحين الساعة ويقدم الناس معهم مشاعل فينقشع الظلام بأيديهم ويحمون الأرض العربية من كل يد همجية، وفوق الأرض المطمورة فيها جسد الصغير سوف تنبت نبتة تحمل وردة بيضاء ملطخة بالأحمر تدعى زهرة الحرية وستحمل حمامة بيضاء وتنطلق نحو الشمس ليتبعها شعاع منها، وتجوب الحمامة كل بقاع الأرض لترش الأرض بالبذور وينشر الشعاع حبيباته الذهبية وتزهر الأرض الرمادية وبين كل الزهور تكبر فوق الجسد الصغير زهرة الحرية. العنوان:
الجنوب…. الأرض الرمادية ـ صخرة الحرية.
19/6/1987
صوت المرأة العدد 3 – 1987
المساواة على الطريقة الأمريكية
تشير إحصائيات معد، كونفيرينس بورد، للبحث العلمي في نيويورك إلى وجود تباين كبير بين أجور الرجال والنساء. فقد ظهر أن النساء اللواتي يشكلن 80% من موظفي المكاتب والدوائر ويعملن جنباً إلى جنب مع الرجال، لا يأخذن إلا 60 بالمئة من أجورهم. وتلاحظ هنا أيضاً قاعدة غريبة، وهي كلما ازداد مستوى تعليم ومسؤولية المرأة الموظفة، كان الفرق بين أجورها وأجور زميلها الرجل أكبر. وعلى سبيل المثال تعطي شركة “أي بي سي” التلفزيونية الأمريكية مندوباتها الصحفيات أجوراً تقل بنسبة 30% عما تعطي الرجل، وتشير الإحصائيات إلى أن 25% من الشباب خريجي المؤسسات التعليمية العالية لو تمكنوا من ارتقاء السلم الوظيفي فيما بعد، والوصول إلى مناصب مسؤولية عالية، فلا يكون بينهم إلا 10% من زميلاتهم.
صوت المرأة العدد 3 – 1987
(اندع)
يعلن تضامنه مع الشعبين الفلسطيني واللبناني
بمناسبة الذكرى الخامسة للاجتياح الإسرائيلي للبنان الموجه ضد الشعبين الفلسطيني واللبناني وبالتالي احتلال قسم كبير من الجنوب اللبناني، يعرب الاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي، (اندع) ومنظماته الـ (136) في (118) بلداً عن تضامنهم غير المحدود مع كلا الشعبين في نضالهم الشجاع ضد المعتدين الإسرائيليين وحلفائهم من القرى الرجعية.
إن (اندع) ينظر باهتمام بالغ إلى الخطر الكبير الذي يسببه استمرار إسرائيل باحتلال لبنان الذي يؤكده تعزيز قواته العسكرية في المنظمة المحتلة من جنوب لبنان بالإضافة إلى الغارات الجوية والإرهاب الذي يمارس ضد المواطنين اللبنانيين والفلسطينيين في المخيمات.
كما ويهدد الاحتلال الإسرائيلي المدعوم من القوى الإمبريالية والرجعية الوحدة الوطنية على أسس ديمقراطية. ويشجع الحرب الطائفية ويحرض القوى الظلامية المتعصبة لوضع العراقيل أمام القوى التقدمية والشخصيات الوطنية والديمقراطية المعروفة يعتبر (اندع) دائماً العدوان الإسرائيلي بأنه انتهاك سافر لسيادة واستقلال البلد العربي لبنان ووحدة أراضيه. ويتعارض مع ميثاق الأمم المتحدة وحقوق الإنسان ويعرقل قرارات الأمم المتحدة وتطلعات الأسرة الدولية.
ويدين (اندع) بشدة استمرار الاحتلال الإسرائيلي غير الشرعي وكافة الأعمال العدوانية اللاإنسانية ضد الشعبيين الفلسطيني واللبناني.
كما يؤكد دعمه الكامل لنضال الشعب الفلسطيني العادل داخل وخارج وطنه والمدافع الصامد عن حقوقه المشروعة على تراب وطنه تحت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي الوحيد.
ويساند (اندع) الوطنيين اللبنانيين والقوى التقدمية وجبهة المقاومة الوطنية في نضالهم من أجل الحفاظ على وحدة وحرمة وسيادة واستقلال لبنان في سبيل تطوره الديمقراطي.
ويعاهد (اندع) النساء الفلسطينيات واللبنانيات أن يستغل كافة الفرص والمناسبات ليعبر عن تضامنه غير المحدود معهن ومساندة نضالهن العادل والشعري.
برلين ـ حزيران 1987
صوت المرأة العدد 3 – 1987
معجزة المرأة
كثيراً ما أسفرت تقاليد الثأر الدموية بين رجال القفقاس الأشداء عن معارك قاسية لا معنى لها. ولم يكن باستطاعة أحد تفرقة المتخاصمين الدمويين. وكان منديل المرأة الوحيد القادر على ذلك إذ يكفي أن ترمي المرأة بمنديلها بين المتخاصمين، ويتوقف القتال..
كان حافظ، شاعر الشرق العظيم، يعتبر الشامة على وجه حبيبته أغلى من مدينتي هيوا وبخارى معاً.
أما الشابة جان دارك فقد امتطت جوادها وصرخت ـ من يحبني فليتبعني ـ وانطلق الجيش الفرنسي وراء تلك العاصفة محطماً جيوش الملك الإنكليزي ومنتصراً عليها.
ألم تفكروا بأن جميع الرموز الرئيسية للحياة والراسخة في الوعي البشري هي هيئة المرأة؟ ورمز العدل امرأة تحمل الميزان، إلهة الانتصار، حكمة أثينا، امرأة. نصب الحرية امرأة الوطن الأم في روسيا امرأة ناهيك عن رموز الحياة والخصب. وحتى الموت في هيئة امرأة عجوز تحمل المنجل..
“تستطيع إيقاف الحصان الجامح”. و”الولوج إلى العزبة المحترقة” وتدفئ بعطفها وتذهل بتضحيتها، وتروض بطيتها، وتسعد برقتها… لذلك فهي امرأة، إذا كانت حقيقية..
أما زماننا فهو عاصف ومتشابك خطر ومتوتر وقد أثر على كل شيء وترك بصماته بقوة في العالم وأغرق السموات بالطائرات والأقمار الصناعية وحفر مناجم عملاقة ومد الأنفاق الضخمة وخلط أراضي التربة السوداء الخصبة بالكيمياء السامة وقضى على العديد من أصناف الحيوانات والنباتات وأقام السدود على لأنهار وأوصل إلى الهلاك المروج والغابات الخضراء والبحيرات الزرقاء ومس كل شيء حولنا ومسنا نحن البشر ولم يتركنا ننعم بالهدوء ونحن لسنا من أمثال من سبقونا وتحركت إيديولوجيتنا الأخلاقية نحو التكييف والاقتراب من متطلبات الواقع وقد انطبع ذلك على كثير من سمات المرأة المعاصرة وطبعها.
بالمكتسبات الحديثة؟ بم أعنت جوهرها؟ وماذا فقدت؟ كثيراً ما يتحدثون وينظرون ويتناقشون الآن عن ذلك ويحنون إلى روعة المرأة في السابق وأعتقد أنهم يقللون من شخصيتها اليوم من غير حق ـ فالمرأة في يومنا هذا بالذات هي أعجوبة وظاهرة ولغز تجمع في ذاتها قدرة عملاقة معنوية وجسدية أليس لهذه الأسباب تخوض اليوم الصراع من أجل البقاء والإنسانية بتضحية ونكران ذات وتفان إنها تحافظ على كوكبنا وتبنيه بوصفه من أروع العوالم، عالمنا المريض بالخطر النووي والرعب الحراري.
طور الزمن في المرأة عبقرية شاملة ووسع أطر طبيعتها وينبغي عليها أن تعتاد على ذلك وأعتقد أن الشيء الرئيسي حالياً هو القدرة على توجيه القوة الجبارة للمرأة للدفاع عن الحياة والوجود يجب على البشرية التي ترعرعت على يد المرأة أن تكتسب الثقة بالغد وإلا فالحياة لا معنى لها. وبالرغم من أن المرأة العاملة العصرية لا تبدو بذلك الرونق المعود بالمرأة فإن طبيعة سحرها والوجدان الذي تخلقه يأمرانها برمي منديلها للمصالحة بين قطبين ونظامين وعدم السماح لهما بحل خلافاتهما بواسطة القوة والدمار العام والقضاء على الحياة.
أليست حركة النساء من أجل اللم ونزع السلاح واسعة اليوم وذات نفوذ لتلك الأسباب؟ أم تنضج مسألة وحدتنا ووحدة مساعينا نحو العدالة والخير؟ أليست العلاقة والخيوط غير المرئية في كثير من الحالات هي التي تلفنا في عقد متين حول منظماتنا النسائية وتحل بواسطتها أعقد القضايا وأكثرها إلحاحاً؟ وأهمها حماية السلام.
لدينا لهذا الغرض طرقنا وأساليبنا أن أسرتنا هي ميدان نشاطنا النبيل وأن جيراننا وأصدقاءنا وزميلاتنا والعاملين والعاملات معنا هم مواقع أخلاقنا وقناعاتنا أن نشطنا الاجتما8هي هو محرك جبار للحياة السياسية التي نقدر فيها قبل كل شيء المفاهيم المقدسة لدينا، السلام، الخير، السعادة، الزمن الحالي صعب بالنسبة للمرأة إذ تزداد متاعبها الخاصة والاجتماعية وتحتدم المشاكل. أما روح المرأة السخية فهي تعتمد القوة من أعماقها.
يعبر المؤتمر العالمي للمرأة المنعقد في هذه الأيام في موسكو عن تضامننا النسائي وعلينا أن نجسد هذا التضامن في الواقع وفي قضايا كبيرة ذات وزن، وفي تنسيق نشاطنا وإعداد استراتيجية دقيقة.
إن مثلنا عالم لا نووي، وإذا كان الرجال سابقاً يخرجون من البيت إلى ساحات الحرب فإننا نحن النساء نجوب الكوكب لكي ننتصر ونحمي السلام ونعود إلى المأوى السلمي والسعادة العائلية والهدوء.
لودميلا شيباخنا
عن أنباء موسكو
صوت المرأة العدد 3 – 1987
زاوية تربوية
التربية بروح السلم ووسائل الإعلام…
إن التربية لغوياً تعني النمو والزيادة وتدل على التغذية والرعاية وبما أن الكائن البشري كائن اجتماعي فإنه في أمس الحاجة إلى التربية كي يشارك في الحياة الاجتماعية في مجتمعه والتربية هي التي تهيئ للفرد البشري الوسائل المختلفة لتحقيق نموه ونفسيً وجسمياً واجتماعياً وهي التي تساعده على مواجهة الحاضر والمستقبل معاً ومن خلال التربية يشعر الفرد بانتمائه وولائه للجماعة التي ينشأ فيها.
وفي الظروف الراهنة نلحظ أن العالم المعاصر يمر بأزمة خطيرة وهي التهديدات والانتهاكات الكبيرة لحقوق الإنسان بالإضافة شبح سباق التسلح والكارثة النووية التي تخيف البشرية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية ومن جراء هذه الظواهر برزت أهمية القضية النضالية الكبرى قضية السلم والسلام العالمي ودللت على حاجتنا إلى تجسيد روح السلم في العملية التربوية التعليمية والثقافية والنضالية من أجل توطيد حركة السلم سواء في مجتمعنا أو في المجتمعات الأخرى وأن روح السلم إذا ما تجسدت في العملية التربوية بشكلها التقدمي الواضح المعالم والأهداف ستساعد الأجيال القادمة على التخلص من حياة الخوف والقلق من الحرب والدمار الشامل وبخاصة حرب النجوم التي تهد بها يومياً الإمبريالية العالمية.
ومن هنا ينبغي على المربي أن ينمي روح السلم في جيله من خلال المقارنة بين دعاة السلم العالمي وبين دعاة الحرب وتوضيح الفرق بين أهداف كلا الاتجاهين الاتجاه السلمي وتأثيره المباشر وغير المباشر على التنمية والرفاه الإنساني والتطور والتقدم والإبداع وخلق الجيل البناء في كافة المجالات الحياتية والاتجاه الثاني الذي يدعو إلى الحرب وسباق التسلح الذي يهدف إلى إحباط البشرية وإبادتها.
ويعتبر الإعلام بكل مجالاته السمعية والبصرية ذا تأثير على الناس عامة وعلى الأطفال بشكل خاص من الناحية السلوكية والاجتماعية ولابد لنا إذا ما أردنا مواكبة الحضارة من أن نعرف كيف نتعامل مع وسائل الإعلام ونسخرها من أجل هدمة أهدافنا وأن نشركها في العملية التربوية التعليمية لا من أجل نقل المعارف من جيل إلى جيل ومن مكان إلى آخر فحسب بل من أجل نقل المعرفة المطلوبة وفي الوقت المناسب إلى جميع الناس على اختلاف مستوياتهم. وإذا ما توجه الإعلام بشكل صحيح وسليم وكان إعلاماً ثورياً حقيقياً استطاع أن يكون بحق العين النافذة للأمة وروحها المتقدة الواعية، وتصل الفرد بالمجتمعات وتعمل على تفتح مواهب الأطفال بشكل خاص والشباب بشكل عام ذلك لأن وسائل الإعلام هي أكبر مربي إذا ما استخدمت بشكل صحيح ومن هنا فإن لوسائل الإعلام مهمة كبيرة ومسؤولية واسعة في التأثير على التربية والقيام والنفاذ إلى أعماق الحقيقة العلمية.
وهكذا تبرز العلاقة الجدلية بين وسائل الإعلام والتربية وبين التربية وقضية السلام العالمي وهذا إن دل على شيء فهو يدل على أن العملية التربوية التعليمية لا تستطيع أن تأتي أكلها الإنسانية الحقيقية إلا من خلال ظرف تحقيق السلام العادل الوطيد الأركان وكسر طوق الحلقة الشريرة المعادية للبشرية جمعاء وبالتعاون الدائم والمتطور مع وسائل الإعلام الثورية الواعية بصدق وإخلاص.
حماه ـ تموز 1987