ملحق صوت المرأة العدد 44 ـ 1975
المحتويات
· حول أوضاع النساء في ريف دير الزور
· دراسة عن أوضاع المرأة العاملة في الجمهورية العربية السورية، إعداد: رابطة النساء السوريات لحماية الأمومة والطفولة
· برنامج الرابطة للعاملات والمستخدمات
حول أوضاع النساء في ريف دير الزور
1- إن مساحة الملكية التي يملكها الفلاح في القرية غالباً ما تحدد عمل النساء، شكله وطبيعته، أو بصورة أوضح، فإن الظروف المعاشية للفلاحين في الريف هي التي تحدد مكانة المرأة في الإنتاج، ويمكننا في ضوء ذلك أن نصنف النساء في الريف من حيث مكانتهن في الإنتاج إلى ثلاث فئات:
الفئة الأولى: هن زوجات وبنات وأخوات العمال الزراعيين والفلاحين الفقراء المحرومين من الأرض أو لا يملكون ما يكفيهم ويكفي عائلاتهم.
الفئة الثانية: هن اللواتي ينتمين إلى الأسر الفلاحية ذات الدخل المحدود ويكوّنَّ الغالبية الساحقة من العاملات في الريف.
الفئة الثالثة: هن من النساء اللاتي ينتمين إلى أسر ذات نفوذ اجتماعي تاريخي كشيوخ العشائر والفلاحين الأغنياء فبعضهن يرى في العمل غضاضة ويترفعن عنه.
إن الأسرة الفلاحية المؤلفة من خمسة شغيلة على الأقل ولا تزيد ملكيتها عن /25/ دونماً تستطيع بنفسها إشغال تلك المساحة ولا تحتاج إلى أيدي عاملة بالأجر، ولكن إذا زادت ملكية الأسرة عن هذا الحد فغالباً ما تكون أحوج إلى أيدي عاملة إضافية بالأجرة.
إن تطور الرأسمالية السريع في الريف أدى إلى زيادة العاملات الزراعيات ولكن عملهن يكون في أغلب الأحيان موسمياً وخصوصاً في موسم القطن حيث تتطلب زراعة هذا المحصول أعمالاً كالتفريد والتعشيب والقطاف هذه الأعمال هي غالباً ما تكون من مهمات المرأة العاملة أما عملية الغراس فلا يعتمدها إلا قليل من الفلاحين.
يتم تشغيل العاملات الزراعيات في بعض الأحيان على شكل ورشات عن طريق “سمسار” يتفق مع المزارع على حد معين من الأجرة لكل عاملة، هذا من جهة، ثم يتفق مع العاملة على حد أدنى من الأجر من جهة أخرى، أو يجري الاتفاق على الأجرة مباشرة بين المزارع وأولياء العاملات وفي هذه الحالة يستلم الأولياء الأجرة بأنفسهم ولهم وحدهم حق التصرف بها.
2- الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للنساء في ريف دير الزور
إن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية كما تتحدث عنها الماركسية اللينينية تتحدد بعلاقات الإنتاج السائدة في هذا المجتمع أو ذاك وفي ضوئها يتم التعرف على ظروف حياة النساء في المجتمع. وبما أن علاقات الإنتاج الرأسمالية هي السائدة في سورية يمكن النظر إلى أوضاع المرأة من خلال ذلك في ريف دير الزور أو المحافظات الأخرى.
للأسف، فإن أحوال المرأة في ريف محافظة دير الزور هي أسوأ ما يكون نتيجة الجهل وانتشار العلاقات الرأسمالية والتخلف الموروث من الاستعمار والعادات والتقاليد البالية والروح العشائرية المتعصبة، هذه العوامل مجتمعة أدت إلى وجود نظرة سلبية نحو المرأة في دورها في بناء المجتمع وساهمت في جعل وضع المرأة الاقتصادي والاجتماعي متردياً بصورة مخزية.
إن النساء في الريف بشكل خاص مازلن بعيدات جداً عن ممارسة حقوقهن وخصوصاً السياسية والنقابية، فلا توجد أية امرأة أو فتاة في أي مجلس إدارة محلية أو جمعية تعاونية رغم أن التشريعات الحكومية والمهنية والتعاونية والنقابية تسمح بذلك.
كما أن الفتاة في ريف المحافظة لا تزال تباع وتشرى بواسطة المهور أثناء الزواج وتخضع في بعض الأحيان للمساومة كالسلعة وهذا لا يليق بشرف الإنسان وكرامته، وتحديد المهور يختلف من عشيرة إلى أخرى وبنات شيوخ العشائر يتميزن بمهور أعلى. والفتاة لا تستطيع التصرف بمهرها إلا بما يمن به عليها وليها من أجل شراء الحلي وبعض الحاجيات، أما ما تبقى من المهر فيذهب إلى جيب الولي يتصرف به كما يشاء.
وهناك طريقة أخرى في الزواج هي “الزواج بالمبادلة” هذه الطريقة سيئة، فإذا حصل خلاف بين أي من الزوجين فإنها تنعكس سلباً على الزوجين الآخرين الذين لا ذنب لهما في الخلاف الحاصل بين الزوجين الأولين.
وغالباً لا يؤخذ بعين الاعتبار رأي الفتاة في الزواج وأحياناً تكون مكرهة في زواجها مما يسبب لها جحيماً في حياتها الزوجية.
ومازالت المرأة في الريف خاضعة للتبعية الزوجية نتيجة التقاليد والتشريعات القائمة فالمرأة أشبه بملكية خاصة للرجل، والرجل يعتبر صاحب الرأي الأول والأخير في شؤون الأسرة.
توجد بعض الحالات في الريف يكون فيها للزوجة حق الاستقلال الاقتصادي كالنقود أو الحلي أو الأغنام أو بعض المواشي الأخرى، فيجوز لهذه المرأة التصرف بمالها كما تشاء.
إن المرأة الشغيلة في الريف أصبحت تعمل أكثر من الرجل فهي بالإضافة إلى عملها في تربية الأطفال وإدارة شؤون المنزل تعمل في الزراعة جنباً إلى جنب مع الرجل وغالباً ما تؤديه من الخدمات في هذا المجال يفوق الرجل.
إن ظاهرة تعدد الزوجات تنتشر في الريف على نطاق واسع. وأصبح من أهم الأسباب المؤدية لذلك بالإضافة إلى الأسباب التقليدية هو عنصر الإنتاج. فالرجل الميسور يهدف إلى الزواج بأكثر من امرأة بقصد توفير اليد العاملة في الإنتاج الزراعي. والفتاة النشيطة في الإنتاج تكون مرغوبة في الزواج حيث يقال أحياناً “بنت فلان موفية حقها”.
3- نسبة العاملات الزراعيات
في الواقع لا توجد لدينا أرقام إحصائية عن عدد العاملات الزراعيات والعاطلات عن العمل وأنه من الصعب تقدير ذلك لأن عمل العاملات الزراعيات هو موسمي وغير مستقر. وإذا كان الموسم رديئاً بسبب تعرضه لآفة زراعية سوف تضرب البطالة أطنابها. ولا توجد في ريف المحافظة صناعات زراعية تمتص البطالة عندما يتعرضن العاملات الزراعيات لها في مواسم الأقطان السيئة.
4- الأجور وساعات العمل، الإجازات، الضمانات، العمل الموسمي
إن الأجور التي تدفع للعاملات الزراعيات في ريف المحافظة متفاوتة من منطقة لأخرى وتخضع لقانون العرض والطلب الرأسمالي، ولا يطبق الحد الأدنى للأجور وذلك بسبب عدم وجود رقابة وعم وجود تنظيم نقابي للعمال الزراعيين.
وكذلك فلا وجود لعقود العمل أو التأمينات الاجتماعية أو منح الإجازات أو تعرفة أجور لطبيعة الأعمال التي يقمن بها أو أي مكسب من المكاسب التي تحققت للعمال.
إن أجرة العاملة الزراعية في عمل الغراس محددة ما بين 300 – 350 ق.س والأجرة في التعشيب تصل من خمس إلى ست ليرات سورية لقاء ثماني ساعات عمل يتخللها فترة راحة عند تناول طعام الفطور، أما في عمل القطاف فلا توجد أجرة محددة في اليوم وغالباً ما تكون الجرة ما بين 40 و50 كغ خلال ثماني ساعات عمل على الأقل.
إن ظروف عمل النساء في الريف قاسية جداً ومرهقة لصحتهن وخصوصاً أعمال جني القطن والتعشيب، ومدة عمل العاملات الزراعيات الموسمي يمتد نحو ستة أشهر.
5- السن
إن الفتيات والنساء اللواتي يعملن في المواسم الزراعية تتراوح أعمارهن ما بين 12 – 45 سنة وقد يكون أكثر من ذلك ولا يوجد قانون يحدد السن القانونية للعمل.
6- الرعاية الصحية
إن الرعاية الصحية بشكل عام مفقودة في ريفنا بما فيها الخدمات الأولية. مثلاً: إذا ما احتاج أحد لإقراض “الاسبيرو” فلا يجدها مطلقاً.
كما أن سوء التغذية وظروف الطقس الرديئة ومياه الشرب غير الصحية كلها تساهم في نشر الأمراض ونقل العدوى بشكل سريع مما يزيد في مآسي العاملة الزراعية.
7- أطفال الفلاحات
إن وضع أطفال الفلاحات الصحي لا يقل سوءاً عن حال أمهاتهم لأن جذع الشجرة هو الذي يغذي فروعها. فالأم تحمل رضيعها على ظهرها أثناء ذهابها إلى العمل فهو أما يبقى على ظهرها أثناء العمل أو إما أن تلقيه على الأرض عرضة للأتربة والأوساخ والحشرات.
أما إذا تركت الأم أولادها الصغار في البيت لأنفسهم بدون رعاية أو رقابة فيتعرضون للانحراف في السلوك والأوساخ وهي تبقى مشدودة الذهن نحوهم طيلة وجودها على رأس العمل، إن ظروف الأطفال الصحية في الريف جد مؤسفة ومؤلمة فلا تتوفر لهم العناية في النظافة والصحة ولا اللباس الكافي ولا الأحذية اللازمة فنسبة الوفيات لبراعم المستقبل تكون دائماً مرتفعة في الريف.
8 – نسبة الأميات
إن نسبة الأميات بين النساء الريفيات مرتفعة جداً وتصل 100% في أغلب القرى وهذه الآفة الاجتماعية أشد خطراً على المرأة الريفية وطفلها ولا تسمح لها أن تجاري الرجل في ميادين الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
ملحق صوت المرأة العدد 44 ـ 1975
دراسة عن أوضاع
المرأة العاملة في الجمهورية العربية السورية
إعداد
رابطة النساء السوريات لحماية الأمومة والطفولة
المرأة العاملة في الجمهورية العربية السورية
مقدمة
بثقة مطلقة ومفعمة بحب الحياة ـ مهما قست ـ سارت المرأة عبر تاريخها النضالي المرير من عصر النخاسة وأسواق العبيد إلى عبودية الآلة مروراً بعهد القنانة وعهود الظلم الاستعماري (الكولنيالي) والإمبريالية.
ورغم أن نضالها هذا قد ارتبط دائماً بنضال بسطاء الناس “ملح الأرض” فقد ناضلت أيضاً، ضد تحكم الرجل. “وهذا النضال من جانب المرأة ضد سيطرة الرجل ـ حسب تعبير الدكتورة سلوى الخماش ـ لابد وأن يسير جنباً إلى جنب مع نضالها مع الرجل من أجل تغيير الواقع المتخلف الذي يعاني منه كلاهما”.[1]
وبذلك تحتل المرأة مكانة خاصة في المجتمع باعتبارها المقياس الذي يمكن من خلال دراسة وضعه أن يجري تقييم صحيح ودقيق لمستوى هذا المجتمع حضارياً واقتصادياً. ويمكن من خلال ذلك رصد درجة التطور والتقدم الحقيقي في البلد المعني ويعكس ذلك طبيعة النظام الاجتماعي القائم في هذا البلد أو ذاك.
وكما استنتجت “وفيقة الشاعر” في مستهل كتابها “كفاح المرأة على الصعيدين العالمي والعربي (الفلسطيني)” الذي نشره الاتحاد العام النسائي الفلسطيني، فإن تحرير المرأة مرتبط ارتباطاً لا ينفصم بالنضال من أجل الاشتراكية التي تلغي كل أشكال الظلم والاستثمار والاضطهاد بما في ذلك استغلال واضطهاد جماهير النساء. والواقع أن الموقف من حرية المرأة قد أملته وتمليه مجموعة المصالح الطبقية لهذه الطبقة أو تلك، وبالتالي فإن من العسير فصل نضال جماهير النساء عن النضال الثوري الذي تخوضه الطبقة العاملة. وهكذا فإن عملية تحرير المرأة تحريراً كاملاً لم تجر ولن تجري بشكلها الصحيح ما لم تقترن هذه العملية بتحرير الإنسان تحريراً تاماً من كل أشكال الاستغلال التي يمارسها الواحد (باسم الملكية الخاصة) ضد الآخر. يقول لينين: “لم تجرؤ أي من الجمهوريات البرجوازية حتى أوفرها ديمقراطية أن تخطو هذه الخطوة الأولى (في مضمار تحرير المرأة)، إنها لم تجرؤ خوفاً من “الملكية الخاصة المقدسة”… إن الديمقراطية البرجوازية في أيامنا، حتى في الجمهوريات الأكثر ديمقراطية، تتكشف في هذا المجال عن موقف إقطاعي حقاً حيال المرأة والأولاد الطبيعيين… إلا أن الثورة البلشفية في الحقيقة هي وحدها الثورة الديمقراطية المنسجمة في موضوع الزواج والطلاق” ووضع المرأة.[2]
ومن جهة أخرى، فكلما حققت جماهير البروليتاريا (نساء ورجالاً) انتصاراً ما، كلما اقترب ذلك اليوم الذي تمتلك فيه المرأة حريتها كاملة، غير منقوصة وغير مشوهة، كما يجري عادة في المجتمعات البرجوازية كأن يجري حرف الحركة النسائية، بأن تتحول هذه الحركة “فكراً وممارسة” في جزء كبير منها إلى متابعة الأعمال الخيرية والخدمات الاجتماعية وبرامج تدريب الفتيات، وهي النشاطات المحببة لنساء “الشرائح” العليا من الطبقة المتوسطة ونساء الطبقة المتوسطة ونساء الطبعة العليا، ولكن ضمن الإطار النسائي نفسه. وتسعى الطبقة السائدة بذلك إلى توجيه حرابها إلى صدر الحركة النسائية بالشكل الذي تمارس فيه تخريبها وإرهابها للحركة الثورية وطليعتها الطبقة العاملة.
إن الوضع في كثير من البلدان المتخلفة ومنها سورية يختلف كثيراً عن الوضع في البلدان الصناعية. إن عهود الهيمنة الاستعمارية وعلاقات الإنتاج الإقطاعية ثم الرأسمالية وبعض المفاهيم، وضعت جماهير النساء على هامش الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.
إلا أن الحالة بدأت تتبدل مع تطور هذه البلدان خلال نضالها في سبيل التحرر الوطني والتقدم الاجتماعي، وقد أخذت المفاهيم والمبادئ الاشتراكية تنتشر في هذه البلدان النامية بشكل واسع بعد انتصار ثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى.
وعملية التبلور للشخصية الجديدة في المجتمعات التي أخذت تنهج سبيل التقدم الاجتماعي أو (طريق التطور “اللارأسمالي”)، هي عملية طويلة ومعقدة وتتسم بطابع متناقض ومعقد ولاسيما بالنسبة للنساء، لأن تأثير العوامل الموضوعية ينعكس على الإنسان عبر تجربته الذاتية وتربيته السابقة. والمرأة أكثر من الرجل تشبثاً بالمحافظة على التصورات القديمة، وهي أكثر منه ميلاً إلى الخرافات والتعاويذ. “فهي تزور الأولياء والصالحين من الشيوخ والقديسين، أحياء كانوا أم أمواتاً، في مقاماتهم وأضرحتهم، تقدم لهم العطايا وتنذر لهم النذور كي يستجيبوا لطلباتها الخاصة المتواضعة”.[3] إن للخمول العام وفقدان الإرادة والجمود الفكري للمرأة جذوراً ترتبط بعهود الإقطاع وبالتعقيد والتنوع في التركيب الاجتماعي الناتجان عن تعدد قطاعات الاقتصاد والتنوع الذي توضّع تاريخياً في الأشكال الاجتماعية ـ الاقتصادية. “يزداد تعقيد هذه الصورة بتأثير القرون ذات الطابع القبلي والعشائري والديني… إن تحجر وجمود التنظيم الاجتماعي التقليدي، وكذلك قوة التقاليد، تشكل عقبات إضافية على طريق التقدم الاجتماعي”.[4] وترى الدكتورة سلوى الخماش بأن جذور التبعية من جانب المرأة للرجل بشكلها المعروف في مصر وغيرها من البلدان العربية تعود أساساً إلى البنية الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع، مضافاً إليها عوامل التخلف الفكرية. وفي ظروف بالغة التعقيد والتشابك كالتي تجتازها بلادنا يواجه نضال المرأة جملة من الصعوبات تبرز في نشاط المرأة العام ونضالها الدائب لا ضد سيطرة رأس المال وحسب، بل وضد بقايا القرون الوسطى وضد أعمال التخريب الإيديولوجي من جانب الطبقات المستغلة.
إن تذليل هذه الصعوبات يرتبط فيما يرتبط بجذب جماهير أوسع وأوسع من النساء إلى ميدان الإنتاج المتطور، وتكوين الملاكات الوطنية ولاسيما النسائية منها. وقد اقترح الدكتور رزق الله هيلانة، على صفحات جريدة “البعث” أن يجري جذب المرأة إلى ميادين التعليم العالي والمهني والتخصص حرصاً منا على كوادرنا الفنية من الهجرة. ويرتبط كل ذلك بإنهاض أو بالأحرى بخلق الاقتصاد الذي عرقلته عهود الخنوع الاستعمارية وبرفع مستوى الثقافة بشكل عام وبالقضاء السريع على الأمية المتفشية.
إن دفع تطور بلادنا بقوة على طريق التقدم الاقتصادي والاجتماعي، والإسراع بإنضاج الشروط الضرورية للانتقال إلى الاشتراكية، يتوقفان بمقياس واسع على تهيئة القاعدة المادية والاجتماعية الواسعة. وأحد أركان تخلفنا الاقتصادي والاجتماعي، هو انفصال جماهير واسعة من نسائنا عن الإنتاج. وقد عملت علاقات الإنتاج المتخلفة من رأسمالية وإقطاعية وما قبل الإقطاعية وما تكوّن على أساسها من علاقات حقوقية وثقافية وتربوية، إلى تحول قسم كبير من القوى البشرية النسائية من عامل نمو اقتصادي إلى عائق للتطور الاقتصادي. وتصحيح هذا الوضع لا يعني رفع شأن المرأة في حياتنا الاجتماعية فحسب، وإنما يعتبر ضرورة اقتصادية واجتماعية تمليها مهمة نضال جماهيرنا الشعبية من أجل القضاء على التخلف الاقتصادي والاجتماعي، وبناء اقتصاد وطني متين ومتطور.
إن أحد الأسباب الأساسية للنجاحات الاقتصادية، التي حققتها البلدان الاشتراكية يكمن في الإمكانات الكبيرة، التي أتاحها النظام الاشتراكي، لمشاركة المرأة في مختلف مجالات الإنتاج المادي.
ففي الاتحاد السوفييتي تشكل نسبة النساء 51% من مجمل العاملين والعاملات في الاقتصاد الاشتراكي السوفييتي. وتبلغ هذه النسبة 50% في ألمانيا الديمقراطية، و47% في تشيكوسلوفاكيا، و45% في بلغاريا، و43% في هنغاريا، و42% في بولونيا. كما يلاحظ أن مشاركة المرأة في الإنتاج في البلدان الرأسمالية اتسعت خلال السنوات الأخيرة. فقد ارتفعت نسبة العاملات من النساء، التي تتراوح أعمارهن بين 14 و59 عاماً، إلى 47% في فرنسا، و41% في ألمانيا الغربية، و40% في السويد، و30% في إيطاليا. وهذا التطور الكبير لمساهمة المرأة في الإنتاج في البلدان الرأسمالية، أخذ يؤدي إلى زيادة مشاركة جماهير النساء في نضالات الطبقة العاملة والتأثير على الحياة الاجتماعية والسياسية. وقد برز هذا التأثير بشكل خاص بانتخابات رئاسة الجمهورية في فرنسا، حينما أحرز التحالف اليساري نصف أصوات الناخبين تقريباً، وفي الاقتراع العام على قانون الطلاق في إيطاليا.
لقد علقت الرجعية آمالاً كبيرة على أصوات النساء، إلا أن أغلبية النساء صوتت إلى جانب التقدم الديمقراطي والاجتماعي.
إن توسيع مشاركة الجماهير النسائية في الإنتاج يساعد أيضاً بشكل فعال في تطوير الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في بلادنا. وهذه المشاركة تدعم جبهة النضال المعادي للإمبريالية والصهيونية، وتعزز مواقع التقدم الاقتصادي والاجتماعي، وبالتالي تهيئ الشروط الموضوعية لتحرير المرأة في جميع المجالات السياسية والمادية والاجتماعية.
المرأة العاملة في سورية
تقول الماركسية ـ اللينينية بأن تاريخ البشرية هو نضال دائم ودام من أجل تطوير الإنتاج وتحسينه باستمرار، وكلما وقفت العلاقات السائدة (بعسفها وأوهامها) حاجزاً يمنع هذا الإنتاج عن التنامي، كان لابد من أن يغير المجتمع هذه العلاقات بعلاقات أعلى وأرقى تتناسب والقوى المنتجة التي وصلت إلى درجة أعلى في تطورها. وبذلك تلعب القوى المنتجة دوراً حاسماً في عملية التطور والتقدم. إلا أن عهود الهيمنة والسيطرة الاستعمارية قد حالت دون تطور القوى المنتجة في بلادنا ومنعت تكوّن المقدمات الأخرى كالأساس المادي والأساس السياسي. يقول فاديم تروبينكوف في كراسه “طريق التطور اللارأسمالي”: “وهكذا فإن الثقل النوعي الطفيف للطبقة العاملة، ناهيك عن حداثتها وعدم وجود الخبرة الطبقية والصلابة السياسية لا تتيح للطبقة العاملة اليوم، أن تلعب الدور الرئيسي في تحالف الكادحين المناضلين الطبقي من أجل الاشتراكية”.[5] ويقول أيضاً: إن العمال في جمهورية مصر العربية لا يشكلون سوى 2.5% من سكان البلاد. ونفس هذه النسبة في سورية… في سورية أصبحت 150 بدلاً من 100 ألف خلال السنوات العشر الأخيرة”. والمقصود هنا العمال الصناعيون. والتركيب القطاعي للعاملين أي الشغيلة بشكل عام يتشكل في سورية من:[6]
القطاعات
|
السنة 1964 (بالآلاف)
|
النسبة %
|
مجموع العاملين
|
1824
|
100%
|
الزراعة
|
636
|
50%
|
الصناعة والبناء
|
236
|
19%
|
التجارة
|
138
|
11%
|
النقل والمواصلات
|
42
|
3%
|
الخدمات
|
192
|
15%
|
بقية القطاعات
|
19
|
2%
|
وبذلك يتميز الهيكل الطبقي لبلاد مثل سورية بـ:
1- قلة عدد البروليتاريا وعدم كفاية نضجها إلخ…
2- أكثر الفلاحين هم من غير المتطورين سياسياً.[7]
هذا من ناحية، أما من الناحية الأخرى، فإن “الظروف المتميزة (للبلدان النامية) أوجدت بروليتاريا متميزة أيضا،ً تختلف عن بروليتاريا البلدان الإمبريالية بعدد من السمات من أهمها: ارتباط البروليتاريا المؤقت أو حتى الدائم، بالقرية مما يضفي عليها طابعاً نصف فلاحي… ولهذه الصلات أهمية اجتماعية كبيرة، إذ أنها تحدد في العديد من الجوانب مميزات تركيب البروليتاريا وخواص إيديولوجيتها ومستوى تنظيم الحركة العمالية وطابعها.
“هذه الصلات التي تفرضها الظروف الاقتصادية ـ السياسية والاجتماعية تؤثر بدورها على تطور العلاقات الاجتماعية في هذه البلدان. فهي تؤثر بصورة جوهرية في تكوين وإيديولوجية الطبقة العاملة من جهة، وفي العلاقات السائدة في القرية من جهة ثانية. إن احتكاك العمال المتواصل بالتنظيمات الاجتماعية التقليدية (كالقبيلة والعشيرة والجماعة والعائلة الكبيرة) التي يحافظون على عضويتهم فيها، تعيق نضوج الوعي الطبقي ونشوء وتطور التنظيمات البروليتارية الطبقية وانتشار الإيديولوجية البروليتارية”.[8]
في ضوء ذلك يمكن النظر إلى واقع المرأة العاملة في سورية وآفاق تطورها.
إن نسبة النساء في سورية إلى مجموع عدد السكان هي 49%. أما نسبة العاملات إلى العاملين فلا تتجاوز 10%.
السنة
|
مجموع السكان
|
إناث
|
ذكور[9]
|
1960
|
4.665.121
|
2.220.897
|
2.444.224
|
1970
|
6.304.685
|
3.071.575
|
3.233.110
|
أما ميادين العمل التي تدخلها المرأة فقد اقتصرت في البداية على الأعمال التي يغلب عليها الطابع الحرفي والتي لا تحتاج إلى تأهيل علمي أو فني كصناعة البسط والحصر والقش والتبغ والغزل والنسيج على النول اليدوي، إلى جانب أعمال الخياطة والتطريز. ومع ذلك فإن عدد العاملات لحسابهن إلى عدد العاملين لحسابهم ضئيل جداً، ولم يتجاوز عددهن سنة 1970 (805) امرأة إلى جانب (31.984) رجل.
إن انتشار التعليم في المدينة والريف، وأعمال التنمية الجارية، والتطور الفكري بتأثير الاشتراكية العلمية، إلى جانب عوامل أخرى قد ساعدت كلها على أن تدخل المرأة ميادين عمل جديدة. غير أن مساهمتها في ميدان الإنتاج الصناعي مازالت ضعيفة وتكاد تكون معدومة في بعض المحافظات. وحتى في مدينة دمشق فإن نسبة النساء العاملات في المصانع لا تتجاوز 5% من مجموع المشتغلات. ومن العوامل التي تحجب المرأة عن المشاركة في عملية الإنتاج قوة تأثير التقاليد الاجتماعية التي تقف حائلاً دون تقدم المرأة. فقضية الاختلاط بين الجنسين في مجال العمل هي من القضايا الكبرى التي تواجه المرأة وتدفعها نحو البحث عن ميادين تسمح للمرأة بالعمل بمعزل عن الرجل.
ومن العوامل أيضاً، عدم توفر دور الحضانة ورياض الأطفال وغيرها مما يعقد حياة الأسرة ويدفع بالعشرات من النساء لأن يتركن العمل بعد الزواج مباشرة أو بعد أن يضعن طفلهن الأول. ويلحظ أن القيود المفروضة على المرأة التي تدخل مجال العمل في التعليم والبيع وأعمال الإدارة والسياحة وغيرها أضعف من القيود التي تفرض على المرأة التي تحاول أن تدخل إلى المراكز الصناعية.
1- أنواع العمل الذي تمارسه المرأة في سورية
تدخل المرأة في سورية ميادين عمل مختلفة، وتمارس العمل في قطاعات متعددة كالقطاع العام والخاص والتعاوني والاستهلاكي والحرفي والزراعي إلخ… وتشتغل بشكل دائم أحياناً، كما تمارس العمل الموسمي، وتتعرض للبطالة الدائمة والجزئية، المكشوفة منها والمقنعة.
حسب إحصائيات عام 1970، كان 58% من الأشخاص القادرين على العمل بدلا عمل وتشكل النساء أربعة أخماس هذا الرقم. أي أن 90% من النساء القادرات على العمل لا يقمن بأي عمل ويتجاوز عددهن سنة 1970 (1.5) مليون امرأة قادرة على العمل. وتشكل النساء العاملات سنة 1970 (10% من مجموع النساء ـ كما ذكرناـ.
ميادين العمل
إن من الأعمال الموسمية التي تقوم بها المرأة، هي الزراعة وبعض فروع معمل التبغ وفي مجال الخدمات السياحية، وفي الصحة ـ كقسم مكافحة الملاريا، وفي المواصلات ـ كشق الطرقات. وتقتصر الأعمال الشاقة هذه على الفئات الأكثر فقراً وتأخراً. وتأتي في الدرجة الثانية أعمال القطاع الخاص، أكان ذلك في ميدان المشتغلات لصالحهن كالخياطة والتطريز والتخريج وأشغال القصب والزركشة، أو لصالح أرباب العمل في التريكو وصناعة القمصان والجرابات أو الصابون… والمستحضرات الكيميائية إلخ.. وقد يشتغلن في مجال الخدمات العامة والصحية (المشافي) الخاصة وفي التجارة والتشييد والبناء وبعض المهن الحرة.
وتمتاز المشتغلات في القطاع العام كما هو الأمر بالنسبة للرجال، بعدد من المميزات منها: الضمانات ضد البطالة والمساعدات الصحية وحق التعويض العائلي وحق المكافأة إلخ… وتقف على أعلى الدرجات اللواتي يشتغلن في مجال التعليم والإدارة والصحة والوظائف الإدارية والأعمال الكتابية والفنية إلخ…
إن هناك عدداً كبيراً من العاملات صغيرات السن اللواتي يشتغلن بأجر ويقدر عددهن بحوالي 19 ألف عاملة يعملن في مختلف المؤسسات الصغيرة التابعة للقطاع الخاص ويقمن بأعمال مرهقة بساعات طويلة تصل حتى اثنتي عشر ساعة وموزعات كما يلي:
من 12 – 14 سنة
|
7000 عاملة
|
من 15 – 19 سنة
|
12000 عاملة
|
والنساء المشتغلات بأجر يتوزعن في عدد من الميادين الأساسية على الشكل التالي:
في الصناعة
|
5000
|
في البناء
|
11000
|
في التجارة والنقل
|
2000
|
في الخدمات والوظائف
|
21000
|
نوعية العمل
إن أكثر المشتغلات في الصناعة لا يقمن بالعمل الأكثر حسماً في عملية الإنتاج. ويقتصر عملهن في المعامل الكبرى على أعمال التوضيب والتنظيف والترتيب وأحياناً التفصيل والخياطة كأن يوكل للعاملات في “شركة الصناعات الحديثة بدمشق” تنظيف أثواب القماش مما يعلق بها. وقد توكل إليهن الأعمال المتصلة بعملية التهيئة أو الأعمال الإدارية التي تحتاجها المؤسسة. وتهبط نسبة النساء العاملات في ميادين الإنتاج الأساسية إلى درجة متدنية جداً، إذا أخذنا بعين الاعتبار نوع العمل الموكل إليهن في هذا المعمل أو ذاك. ومع ذلك فإن هناك عدداً من النساء ممن يمارسن العمل وراء الماكينات (صناعة التريكو والجرابات). أما الأخريات فيقتصر دورهن على المساعدة، ويعكس ذلك درجة تخلف المرأة بسبب بعدها عن الآلة، كما يعكس حالتها التعليمية أو التأهيلية إلخ… ودخول المرأة إلى المؤسسات الإنتاجية كشركات النسيج وصناعة الأغذية والصناعات الكيمياوية وغيرها، لم يفسح المجال بعد لدخولها الأقسام الإنتاجية الأكثر حسماً ـ كما أسفلنا ـ. ومن هنا أيضاً فإن وزنها في حياة الطبقة العاملة السورية مازال ضعيفاً جداً ويشكل ذلك سبباً هاماً من أسباب ضعف نشاطها السياسي والاجتماعي والنقابي إلخ… ومع ذلك يمكن القول بأن مشاركتها في مختلف المجالات تتحسن يوماً بعد آخر بقد ما يتوطد النظام الوطني التقدمي، وتتوسع مشاريع التنمية والتصنيع، الأمر الذي يهيئ شروطاً أفضل لنمو الوعي السياسي لمجموع جماهير العمال والفلاحين الفقراء ولباقي قطاعات الشعب الكادحة.
الخدمة المنزلية
هذا النوع من العمل لم تتناوله الإحصائيات بشكل دقيق، ولم يجر بعد أن انضمت العاملات فيه إلى نقابة تحميهن من ظلم أرباب العمل، وإن كان الإصلاح الزراعي وتطور الإنتاج في الريف، يحد بشكل ما، من تفاقم وشدة استثمارهن. ويطلق على العاملات اللواتي يشتغلن في دور الأغنياء “خادمات”. والمشتغلات في الأعمال المنزلية نوعان: النوع الأول يضم اللواتي لا يغادرن مكان العمل، أي المنزل، ويشتغلن طوال ساعات الليل والنهار. أما النوع الآخر فيضم المشتغلات بأعمال منزلية شاقة وقاسية “كالغسيل وغسل الأواني والطبخ أو تنظيف الدور إلخ..”. ويشتغلن إما لفترة محددة، يومياً أو أسبوعياً. ويرتبط أجرهن بساعات العمل من ناحية، وبخبرتهن من ناحية أخرى. إن أغلب المشتغلات بشكل دائم في بيت رب العمل صغيرات السن ومنخفضات الأجر. بينما تشتغل الشابات وأحياناً “الأرامل والنساء الفقيرات” لفترة محددة، لأن غالبية المشتغلات هنا مرتبطات بأطفالهن وبمسؤولياتهن البيتية.
لقد مرت العلاقة ما بين رب العمل والعاملة “الخادمة أو الأجيرة أو الصانعة” بجملة من التطورات. لقد كان الإقطاعي ينتقي بنفسه أو بواسطة مساعديه الفتاة المرغوب فيها كي تعمل في داره. وكان يتوسط التجار والأغنياء لدى الإقطاعي أو لدى أغنياء الفلاحين ليجري انتقاء الفتاة الملائمة. وتطورت هذه العلاقة حين أخذ أهل الفتاة بالبحث عن مشتر للبضاعة “وهي قوة العمل” في أرجاء المدينة. وكثيراً ما دفع الأهل عمولة لمن يجد عملاً لابنتهم. ويرتفع الأجر ليتناسب مع عمر الفتاة وتجربتها وشكلها أيضاً. وتلعب تجربة أهل الفتاة دوراً في ذلك. وقد اعتمدت بيوت كثيرة في الريف على دخول بناتها في هذا المجال من العمل. كما اعتمدت بيوت الأسر الغنية والمتوسطة في المدينة على عمل العاملات.
إن المشتغلات في هذا المجال قد لاقين استثماراً مزدوجاً. فهي أي العاملة تقوم بعمل شاق جداً. ولا تنال من أجرها إلا الزهيد القليل. إنها تعاني من:
1- صعوبة العمل الذي يبدأ من العناية بالأطفال ويمتد إلى الغسيل والطبخ والجلي وشراء الزاد من السوق وحمل الأشياء الثقيلة، وغير ذلك.
2- غالباً ما تنتزع العاملة من بيتها وهي طفلة لم تتجاوز سن العاشرة وتتعرض بسبب ذلك إلى شتى أنواع العقوبات القاسية لعدم قدرتها على تنفيذ المهمات المعقدة.
3- تعمل طوال ساعات الليل والنهار دون أدنى تحديد وظروفها بذلك لا تختلف عن ظروف عمل “الرقيق”، ومن حق السيد هنا أن يشغل خادمة متى أراد وفي المكان الذي يختاره له.
4- تتغذى على فضلات الأسرة وترتدي الألبسة العتيقة ويحرم عليها الجلوس مع أفراد الأسرة وتنام في المطابخ أو فوقها، حيث لا يتوفر أي شرط من الشروط الصحية.
5- لا تنال حقها من الراحة وتعيش قلقة باستمرار نتيجة تحميلها مسؤوليات لا طاقة لها بها.
6- تتعرض لملاحقات وأحياناً لاعتداءات رب الأسرة أو أفراد الأسرة (الذكور) لتلبي حاجاتهم الجنسية. وتدفع الثمن غالياً بسبب التقاليد السائدة. كما تتعرض لملاحقات الشباب خارج إطار المنزل باعتبارها “عصفورة مطبخ” سهلة المنال بسبب حاجتها إلى أي نوع من أنواع المشاركة، فالأهل أصبحوا كالأغراب وكلما التقوا بها ينصحونها على تنفيذ “توجيهات” رب العمل.
7- إن العاملات في هذا المجال يرفدن جيش الأميات، وليس من حقهن اتباع دورات “التحرر من الأمية”. إلا أنه يصدف أن تشتغل في هذا المجال فتاة في الصفوف الإعدادية، قد اضطرتها ظروف أهلها لأن تترك المدرسة.
إن الحلقة الأساسية في سلسلة مساعدة المشتغلات في هذا الميدان هي في انضمامهن إلى نقابة أو يشملهن قانون التأمينات الاجتماعية، وأن يجري تحديد ساعات عملهن وأن يطبق عليهن أيضاً سن العمل القانوني إلخ… كما أن على المنظمات الشعبية أن تولي اهتماماً أكبر لهذه الفئة وأن تتوجه إليهن ببرامج التوعية وغير ذلك من الأمور التي تساعدهن على أن يقفن على قدم المساواة مع بقية العمال والعاملات.
2- الأجر
تبلغ نسبة العمال المأجورين إلى مجموع السكان العاملين في بلدان أوروبا الغربية وفي قسم من بلدان أمريكا اللاتينية حوالي 65 – 80%، وتنخفض هذه النسبة في عدد كبير من بلدان آسيا، وهي لا تتجاوز نصف مجموع الشغيلة في أحسن الأحوال، بينما لا تزيد في بلدان أخرى عن 10% وتصل هذه النسبة في سورية لحدود 22%، وتنخفض هذه النسبة كثيراً عند العاملين في الزراعة عنها لدى العاملين في بقية الفروع الاقتصادية. ففي الزراعة لا تتجاوز نسبة العاملين المأجورين في بلادنا 8% من أصل مجموع العاملين في الزراعة.
ويستنتج من ذلك بأن النمو النسبي والمطلق لعدد العاملين لقاء أجر يعتبر من أهم مؤشرات التطور الاجتماعي الجارية في البلدان النامية. ويحمل جيش العمال المأجورين بين جنباته كل مظاهر مستوى التقدم والتطور الاجتماعي.
ومن جهة أخرى، فإن الطبقة العاملة تشكل الأكثرية المطلقة لجيش العمل المأجور، هذا في بلدان أوروبا الغربية وأمريكا، أما في بلدان آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية فإن البروليتاريا الحقيقية لا تزال تحتل حيزاً غير كبير نسبياً وذلك بسبب:
1- أن جزءاً هاماً من العاملين بالأجر في هذه البلدان يتكون من فئات متوسطة نصف بروليتارية وهذه الفئات لا ترتبط بالإنتاج الحديث إلا بصورة جزئية، وهي لا تزال على صلة وثيقة بالعلاقات التقليدية لأساليب الإنتاج السابقة للرأسمالية.
2- إن غالبية الموظفين لا تنتمي إلى البروليتاريا وذلك بسبب الفروق الكبيرة ما بين هاتين الفئتين من الشغيلة.
3- إن غالبية النساء الشغيلات بأجر يعملن في قطاع الموظفين والإداريين إلخ…
أما من حيث الدخول بالنسبة لفئات السكان فقد طرأت عليها أيضاً تغييرات متفاوتة في بلدان آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية أثناء تطورها. فقد كانت دخول المستوطنين الأوروبيين في أفريقيا تزيد عشرات المرات عن دخول المواطنين الأفارقة. وتصل هذه النسبة إلى ثلاثين ضعفاً في كينيا سنة 1957، وأربعين ضعفاً في اتحاد أفريقيا الوسطى سنة 1956 وسبعين ضعفاً في الكونغو البلجيكي سنة 1957. وتتمايز يوماً بعد آخر دخول السكان الأصليين أنفسهم. وتزداد الهوة ما بين قطبي المجتمع بالنسبة للدخول كلما ارتبط البلد حديث الاستقلال بالاحتكارات الغربية والأمريكية. ففي الإكوادور يحتل 1% من السكان 17% من الدخل القومي ويستولي 18% من الأسر في لبنان على 60% من الدخل القومي في حين لا يحظى أفراد الأسر الفقيرة جداً والتي تعادل 50% بأكثر من 18% من هذا الدخل.
وفي معظم بلدان العالم الثالث تتمثل الطبقات السائدة بكبار الملاكين والمرابين وبكبار التجار وبما يسمى البرجوازية البيروقراطية، وقد تتمثل في بعضها بالبرجوازية الصناعية والمالية الكبيرة.
وبالرغم من أن دائرة نفوذ الجماعات ذات الامتيازات التقليدية ـ الطغمة الزراعية (كبار الملاكين وزعماء العشائر) تضيق تبعاً للتبدلات الجارية في موازين القوى، فإن هذه الفئات لا تفقد تماماً مكانتها. وهم مازالوا يحتفظون بمواقع اقتصادية بعد أن أزيحوا عن السلطة السياسية كما جرى في سورية وفي بلدان أخرى. فهم يؤثرون من خلال امتيازاتهم ودخولهم على قسم من الأجهزة ويؤثرون سياسياً في اتجاه البلاد. واحتلالهم لهذه المواقع يثر سلباً على حياة الجماهير وبالتالي على مجمل المعركة الدائرة ما بين قوى التقدم والقوى الرجعية.
إن ارتفاع الأسعار الجنوني والذي تصل نسبته في بعض المواد إلى أكثر من أربعة أضعاف خلال سنة واحدة وأعمال السرقة والرشوة و”الفروغ” وتجارة البناء والتشييد وأعمال التهريب المزدوج إلخ… تمنح هذه الفئة دخولاً إضافية تهدد حياة الكادحين بالتدهور أكثر فأكثر.
وإذا تجاوزنا الدخول بالنسبة لمختلف العاملين في سورية فإن اللوحة التالية تعطي فكرة عن دخول النساء والتي لا يمكن مقارنتها بدخول الرجال أو بدخول الفئة المتنفذة من الرجال (تجار ـ سماسرة ـ مرابين ـ احتكاريين إلخ).
قد عدد المشتغلات بأجر بنحو 65 ألف أنثى يتوزعن كما يلي:[10]
في الزراعة
|
36 ألف أي 51.7%
|
في الصناعة
|
5 آلاف أي 8.3%
|
في البناء
|
1 ألف أي 1.7%
|
في التجارة والنقل
|
2 ألف أي 3.3%
|
في الخدمات والوظائف الحكومية
|
21 ألف أي 35%
|
المجموع
|
65 ألف والنسبة 100%
|
إن أقل عدد من النساء من يعمل في المناجم والمحاجر ولا يتجاوز عددهن 238 امرأة. وتعمل في قطاع النقل والمواصلات 1856 امرأة. وبالطبع فإن الأميات أقل إقبالاً على العمل والعاملات منهن لا يشكلن أكثر من 7.7% من مجموع النساء القادرات على العمل بينما يجتذب العمل المتعلمات والمؤهلات وتصل نسبتهن إلى 75.5% من مجموع المتعلمات القادرات على العمل.
وأعلى كسب مادي تحققه المرأة هو في الأعمال الإدارية ثم أصحاب المهن الفنية والعلمية، وأقل دخل هو الذي تحوزه العاملة في المناجم والمحاجر وبعض الحرف.
ويتراوح عدد ساعات العمل الفعلي عند المشتغلات ما بين 35 ساعة و65 ساعة في الأسبوع. ولا يتناسب الجهد المبذول مع الأجر. فكلما ازدادت ساعات العمل انخفض الأجر، وكلما تدنى مستوى العاملات ثقافياً واجتماعياً وسياسياً.
إن العاملات في المناجم والمحاجر يشتغلن أكبر عدد من السعات ويتناولن أزهد أجر والجدول التالي يبين عدم التناسب بين الأجر وساعات العمل.
المهنة
|
عدد الساعات في الأسبوع
|
الدخل الشهري
|
البيع
|
61
|
95 ل.س
|
أعمال فنية وعلمية
|
35.58
|
212.36 ل.س
|
أعمال إدارية
|
37.22
|
241.66 ل.س
|
ملاحظة: لا يدخل في هذا الإحصاء تعويض غلاء المعيشة حسب المراسيم 44 و18.
3- المرأة العاملة والضمان الصحي
لقد نصت المادة 36 في فقرتها الثانية على أن الدولة تحمي صحة المواطنين وتوفر لهم وسائل الوقاية والمعالجة والتداوي. إلا أن هذه المادة ليست مطبقة في الظروف الحالية، وأغلب المناطق تحتاج إلى مراكز صحية ومستوصفات ومستشفيات ومراكز إسعاف إلخ… كما أن المتوفر منها غير مجهز بما يفي حاجة المواطن والطبيب. والكوادر الفنية من أطباء وممرضين وممرضات مازالوا أقل بكثير من حاجة البلاد. يضاف إلى ذلك العوامل الذاتية كأن لا يداوم الطبيب في موقعه لأكثر من ساعات ثلاث مما لا يتيح له فحص المريض أو حتى سؤاله عن مرضه ناهيك عن النقص الشديد في أعمال الوقاية إلخ.
والمفروض أن مجانية المعالجة تشمل أهل الريف وقسطاً كبيراً من أهل المدينة بينهم المنتفعون من البطاقة الصحية والموظفون والمستخدمون وعائلاتهم والعمال حاملو الهوية النقابية وعائلاتهم وطلاب المدارس والمنتسبون للمنظمات الفلاحية وعائلاتهم.
إن المعامل بشكل خاص تشكو من عدم الرعاية الصحية. ففي عدد كبير منها لا يوجد مستوصف، وإن وجد المستوصف غالباً ما لا يداوم أي فني. وإذا ما وجد الطبيب في مستوصفه فإن تشخيصه قلما يصح على حالة المريض الفعلية. إن عدداً كبيراً من المعامل تطلب سيارة إسعاف لأن العاملة أو العامل المصاب قد يتضرر كثيراً إذا انتظر سيارة ما تنقله إلى مركز الإسعاف. ومع ذلك فإن حياة الإنسان قد تتعرض لخطر محقق بسبب:
1- عدم توفر وسائط النقل السريعة.
2- قلة عدد سيارات الإسعاف.
3- تأخر عمليات المباشرة بالإسعاف بسبب عدم وجود مراكز خاصة بالإسعاف.
4- عدم تلقي أخبار الحوادث بانتظام.
5- عدم مرافقة العناصر الفنية لسيارة الإسعاف.
6- عدم تجهيز سيارة الإسعاف بالأدوات اللازمة.
إن اشتداد الضغط على المشافي يؤدي إلى تفاقم أعمال الإهمال والفوضى وضعف المردود. وأبرز الصعوبات التي تواجه المرأة العاملة في مجال الصحة هي:
1- بعد المسكن عن مكان العمل. فغالباً ما يكون موقع بيت العاملة في حي من الأحياء الشعبية الفقيرة المحرومة من المياه والكهرباء أو في قرية قريبة من المدينة تعاني مختلف أشكال الإهمال.
2- يتألف بيت العاملة من غرفة واحدة تعيش فيها مع زوجها وأطفالها، تطبخ وتغسل وتنام فيها.
3- لا تخضع العاملات للفحوص الطبية الضرورية مهما كان العمل الذي يقمن به. فعاملات “التريكو” و”الجوارب” و”النسيج” يتعرضن للإصابة بمرض السل الرئوي. بينما تتعرض العاملات اللواتي يقمن بعمل ما تنتشر منه الأبخرة والروائح الكيماوية لأمراض العيون والحلق والبلعوم والتهاب الرئتين إلخ…
4- تتناقص ساعات الراحة بالنسبة للعاملات في القطاع الخاص أو لصالحهن وينتشر بينهن مرض فقر الدم وغيره.
5- لا تشمل “المشاريع العمالية الصحية” كافة العاملات والعاملين وتتعرض الكثيرات منهن لاستثمار الأطباء الجشعين.
6- عدم توفر المستوصفات أو الممرضين والممرضات أو الأطباء في أماكن العمل. وتتعرض العاملة لكثير من الصعوبات وأحياناً العقوبات حين تبدي رغبتها أو حاجتها لمراجعة أحد الأطباء.
7- عم تناسب الأجر مع الحاجيات الضرورية لحياة العاملات يضعف من قدرتهن على شراء كمية الغذاء الضرورية لهن. وبالتالي لا يسري مفعول “التغذية العمالية” أي بتناول زجاجة حليب يومياً، على كافة العمال والعاملات.
8- اضطرار عدد كبير من العاملات لأن يمارسن العمل أيام الحمل ومباشرة بعد الولادة والكثير منهن لا يستفدن من ساعة “الإرضاع”.
9- إن عدم توفر الشروط الصحية في المعامل والورش يعرض العمال لإصابات العمل ويضعف من إمكانيات تطبيق الأمن الصناعي.
4- الأمية
تصل نسبة الأمية بين النساء في سورية إلى حدود 95%، وأعمال الإنقاذ من الأمية لا ترافقها إجراءات من شأنها أن تحد بشكل جدي من تفاقمها. فإلزامية التعليم التي تنص عليها القوانين والأنظمة لا تطبق بشكل كامل. وتتنامى صفوف الأميات باستمرار رغم أعمال التحرير من الأمية الجارية والتي تشترك بها كثير من المنظمات الشعبية والرسمية.
يقدر عدد الأميات في سنة 1970، بـ (1449089) امرأة، ولا يتعدى مجموع ما أمكن تعليمهن القراءة والكتابة بمختلف الأشكال أي الملمات بالقراءة والكتابة (297732) امرأة وهن أقرب إلى الأميات منهن إلى المتعلمات. أما المتعلمات فيتوزعن بالشكل التالي:
حملة ابتدائية
|
إعدادية
|
ثانوية
|
مؤهلات
|
جامعيات
|
دكتوراه
|
153807
|
44537
|
21388
|
8059
|
4482
|
151
|
ويلاحظ تراجع المتعلمات إلى المرحلة الأدنى. بمعنى أن حاملات الابتدائية لا يلبثن أن يتحولن إلى أميات أو شبه أميات طالما أن أعمال المنزل ستمنعهن عن متابعة ارتباطهن بالكتاب.
ويلاحظ أيضاً، أن عدد النساء في معاهد التعليم يتناقص كلما ارتفع مستوى الدراسة وذلك بسبب الموقف من تعليم المرأة الذي مازال يعتبر بشكل أو بآخر يتعارض مع بعض التعاليم بالإضافة إلى مختلف النظرات المحافظة وبسبب نظرة المجتمع إلى المرأة باعتبارها مؤهلة للزواج ولإنجاب وتربية الأطفال. ولا يستبعد أن يعلم الأهل طفلتهم بقصد تهيئتها بشكل أفضل لشغل هذه “الوظيفة”. ويحدث أن كثيراً من المؤهلات والخريجات ينتقلن إلى الحياة الزوجية ولا يشتركن في الحياة العامة إلا من خلال أزواجهن.
إن عدد المتعلمات لم يتجاوز (232.424) امرأة من أصل (3.071.575) امرأة حسب إحصاء عام 1970. وإذا أضفنا إلى عدد المتعلمات عدد الملمات بالقراءة والكتابة اللواتي لم يخضعن بالطبع، لأي فحص من أي نوع، يصبح الرقم الإجمالي (530.156) امرأة. إن معظم الملمات أميات أخفين الحقيقة عن الإحصائي بسبب الحياء أو الادعاء.
إن أعمال التنمية وشق الطرقات وإنشاء المدارس في الريف والمدينة قد ساعدت على تحرير أوساط واسعة من النساء من الأمية وسمحت لارتفاع مستوى التعليم عند المرأة. غير أن عدداً كبيراً من الأميات بحاجة إلى جهود إضافية من أجل القضاء الفعلي على الأمية لديهن. والإجراءات المتبعة في القضاء على الأمية في صفوف المرأة العاملة تبرز فيها السلبيات التالية:
1- بعد صدور مرسوم القضاء على الأمية خلال سنوات ست خصصت الدوائر الرسمية والمعامل وقتاً لتعليم الأميات. إلا أن الوقت هذا لا يتجاوز نصف الساعة مما يساعد على عدم استيعاب الدرس.
2- عدم التزام المعلم بالحضور اليومي إلى قاعة الدرس وربما يبدو غير مقتنع بمهمته.
3- عدم توفر الأجهزة والأدوات اللازمة في المعامل وارتفاع عدد الطالبات في قاعات الدرس.
4- ضغط المسؤولين عن الأقسام وسعيهم لكي تعوض العاملة عن الوقت المخصص للتعليم.
5- كثيراً ما تعتبر “ساعة الدرس” فترة استراحة تستفيد منها العاملة بنيل قسط من الراحة.
6- لا تسمح ظروف البيت بمتابعة العاملة لدروسها، ويضاف إلى ذلك موقف الرجل. لذا فإن الاتحاد العام النسائي قد قرر في خطته الجديدة أن يخاطب الرجال بدلاً من النساء للمساعدة على تحرير المرأة من الأمية.
7- عدم وجود أي حافز من أي نوع يدفع المرأة العاملة للدراسة والمواظبة.
8- إن الأكثرية الساحقة من العاملات في المعامل والمنشآت الصناعية هن أميات لأن ظروف الحياة القاسية هي التي دفعتهن إلى الدخول إلى المعامل حيث ظروف العمل فيها أقسى منها في الإدارات والوظائف الرسمية.
9- المتعلمات بشكل عام يشتغلن في الإدارات الرسمية والشركات وفي هيئات التعليم.
10- المراسيم وحدها لا يمكن أن تحرر الناس من الأمية ما لم تقترن بعمل مشترك لكافة أوساط القوى التقدمية وهذا يحتاج إلى توسيع الممارسة الديمقراطية في البلاد.
5- البطالة
لاحظنا بأن عدد المشتغلات في سورية لا تتجاوز نسبتهن 10% من النساء القادرات على العمل. وتعمل 68% منهن في الزراعة و10% في الصناعة و17 في مجال الخدمات إلخ… وذلك حسب إحصائيات عام 19720. وبذلك تلف البطالة الدائمة 90% من النساء أي أكثر بكثير من نصف القوة البشرية في سورية. كما أن المشتغلات في قطاع الزراعة يتعرضن للبطالة الجزئية. فأغلب المشتغلات بالزراعة غير مأجورات ويعملن في صالح أزواجهن أو أقربائهن إلخ… ولا ينتمين بأكثريتهن إلى جيش العمل المأجور. هذا من جانب، أما من الجانب الآخر فإن العمل الزراعي بشكل عام، لا يعطي المردود اللازم بسبب اعتماد أساليب الزراعة المتخلفة. إن المشتغلات بالزراعة مثقلات أيضاً بأعمال المنزل وتربية الأطفال إلخ… وتكاد نسبة الأمية بنيهن تبلغ 100%.
أما بالنسبة للمشتغلات في قطاعي الصناعة والخدمات والتي لا تتجاوز نسبتهن من النساء العاملات 27%، فإن عدداً متنامياً منهن ينقطع عن العمل، أما بعد الزواج مباشرة، أو بعد إنجابهن الطفل الأول. ذلك بسبب موقف الرجل، وبسبب ظروف حياتهن القاسية إذ لا يوجد دور حضانة أو غيرها.
لذا فإن الأيدي التي مارست العمل إلى هذا الحد أو ذاك ترفد جيش العاطلات عن العمل، ومن جهة أخرى فإن المصانع والمنشآت تستقبل أيد غير مدربة حديثة العهد بالعمل، ولا تلبث أن تترك العمل بعد أن تتدرب قليلاً. وبسبب ذلك فإن نسبة الكوادر الفنية بين النساء تكاد أن تكون معدومة.
أوجه النشاط الاجتماعي للمرأة العاملة
تتزايد سنة بعد أخرى مساهمة المرأة في النشاط السياسي والاجتماعي الجاري في الجمهورية العربية السورية ويرتبط ذلك بالدرجة الأولى باتساع عدد النساء في صفوف الطبقة العاملة، وبتزايد عددهن في مؤسسات الإنتاج، رغم أن هذا التزايد يتم بوتائر بطيئة وخاضعة للعفوية، ويرتبط أيضاً بمحاربة المفاهيم والتقاليد المتخلفة.
إن النضال الذي تخوضه القوى التقدمية في سورية من أجل توسيع مساهمة النساء في عملية الإنتاج وفي النشاط الاجتماعي والسياسي. ومن أجل المساواة في الحقوق يملك أسساً تاريخية وموضوعية قوية. إذ أن من المعروف أن المرأة السورية ساهمت منذ القديم في عملية الإنتاج الزراعي والحرفي، وغالباً ما كانت هذه المساهمة (في الريف) جنباً إلى جنب مع الرجل.
ومن المعروف أيضاً، بأن النساء السوريات ساهمن في النضالات التي خاضها الشعب السوري ضد الاحتلال العثماني، وضد الاستعمار الفرنسي، وفي النضال ضد الأنظمة الديكتاتورية والرجعية. وقد حصلت على حق الانتخاب لأول مرة في مطلع الخمسينات (1954)، وحصلت على حق الترشيح للمجالس النيابية في أواخر الخمسينات (1958)، وأصبح وجودها في مجلس الشعب ولو بأعداد قليلة أمراً طبيعياً، إلا أن من الضروري أن تتسع مشاركتها. وأصبح وجودها طبيعياً أيضاً، بل ضرورياً جداً، في التنظيمات السياسية والتقدمية منها بشكل خاص، كحزب البعث العربي الاشتراكي. كما أنها تتواجد أيضاً في التنظيمات الرجعية كحزب الإخوان المسلمين أو غيرهم. بعكس ما كان يجري في السابق حين كان يقتصر وجودها ونضالها ـ إلى حد ما ـ على الحزب الشيوعي السوري.
النشاط النقابي
لقد دخلت المرأة العاملة في السنوات الأخيرة مجال النشاط النقابي وبدأت تظهر في اللجان النقابية وتتبع الدورات المهنية، رغم أن ذلك لا يزال في طور أولي ولم يأخذ بعد مدى واسعاً.
لقد أخذ التطور في سورية يتجاوز بوضوح تلك الحدود التي كانت ترسم الطبقات السائدة (الإقطاعية والبرجوازية) للمرأة السورية بحدود الاكتفاء بالأعمال ذات الطابع الخيري والاجتماعي المحدود. وأخذت تخوض نضالاً سياسياً وتمارس نشاطاً اجتماعياً يتضح يوماً بعد آخر إلا أن ذلك يتم بخطوات واجفة ومترددة بسبب القيود التي لا تزال تفرضها المفاهيم والتقاليد المتخلفة، عند المرأة وعند الرجل سواء بسواء. ولكن ذلك لا يمنع من رؤية الجوانب السلبية التي تحتاج من المرأة متابعة النضال من أجل تجاوزها، وأهم هذه الأمور هي:
1- يصدف كثيراً أن تجري دورات نقابية إعدادية أو مركزية دون أن تشترك فيها أية امرأة عاملة. وقد يقتصر تواجدها على امرأة واحدة أو أكثر قليلاً. إن ذلك لا يعكس فقط انعزال المرأة العاملة عن النشاط السياسي، والنقابي، بل يعكس أيضا،ً درجة الاهتمام التي توليها السلطة والتنظيمات النقابية من أجل جذبها.
2- يصدف كثيراً أن يعتقد مؤتمر لنقابة ما من النقابات أو حتى أحياناً مؤتمر لعمال محافظة ما دون أن تشترك فيه أي امرأة عاملة. وإذا ما اشتركت فإن تمثيلها في المؤتمرات بشكل عام ضعيف جداً.
3- إن أعلى مستوى وصلت إليه المرأة العاملة حتى الآن لا يتجاوز عضوة لجنة نقابية أو عضوة في مؤتمر النقابة. وقلما تجد إحدى النساء العاملات عضوة مكتب نقابة. ولذا فإن تواجدها ضعيف في المؤتمرات الأعلى (مؤتمر عمال المحافظة أو المؤتمر العام).
4- إن عدد النقابيات من القطاع الخاص قليل جداً ويصعب على العامل في هذا القطاع أن تقوم بدورة نقابية لأن رب العمل يجد ألف وسيلة لعزلها عن النشاط النقابي ويتهرب من دفع أجرها أثناء غياب العاملة عن العمل لاتباع الدورة.
5- إن النشر العمالي والنقابي غالباً ما ينظر إلى المرأة العاملة على أنها عضو ضعيف في المجتمع ينبغي العطف عليه. ولا شك أن مثل هذه النظرة رغم تخلفها أكثر تقدمية بما لا يقاس من مختلف النظرات المحافظة التي تدين عمل المرأة. وبالطبع فإن مثل هذه النظرة بالذات تعكس إلى حد بعيد تطور العلاقات الطبقية في بلادنا. إن ما يجري التكلم عنه بصدد المساواة الحقيقية بين المرأة والرجل لا يلقى صداه في جملة النشاطات الملموسة. فهي ـ أي المرأة العاملة ـ:
أ- لا تثقف بدروس مسائية علمية أو ثقافة مهنية أو نقابية ولذلك فإن مشاركتها في النشر ضعيفة، ولا صوت للمرأة في الصحافة العمالية.
ب- إن أكثر المسؤولين في القطاع العام يحاربون تشغيل المرأة لأنها قد تأخذ “إجازة أمومة” وقد تحصل على بعض الساعات من أجل إرضاع طفلها، ويفضلون نتيجة ذلك تشغيل الرجال ويضعون العراقيل في طريق تشغيلها ويخلقون الصعوبات أمامها مما يضعف من ارتباطها بالعمل والتفاعل معه.
ت- تأخذ المرأة العاملة في القطاع الخاص أجراً أدنى، وتخفى على موظفي التأمينات الاجتماعية وقد يكون المعمل كله “غير مرخص به”. وتشتغل ساعات أكثر وبظروف عمل أقسى وتتعرض للعقوبات والبرد من العمل حالما تبرز أي مظهر من مظاهر النشاط السياسي أو النقابي. ولا تستبعد أن يتعاون رب العمل مع أهل الفتاة لعزلها عن ميادين النشاط من أي نوع كانت.
6- إن كثيراً من وسائل الإعلام والتعليم والتثقيف وأحياناً الدعاية السياسية ترسخ المفاهيم التقليدية عن المرأة وتحد بهذا الشكل أو ذاك من تأثير المفهوم التقدمي. إن الكتب المدرسية في مختلف المراحل تمجد المرأة، الزوجة، المربية، الطاهية.
الأسرة
لاشك أن علاقة الرجل بالمرأة هي تلك العلاقة التقليدية التي ينظر إليها من خلال مصالحه ومفاهيمه، ويؤثر على أحكامه، ثقافته واطلاعه وأصدقائه وأقربائه… إلخ. وقد تتدخل عوامل أخرى كمطامحه. إن نظرته إلى الزوجة لا تتعدى في الغالب هذا الإطار وتتحكم بتصوراته عن الجمال والأنوثة إلخ… نفس العوامل التي تتحكم في علاقته بالمرأة.
ومن جهة أخرى، فإن المرأة، متأثرة بهذه الثقافة تسعى جهدها لكي تنطبق عليها مقاييس الرجل. وعلاقة المرأة العاملة بالرجل لست استثناء عن هذه القاعدة. وكما أسلفنا فإن ارتباط الطبقة العاملة (نساء ورجالا) بالقرية والقبيلة والعشيرة والجماعة والعائلة الكبيرة يؤثر كثيراً على علاقة المرأة بالرجل أيضاً. “ففي ظروف ضعف تطور العلاقات الإنتاجية غالباً ما يكون الانتماء العرقي أو القومي أو الديني أو العشائري أو الطائفي أقوى من الانتماء الطبقي، ويلعب دوراً كبيراً، وأحياناً حاسماً، في تطور العلاقات الاجتماعية”.[11] وعملية الزواج بالذات مازالت لا تخرج عن إطار هذه الارتباطات. وبيت المرأة العاملة غالباً ما يكون صورة لبيتها في القرية، وإن اختلف قليلاً من حيث الشكل فهو يطابق البيت نفسه من حيث المحتوى.
إن المرأة العاملة غالباً ما تعيش في بيت لا تنال فيه القسط الضروري من الراحة وتتأمن فيه أبسط الشروط الصحية، ويقع عند أطراف المدينة، أو في قرية قريبة من المدينة حيث الطرقات مليئة بالأوحال والمياه القذرة، شتاء أو بالغبار والأقذار صيفاً. وبالطبع فإن ساعات راحتها تأخذ بالتناقص كلما ازدادت حدة أزمة النقل. فالعاملة التي تسكن القرية أو الحي البعيد مضطرة لأن تغادر منزلها قبل ساعة من بدء الدوام، وتتأخر إلى أكثر من ساعة بعد انتهائه، أي أنها تغيب عن منزلها وأطفالها لأكثر من 10 ساعات، إذا طبق رب العمل ثماني ساعات عمل.
وتخضع علاقة المرأة العاملة بالرجل للتقاليد والعادات التي تسود البلدان المتخلفة ولذا فهي في اغلب الأحيان مسلوبة الإرادة في تحديد الزوج المناسب، وحتى إذا أتيحت لها هذه الفرصة فسوف تنطلق من خلال آراء الرجل وستخضع لها في النهاية. ولذا يقال إن المرأة تنتقل بعد الزواج من سجن الأسرة بأحكامها القاهرة ضدها إلى سجن آخر لا يختلف عن السجن السابق.
والعاملة مضطرة أن تعمل (ورديتان)، وردية في المعمل ووردية في البيت، وقد تضطر إلى قضاء ساعات إضافية في السوق. والرجل كان عاملاً أم غير ذلك، لا يساعد في شؤون البيت إطلاقاً. وهو إن خرج إلى السوق لشراء الحاجيات، فإن مرد ذلك، غالباً، ما يتعلق بالتقاليد التي تعزل المرأة، أو أنها تعود إلى أمور أخرى لها صلة بوضع البيت أو الأسرة.
إن رعاية الأطفال في ظروف قاسية كهذه تمر عبر صعوبات جمة. تبدأ بالاهتمام بهم وقد تنتهي بتدبير أمور معالجتهم. ولا عجب في هذه الأحوال أن تملأ الأزقة الضيقة القذرة بالأطفال، يمرحون في الأوحال والغبار، حفاة عراة.
إن عدم توفر دور الحضانة ورياض الأطفال إلخ… يؤدي إلى تعقيدات في حياة المرأة العاملة، قد تضطرها إلى ترك العمل. وما أنشئ من دور الحضانة لا تفي بحاجة المواطنين. وبالتالي فإن تواجدها لا يتفق مع حاجة جماهير العمال لها. كما أن رسوم التسجيل والاشتراك تجعل الفائدة منها محدودة جداً. فالطفل الذي يكلف 45 – 55 ل.س لا يمكن أن يكون من أبناء الطبقة العاملة. لأن متوسط أسرة العمال من الأطفال هو من 4 – 5 – 6 أطفال. هذا، عدا عن غلاء الحاجيات بشكل عام والحاجيات الأساسية للأطفال، بشكل خاص.
ومع ذلك فإن جملة من المكتسبات التي حازت عليها الطبقة العاملة (الأجور ـ حق التعويض العائلي ـ المشاريع العمالية “الصحية” ـ المكافآت إلخ…) أخذت تلعب دوراً إيجابياً في حياة الأسرة، إلا أن الاستثمار الاحتكاري الذي تمارسه البرجوازية التجارية وأعمال السمسرة، تضعف من دور هذه المكتسبات في حياة الجماهير الفقيرة.
النتيجة
إن تطوير المعركة ضد الإمبريالية والصهيونية والرجعية وإنجاز المهام الوطنية المرتبطة بدر العدوان وصيانة استقلال البلاد، يتطلب بالوقت نفسه، أن تشق مسيرة التقدم طريقها نحو بناء القاعدة المادية والاقتصادية، ونحو توسيع القاعدة الاجتماعية والسياسية كواحدة من المقدمات التي لابد منها من أجل السير نحو الاشتراكية التي تلغي كل أشكال الاستثمار والاضطهاد والظلم. إن نضال المرأة بشكل عام ونضال المرأة العاملة بشكل خاص، لا يمكن أن يتوج بالنجاح التام ما لم يقترن هذا النضال بنضالها من أجل التقدم الاجتماعي، ومن أجل الاشتراكية. وهذا النضال يقترن بنضال الطبقة العاملة وجماهير الفلاحين الفقراء والمثقفين الثوريين، ويشكل جزءاً لا يتجزأ منه.
ولعل من المفيد في هذا العام أن تصدر نداءات موجهة إلى الرجال ولاسيما التقدميين منهم، لكي تكون نظرتهم للمرأة نظرة موضوعية، ولكي يشتركوا أكثر من شؤون المنزل والاهتمام والاعتناء بالأطفال، ومساعدة المرأة، وإفساح المجال أمامها لتتطور وتتفتح وتتبلور شخصيتها.
ومن المفيد في هذا المجال أن تجري العودة إلى التجربة الغنية للحزب الشيوعي السوفييتي الذي ناضل في سبيل تطوير شخصية المرأة في جمهوريات آسيا الوسطى. فبعد أن أخذت بعين الاعتبار الظروف والأوضاع التي عاشتها المرأة هناك تكونت بادئ ذي بدء حلقات إنتاجية خاصة بالنساء وانبثقت عن هذه الحلقات، التعاونيات والورش. ومن ثم انخرطت النساء في مجموعات إنتاجية أكبر ونظمت فروع صناعية من شأنها أن تجلب بشكل أسرع المرأة الشرقية المتأخرة، والتي ربيت بروح انعزالية، رجعية إلى العمل. كما تكونت، في تلك الأعوام المجيدة لثورة أكتوبر، مصانع خاصة بالنساء، من أجل تعجيل انضمامهن إلى العمل. وطبقت أساليب خاصة بالنساء لجلب النساء القرويات إلى العمل الجماعي. وخصصت الدولة أرصدة خاصة لإنشاء مجمعات خاصة وتعاونيات زراعية لفقراء الريف من النشاء ولمكننة العمل في مزارعهن التعاونية ولاحتياجات الثقافة. وقد ضمنت المرأة الفلاحة القروض التسهيلية للحصول على الماشية وغيرها، وعلى البذور والأسمدة. وقدمت لها مساعدات هندسية زراعية مجاناً وأعفيت من الضرائب.
إن نشر التعاون في الزراعة واعتياد النساء العمل الجماعي قد أديا إلى إقلاع جذور الظلم تجاه النساء في الريف، وعمقا عندهن الوعي الطبقي، وبذلك ازداد دور المرأة في الإنتاج الاجتماعي. ويشكل عدد النساء الآن في بعض فروع الاقتصاد الوطني الغالبية الساحقة. ومثال ذلك، تشكل المرأة في الصناعة في طاجكستان 40% من كافة العاملين.
ويبلغ عدد العاملات في تركمانيا 44% من مجموع الكادحين. كما أدى انخراط النساء في النشاط الاجتماعي ـ السياسي دوراً هاماً في تطوير الوعي الاشتراكي لدى نساء الشرق السوفييتي. وتشكل نسبة النساء من نواب طاجكستان 40%.
أما بالنسبة لتعليم المرأة فقد اتخذت تدابير خاصة منبثقة من الظروف الخاصة لحياة شعوب آسيا الوسطى. فقد افتتحت مدارس ومعاهد ودورات تعليمية نسائية. وخصصت للفتيات أماكن ومنح دراسية محددة في المؤسسات التعليمية الواقعة في المناطق الوسطى من الاتحاد السوفييتي. وفتحت الأندية وحلقات النساء، ووفقاً لانتشار الثورة الثقافية، ارتفعت نساء آسيا الوسطى إلى ذرى الثقافة والتعليم، بعد أن كن أميات وفي وضع بائس، وعبدات لا إرادة لهن.
ومما له دلالة خاصة المعدلات السريعة لنمو الملاكات النسائية من حملة الشهادات العليا في جمهوريات الشرق السوفييتي. وفي فترة قصيرة ازداد عدد النساء من حملة الشهادات العليا في طاجكستان إلى أكثر من مرتين، وتشكل النساء من حملة الشهادات العليا والمتوسطة في قرغيزيا اليوم أكثر من نصف العاملين كلهم.
وتشير التجربة التاريخية للشرق السوفييتي إلى الإمكانات الواسعة التي تكمن في الاشتراكية في مسألة تحقيق المساواة الاجتماعية للمرأة.[12]
إن للمرأة العاملة في سورية العربية، مصلحة جوهرية في حماية النظام الوطني التقدمي، وفي تعميق أسس التعاون ما بين أطراف الجبهة الوطنية التقدمية، وفي السير قدماً على طريق التقدم الاجتماعي نحو الاشتراكية. ويتطلب ذلك، تعزيز كل أشكال التعاون والتنسيق مع الأنظمة التقدمية العربية، ومع الشعوب العربية، وتحقيق التضامن العربي على أساس العداء للإمبريالية والصهيونية والرجعية، وعلى أساس ترسيخ أسس الصداقة العربية ـ السوفييتية، وتوسيع وتعميق التعاون مع البلدان الاشتراكية وفي طليعتها الاتحاد السوفييتي. والعمل على توثيق عرى الصداقة والتآزر مع حركة التحرر العالمية، ومع حركة العمال العالمية.
وواضح أن هذا الأمر يرتبط بحماية وتوسيع وتعميق القطاع العام والتعاوني والاستهلاكي وباقي الإنجازات والمكتسبات التي تحققت في صالح الطبقة العاملة وجماهير الفلاحين الفقراء والمثقفين الثوريين. ويرتبط كذلك، بإزالة السلبيات العالقة بهذه القطاعات. كما يرتبط بالدور الأكبر الذي يمكن أن تلعبه الطبقة العاملة في حياة البلاد.
إن السعي الجدي لتخليص الجماهير من كابوس الغلاء وفقدان المواد، ومن أزمة السكن، وأزمة المواصلات وغيرها من القضايا التي تعاني منها الجماهير، سيساعد على جذب أواسط أوسع وأوسع لميدان الإنتاج المتطور.
إن جماهير النساء لا تنفصل عن الجماهير الكادحة بشكل عام، وإن كانت المرأة تعاني الأمرين من مجمل السلبيات التي جرت الإشارة إليها. وتكمن مصالح النساء الأساسية في توسيع الديمقراطية في صالح العمال والفلاحين الفقراء والمثقفين الثوريين، وإيلاء عناية خاصة لمطالبهن العادلة، في المساواة الحقيقية، وإزالة كل مظاهر التمييز على أساس الجنس، وغير ذلك من الأمور التي تعيق أو تؤخر من انجذاب المرأة نحو ميدان العمل المنتج والمتطور. ولا يزال من الضروري العمل والنضال:
– لضمان حق العمل للنساء وتهيئة الظروف المناسبة لممارسة هذا الحق.
– وتطبيق المساواة في الأجر بين النساء والرجال للعمل نفسه.
– وتحسين شروط العمل والتأهيل المهني للنساء.
– وحماية الأمومة.
– والتوسع في إنشاء دور الحضانة ورياض الأطفال.
– ولضمان الحقوق الكاملة للنساء للاشتراك في الحياة السياسية، وتهيئة الشروط المناسبة لممارسة هذه الحقوق.
إن المساهمة الواسعة والنشيطة من قبل جماهير النساء في حياة البلاد الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، يساعد على أن تسير بلادنا في طليعة البلدان العربية، وأن تكون نموذجاً للنضال في سبيل التقدم الاجتماعي الحقيقي، والسلم والاشتراكية.
برنامج الرابطة للعاملات والمستخدمات
كما أقره المؤتمر الخامس للرابطة عام 1972
1- حق العمل للقادرات عليه، وتطبيق مبدأ الأجر المتساوي للعمل المتساوي.
2- تحسين ظروف العمل: كتأمين المواصلات، وظروف العمل الصحية… إلخ.
3- مساواة العاملات بالمستخدمات والموظفات، في الحصول على إجازة أمومة مأجورة، ولنفس المدة.
4- إيجاد نظام معقول يمكن الأمهات الشغيلات من رعاية أطفالهن في حالة المرض.
5- دراسة أوضاع العاملات، اللواتي يعملن في بيوتهن خياطة ـ حياكة ـ نسيج ـ سجاد ـ تريكو ـ كراسي … إلخ ووضع قوانين تضمن حقوقهن في الأجر وشروط العمل.
6- وضع قوانين تنظيم العمل المؤقت والموسمي.
7- المطالبة بتطبيق قانون الحد الأدنى للأجور، لعاملات القطاع الخاص ومنحهن التعويض العائلي.
[1]- د. سلوى الخماش: المرأة العربية والمجتمع التقليدي المتخلف.
[2]- لينين والمرأة.
[3]- د. سلوى الخماش: المصدر نفسه، ص: 39.
[4]- التركيب الطبقي في البلدان النامية، ترجمة: د. داوود حيدر ومصطفى الدباس، ص: 40 – 41.
[5]- فاديم تروبنيكوف، “طريق التطور اللارأسمالي”، ص: 55.
[6]- التركيب الطبقي في البلدان النامية، ترجمة: د. داوود حيدر ومصطفى الدباس، ص: 13.
[7]- راجع فاديم تروبنيكوف، “طريق التطور اللارأسمالي”.
[8]- التركيب الطبقي في البلدان النامية، مرجع سابق، ص: 71 – 72.
[9]- المجموعة الإحصائية السورية لعام 1973.
[10]- إحصاء سنة 1970.
[11]- التركيب الطبقي في البلدان النامية، ترجمة: د. داوود حيدر ومصطفى الدباس، ص: 40.
[12]- بحث ورد في نشرة نوفوستي.