لا مساومة على الحقوق الإنسانية للنساء، ولا مساومة على مطالب الشعوب، هاتين النقطتين أهم ما خرج به التحالف في بيانه الصحفي في نهاية مؤتمر التحالف الاقليمي الثالث في القاهرة ” مساواة بدون تحفظ” حيث اجتمعت عدد من الجميعات النسائية من معظم الدول العربية لتؤكد أهمية مصادقة الدول التي لم تصادق بعد على اتفاقية السيداو وأهمية ازالة التحفظات التي وضعتها الدول العربية بحجج شتى أهمها الشريعة الاسلامية والمصلحة الوطنية.
وظهرت من خلال المؤتمر الانجازات التي قامت بها الجمعيات المناضلة لأجل مساواة المرأة والرجل آخر التطورات في الدول العربية والتي أهمها التحرك الذي تقوم به لبنان لأجل قوننة الزواج المدني وأهمية دعم هذا القانون وتعميمه في كل الدول العربية لما يضمن من حقوق متساوية للمراة والرجل في القوانين..
أما التحالف فقد بدأ منذ 2006 ، تحت عنوان مساواة دون تحفظ، للمطالبة بإزالة التحفظات التي وضعتها معظم الدول العربية على اتفاقية (السيداو) إزالة جميع أشكال التمييز ضد المرأة،
وقد تناولت الجمعيات أهمية تحالف مساواة بدون تحفظ، والإشكاليات التي يواجهها هذا التحالف وتواجهها حقوق المرأة بعد الربيع العربي، وتم وضع ومناقشة الآليات الدولية للفترة القادمة ليضعوا التوصيات الختامية التي تمثلت بعدد من النقاط أهمها عدم التنازل عن المكتسبات وتعزيز قيم المساواة بين الناس واعتبار حقوق المرأة جزء من حقوق الانسان لا مجال للتنازل عنه أو التراجع عن التقدم نحو المساواة الكاملة، وكان للحملة الدولية المتعلقة بالبروتوكول الاختياري ،المرفق باتفاقية ازالة جميع أشكال التمييز ضد المرأة، تأثيراً هاما على اعادة التذكير بأهمية المصادقة عليها كي تسهل امكانية الشكاوى وتقديم التقارير التي تعطي صورة حقيقية عن الوضع في أي بلد من البلدان المصادقة على الاتفاقية، وتم تداول عدد من النقاط الهامة منها الثروة المشتركة بي الزوجين وكيفة تقاسمها بعد انتهاء العلاقة الزوجية بشكل يضمن للرجل والمرأة حقوقا متساوية، وتم تناول قضية الزواج المدني المطروحة حديثا في لبنان وأهم التطورات بشأنها، أما بالنسبة للاجئات الفلسطينيات وأوضاعهن فقد كان لها نصيب في جلسات المؤتمر و كذلك الحديث عن العاملات الأجنبيات وكيفية حمايتهن، وتناول المؤتمر قضايا اقتصاد الرعاية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والمدنية ……وكان جل هذا المؤتمر حول تعزيز مضمون اتفاقية السيداو هذه الاتفاقية التي هي بمثابة لائحة حقوق شاملة للمرأة فتضمن حصولها على المساواة والتحرر من التمييز سواء في الحياة الخاصة أو العامة، كما تتناول العلاقات المتبادلة بين عوالم المرأة، أسرتها وعملها وثقافتها ودينها، وتقر في بنودها وموادها بأن مكانة المرأة قد تختلف أحيانا في المجتمع بسبب نوعها الاجتماعي وعرقها وقوميتها وطبقتها ومهنتها وغيرها من الأسباب، لذلك فهي تحتاج لنصوص ثابته تتعلق بالمساواة، كما تحتوي على جانب مهم آخر وهو أنها تؤكد على أن تحقيق الحقوق الانسانية للمرأة يقع على الدول التي تنتمي اليها، والأهم من ذلك فان الاتفاقية يمكن أن تكون أداة مفيدة في يد المرأة بل وخارطة طريق للتحرك نحو المطالبة بحقوق المرأة وهذا بحسب ما جاء به الدليل المرجعي المتعلق بالبروتوكول الاختياري للاتفاقية ” حقوقنا ليست اختيارية، الدفاع عن تطبيق اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة من خلال البروتوكول الاختياري”
وبما أن القوى الرجعية تستهدف المرأة لذلك العمل يتطلب تعاون بين الاقليم كله في الوطن العربي، وكذلك في معظم دول العالم التي تبدو متطورة لكنها في حقيقة الأمر تستخدم حقوق المرأة في حل مشاكلها، فالرجعية الاسلامية والرأسمالية والعالمية تستهدف المرأة بشكل خاص وهي كلها متشابهة في هذا الموضوع.
ومن هنا يؤكد المؤتمر بأنه علينا اظهار المحاسن لهذه الاتفاقية بشكل دائم لذلك لا بد من التكاتف بين جميع المؤسسات والمنظمات في الدولة لحماية وتنفيذ الاتفاقية، ليأت التساؤل ما هو دورنا كتحالف للحفاظ على المكاسب والحقوق ؟
تقول حفيظة شقير من تونس والتي تمثل الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات : لا زلت أؤمن بالمجتمع المدني القادر على التغيير والذي يسعى الى تحقيق المساواة دون تحفظ والضغط على الحكومات في المجتمع المحلي في الدول العربية التي صادقت على الاتفاقية والعمل على تقديم دساتير بديلة وتبنيها من قبل المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية وإدراج مباديء حقوق الإنسان واعتبار حقوق الإنسان كيان غير قابل للتجزئة وأن تكون الاتفاقية جزء من هذه الحقوق.
أما منار زعيتر من لبنان فتقول:” الثابت الوحيد الغير متغير هو النساء” هو موقف الحكومات من النساء التي تعتبرها النقطة الأضعف لتتلاعب ببساطة في حقوقها. حيث تحتاج المرأة إلى التدابير الخاصة (تمييز ايجابي) لتحقيق المساواة ومن ثم لن تعود بحاجة لتلك التدابير الخاصة،فهناك عوائق اجتماعية تتعارض مع الاتفاقية لذلك الموقف صعب للغاية فيجب أن يكون هنالك حملات ثقافية تعليمية لتطبيق بعض الأدوات لخلق الوعي في المناطق الريفية والمدن….
ومن حيث أن الاتفاقية تتألف من 30 مادة تعرّف من خلالها التمييز ضد المرأة والحقوق التي يجب على المرأة أن تنالها بشكل متساوي مع الرجل، فانها تدرك ان المصادقة عليها لن تكفي بل يجب تطبيق بنود هذه الاتفاقية، حيث صادقت عليها 19 دولة عربية ولم تبقى سوى السودان والصومال لم تصادقا عليها طبعا بالإضافة إلى دولة فلسطين، لكن الجمعيات العاملة تسعى لهذه المصادقة، وتسعى لإزالة التحفظات عن الاتفاقية التي تحفظت عليها معظم الدول العربية عدا اليمن وليبيا وهي عبارة عن عدد من المواد أهمها المادة 16 وهي لبّ الاتفاقية وفي التحفظ عليها يعني أن تتفرغ الاتفاقية من محتواها ..
وقد جاء في مقدمة الاتفاقية أن “التنمية التامة والكاملة لبلد ما ورفاهية العالم، وقضية السلم، تتطلب جميعا أقصى مشاركة ممكنة من جانب المراة على قدم المساواة مع الرجل في جميع الميادين”
وتكشف هذه الاتفاقية بدعوتها الى كفالة الحقوق المتساوية للمرأة بصرف النظر عن حالتها الزوجية في جميع الميادين-من سياسية واجتماعية وثقافية ومدنية-عمق العزلة والقيود المفروضة على المرأة على أساس الجنس لا غير وهي تدعو الى سن التشريعات الوطنية التي تحرم التمييز وتوصي باتخاذ تدابير خاصة مؤقتة للتعجيل بتحقيق المساواة الحقيقية بين الرجل والمرأة وباتخاذ الخطوات التي تستهدف تعديل الأنماط الاجتماعية والثقافية التي تؤدي إلى إدامة هذا التمييز.
رهادة عبدوش
من وقائع المؤتمر الثالث لتحالف مساواة دون تحفظ-سننشر لاحقا البيان الختامي والتوصيات